فيلم «عكّاز» لعزيز مرجان بقاعة الطاهر شريعة بمدينة الثقافة: نور الدين الخالدي فنان ينتظر لفتة ليعيش فهل من مجيب؟

الكاميرا سلاح الصادقين والفن سلاح الحالمين، في تماهي الكاميرا مع صدق الفنان

يكون لقاء المتفرج مع فيلم يرشح بكل تعابير الانسانية فيلم وثائقي هو وثيقة حقيقية للتعبير عن معاناة الفنان في هذا الوطن وثيقة للكشف عن مأساة من اتخذ الفن مطيته للحلم والحياة.
بالكاميرا يحملك المخرج عزيز مرجان ابن نادي سينما زغوان الى مدينته زغوان لينقل حياة الفنان نور الدين الخالدي الرسام العصامي الذي كتب الياذته على حيطان مدارس زغوان وصرخ بعصاه التي اتخذها ريشة «انا حيّ بفني، انا خالد وان نستني الدولة».

انا فنان الرسم حياة
موسيقي حزينة تعلن عن انطلاق الفيلم، فرشاة موشاة باللون الازرق تظهر في الشاشة سماوية اللون كدلالة على الانطلاق و الامتداد وهي رمز السماء عصا طويلة تحركها يد خفية ليصبح الحائط جميلا ، الوان وضعت على القاعة في قوارير بلاستيكية بين الاصفر كعدمية الواقع والأخضر لون الأمل والأسود القاتم وكأنه حال المكان فزهري ممتع، تقترب الكاميرا تدريجيا من الشخص صاحب الفرشاة، تجدك امام رجل اسمر البشرة اشعث الشعر تركت السنون علاماتها على محياه مهلهل الثياب السنون كتبت جميع تعاليمها على فمه وأسنانه، تنزل الكاميرا تدريجيا الى ملابسه فطريقته في الجلوس، امام حائط ما جلس القرفصاء وعصاه اتخذ منها ريشة للرسم «في الطفولة تعرضت الى حادث ما وأجريت 3 عمليات على ساقي»، هو الفنان التشكيلي العصامي نور الدين الخالدي» انا فنان، بداخلي رسام يعشق الالوان ومظهري مظهر طلاّب «متسوّل» هكذا يخبر الكاميرا عن نفسه.

نورالدين الخالدي فنان اتخذ من الرسم دينا له، يعشق الالوان نظرا لعجزه عن الوقوف بسبب مشكل ساقه يجلس ويرسم و يربط الفرشاة بعصاه ليستطيع الرسم و التلوين بأريحية، نور الدين الخالدي تونسي الجنسية ينتمي الى عالم الفن برسمه ولوحاته بألوانه الناطقة بالحياة بامضائه تحت كل لوحة، فنان ينتمي الى هذا الوطن برسومات ترشح حبا وإنسانية وأملا رغم الوجيعة والفقر و النسيان، فنان «نعم نحلم ونحب الألوان انا فنان وبالألوان نحس بوجودي» .

رسام عصامي هاجسه كتابة اجمل التراتيل ورسم اجمل اللوحات يستعمل كثيرا الالوان الزاهية ربما للتعبير عن وجيعة داخلية ويحاول تزيين واقعه ومعانقة الحلك بالريشة واللّون، من عصاه او عكازه اتخذ فرشاة ليحلم «عصاي متعددة الاختصاصات، هي عكازي وسندي للمشي و الوقوف وهي فرشاة ايضا عصاي تشبه عصا موسى» ، لاكثر من 10دقائق تغوص الكاميرا في تفاصيل نور الدين الخالدي تسمع حكاياه ووجيعته تلامس المه المعكوس في لوحاته تلامس قصة فنان حقيقي وصادق يعيش لفنه يحلم ويرسم الفرحة والامل وان افتقدها يحاول تقديمها في لوحات جميلة يصرخ معها انه «حيّ وحيّ» و الفن رسالة انسانية.

حين يقتل الوطن ابناءه بالنسيان
فنــان عصـــامي التكوين، نور الدين الخالدي تونسي ينتمي الى هذا الوطن ، فنان عشق الالوان والرسومات فكانت رسوماته عنوانا لامل يسكنه من الفن قاوم العجز و قسوة الواقع وظلمه، في وطن ينسى فنانيه ولد في وطن يرمي الى فنانيه «بطاقة معاق وما يعطينيش دينار» على حد تعبير الخالدي ولد الفنان، في زغوان تعلم حب الرسم، منذ النعومة كان الفن هاجسه ومهربه.

فنان يفترش الارض و يتخذ من الحيطان ملجأه ومتكأه ليبدع «الحاكم الجديد يظنني متسول وحين يخبره ابناء الجهة انني فنان فقط اجلس وارسم هنا حينها يتركوني» كما جاء في الفيلم. رسوماته بطاقة هويته و الحيطان التي زينها عنوان لوجوده «قمت بتزيين 125 مدرسة، انا اتكفل بمهمة الرسم واترك للتلاميذ حرية التلوين»، الحيطان تعرفه والألوان كذلك اما السلطة فربما تنسى وجوده «اسمو الضياع الاجتماعي ليس الضمان الاجتماعي» كما يقول على احدى مؤسسات الدولة التي تقتل ابناءها بالتهميش «ثمة موتى وهما حيين» اي ان ارواحهم ماتت رغم حياة اجسادهم والخالدي احد الموتى على هذه الارض كما يقول في الفيلم.

نور الدين الخالدي فنان لازال ينتظر لفتة، فنان لازال ينتظر رسالة اعتراف بكل الامل الذي رسمه على حيطان المدارس الخالدي الفنان الانسان كغيره من الفنانين ينتظر تكريما أو اعترافا بفنه وبوجوده ورسالته، الخالدي ينتظر فهل ستلتفت الدولة الى فنان منسي فنان يجلس جلسة «المتسولين» ليرسم اجمل اللوحات، فنان لازال يحلم فنان عشق فنه حد القول»لا اريد شيئا وصيتي بعد موتي ضعوا الفرشاة والالوان فوق قبري» فهل من التفاتة الى هذ الفنان؟ هل من لفتة من وزارة الشؤون الثقافية الى رسام قدم لوحات عديدة بامكانياته الخاصة «اللوحة اصنعها بنفسي، القماش اربطه جيدا بالخيط ليصبح صالحا للرسم» فنان من اللاشيء يصنع لوحاته ويملؤه بهاجس الحلم، فهل سيشجعونه على الحلم أم سيجهضونه؟.
في عكاز ابدع عزيز مرجان في تقديم فيلم وثيقة فيلم انساني يقدم معاناة فنان من فناني هذا الوطن، بالسينما عبّر المخرج الشاب عن وجيعة المئات من الفنانين المنسيين فيلم موجع فهل سيوقظ الضمائر النائمة؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115