Print this page

عرض «كاتيدرال» لـ Patricia Guerrero في مهرجان الحمامات الدولي: لانّك أنثى.. جسدك معبد للحلم و رقصك كتاب مقدّس ...

قاومي، لا تستسلمي خلقت لتكوني حرة أبدا قاومي الظلم الاجتماعي و التزييف الديني وكلما سقطت اصنعي من تلك الهوة قوّة لتنهضي اجمل وأقوى قاومي

سيدتي فقد خلقك الرب لتكوني حرّة دائما، خلقت لتكوني رمز السعادة والبهجة والقوة، انت امرأة والمرأة صوتها جمرة وحضورها ثورة ورقصها حياة فهلاّ حملتنا معك الى عالمك الصاخب الصادق.
هكذا تصرخ الاجساد و تغني الاقدام وهي ترسم نوتات التمرد في عرض «كاتيدرال» للراقصة الاسبانية patricia guerrero عرض هو دعوة صارخة للحرية للثورة ولإعلان التمرد الابدي على كلّ سلطة تحاول تدنيس الرقص وتقييد الجسد.

سيدتي...ارقصي فرقصك مقدّس
جسدك ثورة، جسدك عنوان للولادة المتجددة، جسدك حياة فارقصي، قاومي بالرقص، قاومي واتركي لجسدك حقه في كتابة انتفاضته الخاصة انتفاضة تنطلق من الضرب على الركح بقوة تعادل صرخاتك الداخلية، موسيقى صاخبة، الالات الايقاعية الاسبانية التقليدية توسطت الركح، الركح مقسم في شكل مربعات وكأنك تكتشف خبايا الكنيسة، صوت القدّاس والتراتيل تسمعه.

فامرأة بالأسود كما الاخت تتحرك تدريجيا تداعب جسدها وتدعوه للتماهي مع الموسيقى وكلما ارتفع نسق الايقاع تزايدت الحركات و اصبح رقصا حقيقيا لرقصة الفلامنكو الثائرة والمتمرد.

في الحمامات كان اللقاء استثنائي مع عرض جد استثنائيا، صوت هدير الموج يعاند الالات الايقاعية فيغلبها حينا ويهدئ احيانا تاركا المجال لأقدام الراقصة لتعبّر عن صرخات النساء منذ البدء، صرخات ضد الظلم الاجتماعي و الديني ، برقصها تحملك باتريسيا الى الكنيسة الى المسيحية التي حرّمت الرقص ايضا مثل الاسلام، الى داخل الكنيسة ستحملك ومنها ستكتب ثورتها وترقص و هي وبقية الاخوات، فالرقص عندها دين اسمى من كل الاديان.

تنتفض تتحرك بسرعة تضرب القاعة فيخرج صوت عال ، تنخفض الموسيقى تدريجيا ويخرج قداس يلبسون اللون الاحمر يقرؤون تراتيلهم، ثم اربعة نساء بالاسود ايضا ليجابهوا التراتيل بالرقص رافضين مقولة في كتاب التقنين القدسي « إن هذا المجمع المقدس المسكوني يمنع..الرقص.. وكل من استخف بهذا القانون.. فليسقط (من رتبته) إن كان إكليريكياً (كاهنا أو شماسا) وليقطع (أي يفرز من الكنيسة) إن كان عامياً».

ولكن باتريسيا كتبت بجسدها قانونا جديدا يتحدى كل ما كتب وقيل في لغة الجسد ودنسها، باتريسيا سنت قانونا للحياة للرقص قانون ينتفض فيه الجسد ليعبر عن صدقه مع الموجود والموسيقى ففي العرض في مشهد اول تنسحب الراقصات بمجرد دخول القداس ينسحبن منكسي الرؤوس وكأنهم يطلبن الغفران، ينسحبن وقبل الوصول الى اخر الركح، يثرن ويعدن للرقص بكل عنفوان وينزعن الاسود الخارجي في اشارة الى التخلص من كل القيود الاجتماعية والدينية ويرقصن وكلما تسارعت الحركات انسحب القداس تدريجيا حتى يصبح المكان فقط للراقصات للجسد للغته الصادقة ولثورته التي لن تفنى.

في عرض كاتيدرال تقدم باتريسيا رسالة الى النساء ليحررن اجسادهنّ فجميعنا نرقص في لحظات السعادة حتى الراهبات ورجـــال الكنيســة جميعنا نتفـــاعل ونرقص ، بجسدها كتبت الياذة للحرية ونقدت كل القيود الاجتماعية الدينية التي تحاول تكبيل جسد المرأة منذ الازل ودعتهم للرقص والموسيقى لانهم اخيار فالاشرار لا يرقصون.

الفلامنكو...ولادة ابدية للمقاومة
يكتبون تفاصيل الثورة باقدامهم، رقصات لها صوت خاص وحركات اكثر خصوصية، الفلامنكو الرقصة الغجريــة رقصة المضطهـــــــدين والمنسيين، رقصة الحالمين و الباحثين عن وطن وملجأ رقصة العظماء الذين رفضوا الانصياع للكنيسة و الاباطرة، رقصة اختلفت الكتابات عن اصولها وميلادها ولكن الكل اشترك في القول انها

رقصة للولادة وكتابة الحياة من جديد فالفلامنكو رقصة تبعث الارواح من موتها و تحيي الاجساد من العدم وتؤسس لحياة جديدة لكل من يمارسها.

الى اسبانيا يحملك عرض كاتيدرال الى الغجر وحكاياهم تأخذك الموسيقى الى حركات شعب جوّال جاب كل اصقاع البسيطة من افريقيا الى اسيا واوربا و الهند وامريكا ومصر واينما حلوّا تركوا لأجسادهم حرية التعبير عنهم وهويتهم، حتى سكنوا اسبانيا الى جانب الموريسكيين في القرى، ألفوا المكان وتماهوا مع الفضاء واسسوا لرقصة الفلامنكو في القرن 18 الذي عرف ولادة حقيقية لرقصة الفلامنكو المتأثرة بمزيج الثقافات لعربية والاندلسية والاسبانية وكل الدول التي مرّ بها الغجر في تجوالهم.

تتحرك باتريسيا بقوة على الركح صحبة موسيقى القيثارة، موسيقاها حزينة وكانها هادئة كانها تحمل الحضور الى سحر غرناطة و مقامات زرياب الذي حمل معه المقامات العربية الى اسبانيا، ترتفع موسيقى القيثارة وتصبح حزينة وكانها تعبير عن احزان غارسيا لوركا شاعر الحرية، حركات الاقدام السريعة تشد الانتباه، الى اسبانيا تحديدا المثلث «اشبيلية» و«حزيث» وموانئ «بويرتو قاديس» و»بويرتو ساتنا ماريا» و»بويرتو مور بال» تاخذ جمهورها ليكتشف ولادة رقصة الفلامنكو تلك الرقصة المبهرة و التي تدعو الى ولادة متجددة وثورة دائمة، رقصة الحرية يكون فيها الجسد شعلة ملتهبة لا تنطفئ.
لساعة ونصف رقصت الاجساد وعبرت عن رفضها للقيود المفروضة على المرأة باسم المجتمع والدين لساعة ونصف الجمهور صامت منتبه وكانه يمارس طقوس الصلاة، صلاة مختلفة لها تعاليمها الخاصة صلاة للحب.

المشاركة في هذا المقال