Print this page

مرايا وشظايا: من الاجتماعات السياسية إلى حفلات التخرج: مدينة الثقافة أم قاعة أفراح؟!

كمن يسقي الأرض عرقا ودمعا فيقطف غيره الزهر والثمر، وكمن يبعث من العدم حلما وأملا فينعم غيره بولادة الأفق الأجمل... كان افتتاح

مدينة الثقافة بعد مخاض عسير وانتظار طويل وسؤال ملّح من قبل أهل الفكر والفن. ولكن هل كانت مدينة للثقافة حقا مدينة المثقفين والفنانين والمبدعين؟
مساء أول أمس الخميس كانت السيارات تتزاحم في الوقوف والتوقف أمام مبنى مدينة الثقافة حتى تحوّل الشارع الطويل إلى مأوى عربات... ما الخطب؟ طبعا من الصعب أن يحشد حدث ثقافي كل هذه الجموع، ونحن للأسف في بلد نادرا ما يصطف مواطنوه أمام أبواب المسارح ولكنهم يتزاحمون كل يوم أمام محلات الأكلة السريعة!
المناسبة تمثلت في أن مدينة الثقافة تحتضن حفل تخرج طلبة إحدى المؤسسات الجامعية الخاصة في مبنى مؤسسة عمومية المفروض أن طبيعة نشاطها تقتصر على الثقافة !
والأدهى والأمر أن وزارة الشؤون الثقافية نشرت على صفحتها الرسمية أكثر من صورة للحفل بدل نقل صور وأخبار التظاهرات والمواعيد الثقافية هنا وهناك، وفي الجهات الداخلية التي تقاوم التهميش بالفن!
ومن المضحكات المبكيات أنه في الوقت الذي يسيل فيه لعاب الكثير من الهيئات والمؤسسات والجهات أمام فخامة مبنى مدينة الثقافة فيطمعون في غزوها بطريقة أو بأخرى... فإن إدارة مهرجان قرطاج الدولي خيّرت أن تعقد الندوات الصحفية لفناني الدورة 54 في أحد النزل المجاورة عوض مدينة الثقافة في إضاعة فرصة الترويج لصورة تونس الفنية خصوصا عند تعريف الفنانين الأجانب بهذا الإنجاز التاريخي والذي من الصعب أن يتكرر مرتين !
هي ليست المرة الأولى التي تحيد فيها مدينة الثقافة عن مسارها وتخالف تسميتها.. فقد سبق أن تحوّلت قاعاتها ومسارحها إلى حلبة للسياسيين واحتفالاتهم ومناسباتهم... وهاهي اليوم تحتضن حفلات التخرج من المؤسسات الخاصة، وقد يكون القادم أفظع ؟
وإن صدر بعد الثورة منشور يحجّر على دور الثقافة أن تحتضن الأنشطة السياسية، فما بالنا بمدينة الثقافة؟
كان ثمن تشييد مدينة الثقافة 150 مليون دينار من مال الشعب و20 سنة من الانتظار من طرف أهل الفن والثقافة ليكون لهم بيت محترم وفضاءات تشجع على العطاء والإبداع...
وكما تدل عليها تسميتها فإن لمدينة الثقافة سكانها وضيوفها المعروفين... وهي ليست صالحة للتسويغ والاستغلال كقاعة أفراح 

المشاركة في هذا المقال