مسرحية «حكاية نساء من بلادي» ضمن أيام قرطاج لفن العرائس: إلى كل نساء العالـم.. ثرن وافتككن حقوقكن فالحق لا يهدى

التسلية دليل الى العقل ومطية للتفكير حركات الدمية المضحكة احيانا تكون كما السهام تخترق القلب

والفكر معا للتفكير والتسلية وعند فرقة أصدقاء الدمى مطيتهم للنقد والدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الانسان عموما، بمسرح الدمى يدافعون عن الحقوق المنهوبة ويساهمون في توعية الطفل بحقه وواجبه تجاه نفسه ووطنه فالمسرح فعل ناقد والدمية تستطيع قول ما يعجز عنه اللسان البشري في كثير من الفرص.
في قاعة صوفية القلي قدمت مجموعة «اصدقاء الدمى» عرض حكايات لنساء من بلادي عرض اساسه الدمية عرض نقدي يعري المجتمعات العربية والذكورية ينقدها ويدعو إلى تغيير بعض العقليات المناهضة لحقوق المرأة من خلال مسرح الدمى.

المسرح تفاعلي والدمية مطية للنقد
في قاعة صوفية القلي بمدينة الثقافة، تنبعث موسيقى هادئة ورقيقة تبعث في النفس البهجة، ركح صغير فوق الركح وكأننا بحكاية داخل الحكاية،
الحكواتي بشاشية حمراء اللون و لباسه التقليدي يطلّ على الجمهور ويحّييه بلهجة تونسية حدّ تصديق ان محرّك العروسة تونسي، فالفنانة فادية التنير تتقن جيدا اللهجة التونسية، الحكواتي يقدم الى جمهور ايام قرطاج لفن العرائس لمحة عن العرض و المجموعة التي ستقدّم الحكايا.
في عرض «حكايات لنساء بلادي» كان اللقاء مع ثلاثة حكايا جميعها تخص المرأة وتتمحور حول حقوقها في المجتمعات العربية انطلاقا من المجتمع اللبناني خاصة سكان الضيعة، منها تنطلق الكتابة المسرحية

فالبحث في حكايات واقعية لتقدم الى الجمهور اللبناني والعربي والعالمي للتوعية بخصوص حقوق الطفل وحقوق المرأة مع شخصيات هي دمى يحبها الاطفال، في حكايات بلادي يكون موعد الاطفال مع فادية التنير وسهى نادر وتمارا كلداني لتحريك الدمى ونقل حكاياها تلك الدمى التي اشرفت على خلقها تاتيانا بوتشروفا.
الممثلون يتفاعلون مع الدمية فالحزن يتطلب نبرة حزينة والفرح تختلف فيه النبرة والأداء، تميزوا حدّ الابداع في معايشة احاسيس الدمية ونقلوا جزءا من نبض الروح الى دماهم فبدت وكأنها جزء من ذواتهم يلقنونها احاسيسهم ويتماهون معها في افكارهم.

موسيقى ممتعة تتحدث عن الحقوق عن المرأة التي نريد عن الجرأة والقوة موسيقى من غناء رانيا مروة وضياء منصور والكلمات لوفاء الضيقة همزة» بضيعتنا في حكايتنا ابطالها كلها ستات مثال القوّة والجرأة والشطارة، هي الصورة المثالية للمرأة الريفية بلا عنف ولا تمييز وبالحق وبالحريّة تتحق المساواة».
ولان المسرح سينوغرافيا لم تهمل المجموعة النسائية اللبنانية الضوء في العرض فهو يتغير حسب الحكاية مع استعمال لتقنية خيال الضوء ويتغير اللون أيضا حسب الحكاية ومضمونها.

حكايات لنساء من بلادي ميزتها ايضا التفاعل مع الجمهور فالمتفرج جزء من الحكاية من خلال اسئلة توجهها إليهم الدمية أولا وثانيا في كل حكاية يطلبون متطوعين اثنين لتجسيد بقية الحكاية او تقديم حلول لمشاكل مطروحة في الحكاية وبذلك يكون المتفرج جزءا من العرض والأجمل هو حديثهم باللهجة التونسية وطلبهم من الجمهور أن يتحدث بلهجته لانّ «اللهجة لتونسية كتير حلوة» كما تقول فادية التنير.
على الركح تميزت المجموعة اللبنانية بحكاياها التي قدمتها الدمى الصغيرة او دمى الخيط، للجمهور قدموا مجموعة من الحكايات لتوعيتهم وتشجيعهم للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الانسان عموما في مجتمعات لازالت تطرح مسألة المساواة في الارث و زواج القاصرات فهم يدعون الى التغير عبر الدمية والتسلية.

لأنك انثى فانت نبراس الحياة فاحلمي
احلمي تمسكي بحقك في المساواة لا شيء يجبرك على الخنوع تحرري من المجتمع ومعتقداته فالعادات والتقاليد توهنك وتريد تقييدك لاغير، أحلمي وفكري ودعي عقلك يكون سندك وان كان الكلّ ضدّك هكذا تقول الحكاية الاولى «الارث» وتقدم الحكاية قصة الطفلة حياة التي توفي والدها وترك لها قطعة ارض لها ولاخيها، حياة القوية المتعلمة لحالمة تريد تحقيق حلمها لانشاء «منحلة» على ارضها ولكن عمّها يرفض الفكرة تماما من باب ان ليس من حق الفتاة ان ترث الارض « شكلها عيشة المدينة دمرتلو حياتو لاخي» هكذا يتحدث العم عن شقيقه الذي ترك ارثا لابنته ويضيف «عيشة المدينة و كثر العلم افسدت الاخلاق» ، فحياة هنا امرأة حالمة ولكنها تواجه فكر عمّ متعصّب يرفض ان ترث ويرفض ان يكون لها مشروعها الخاص من باب العادات والتقاليد وحديث الناس لانها «ضلع ناقص».

حياة أنموذج عن الفتاة العربية، حياة عينة عن معاناة آلاف النساء وربما الملايين اللواتي يحرمن من حقهن فقط بتعلة كلام الناس ونظرة المجتمع ولان فرقة اصدقاء الدمى تقدم دوما الحلول مع المشاكل فتكون الجدة في الحكاية الاولى المنقذ لحياة فالجدة تحكي حكاية عن ملك في سالف الازمان له ولد يخاف النحل فاجبر كل مربي النحل على مغادرة البلد وبعد سنوات حين مرض قيل له أن دواءه العسل حينها اصدر فرمانا اخر لإرجاع النحل الى المملكة، والعبرة من الحكاية ان النحل مفيد للزراعة ف 35بالمائة من الانتاج الزراعي يعتمد على الحشرات الملقنة خاصة النحل، حياة عمدت الى لابراز ما يستفيده العم من مشروعها حتى وافق على ذلك والعبرة هي دعوة المرأة إلى التمسك بحلمها والبحث عن سبل تحقيقه دون الوقوف امام اول العتبات فالمرأة لم تخلق لتيأس بل خلقت لتكون فعّالة ومدافعة شرسة.

قاومي.. وتمسكي بتباشير الحلم فيك
زواج القاصرات حرمان الطفلة من حقها في التعليم وتزويجها وهي طفلة لم تتخط الرابعة عشرة، حرمانها من التعليم والحياة استجابة للعادات والتقاليد هو محور حكاية من «حكايات نساء بلادي» .
«رنا» طفلة الاربعة عشر عاما تمثل الاف الطفلات اللواتي يزوّجن صغيرات لابن العم تلبية لرغبة كبار القبيلة او العرش او العائلة، رنا الحالمة الضاحكة تجبر على الزواج فقط لانها لا تستطيع الرفض، رنا كالاف الطفلات تحرم من التمتع بطفولتها لتعاني مشاكل الزواج المبكر الصحية والجسدية.
رنا الحالمة تنتقل من مرحلة الطفولة الى الزوجة المسؤولة قبل الخامسة العشرة، هذا حال الاف الطفلات في المجتمعات العربية ولكن في الحكاية تكون رنا اكثر قوة من الحقيقة رنا تدافع عن حقها في العلم لانها تطمح ان تكون شخصية مستقلة وفاعلة في المجتمع. ويطلب من الجمهور حضور اثنين للنقاش والدفاع عن حق رنا في رفض الزواج وبذلك يطرح الممثل المشكل والمتلقي سيحث عن الحل في نقاش وتفاعل يرسّخ فكرة الدفاع عن حقوق الطفلات القاصرات في التعليم «العلم أهم شي للبنت، لإنه الحياة ما مأمنتلها شي... مفروض يكون فيه بإيدها شهادة، تحمي حالها من المجتمع كلّه».
فكرة ستتجسد وترسخ في لا وعي الطفل المتقبل ليؤمن بها ويدافع عنها متى طرحت امامه فالمسرح فعل نقدي يدعو الى التغيير دوما.

المساواة في الاجور؟ الاجر وجب أن يقابل الجهد لاجنس العامل
يجلس على كرسيه الهزاز، يلبس قميصا احمر وبنطلون اسود يحرّك كرسيه للاسترخاء موسيقى هادئة تبعث في النفس الهدوء، ابو طعّان سيد المزرعة يجلس للاسترخاء من بعيد تبدو الدمية حقيقية مع نبرة صوت مضخمة من فادية التنير تصبح الدمية اقرب الى الحقيقة، يتغير الضوء ليصبح اصفر كألوان الخريف وكأنه يعلن عن انطلاق المشكل.
في أقصى الركح امرأة تتحرك ببطء بفستانها الطويل الموشى بالالوان وغطائها الريفي تقترب لتحدثه عن «أبو صالح الذي سقط في العمل واضطر للجلوس بالبيت وتساله عن التأمين» فيجيب ابو طعان «انا ابو طعان سيد المزرعة القانون ما بيجربني اعمل تامين» بعد نقاش يقتنع ابو طعان بضرورة عمل ام صالح في المزرعة معه، تعمل لتنقذ المحصول

وتؤمّن رزقها ولكن يوم حصولها على اجرها يكون نصف ما كان يحصل عليه زوجها تساله فيجيب «كيف بدك الست تاخذ اجر مثل الرجال؟».

فالمشكل في الحكاية طرح مسالة المساواة في الاجر بين المرأة والرجل فهما يقومان بنفس المهام وأحيانا تعمل المرأة أكثر ولكنها تتحصل على اجر اقلّ ظاهرة منتشرة في كل الدول العربية ومنها تونس فالعاملات في الحقول او جني الزيتون يتحصّلن على نصف اجر العامل الذكر.
من الركح الى لقاعة لمحاولة اقناع المشغّل باعطاء العاملة اجرها كاملا دون نقصان ومحاولة اقناعه ان الاجر يقدّر حسب العمل لا جنس العامل، مشكل يطرحه المسرح ولازالت تعاني منه المرأة العاملة في بلدان لا تحترم جهدها ولا فكرها وإنما تحرمها من حقها فقط لانها «انثى».
ساعة من النقد ساعة من الحكايا والتفاعل مع الجمهور في حكايات لنساء من بلادي حكايات تنطلق من المحلي اللبناني ولكنها تشترك في الهاجس الجماعي الانساني ساعة من التسلية والاضحاك لايصال رسائل تدعو المرأة لتتحرر لتكون اقوى لانها خلقت لتكون «ثورة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115