رسالة غير مباشرة إلى وزير الثّقافة ورئيس الحكومة: من الروائيّة والقاصّة حفيظة قاره بيبان

السّيد رئيس رابطة الكتّاب الأحرار
الأستاذ المناضل جلول عزّونة
تحيّة وسلاما

 

قد تفاجئكم رسالتي، فعلاقة الزمالة والأخوة التي تجمعنا من أيام لقاءاتنا الأولى بنادي القصة أكبر من الرسائل الرسمية. ولكن، وقبل تقديم ما اضطرني إلى مراسلتكم، اسمحوا لي بالعودة إلى البداية.
إيمانا بمبادئ رابطة الكتاب الأحرار، كان انضمامي بدعوة منكم إليها. وسعيا للعمل الثقافي الجاد والمبتكر، كان تأسيس فرع الرابطة ببنزرت، بتشجيعكم ودعمكم. وانطلقنا من يوم التأسيس في جوان 2014، تأخذنا الحماسة والحلم بجعل المدينة منارة ثقافية لا وطنية فقط، بل عربية، وكان شعارنا الأول الذي رفعناه في كل لقاءاتنا «إنقاذ البلاد بالثقافة».فكان النشاط الزاخر الذي لفت إليه الأنظار.

• إنجازات فرع رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت خلال 4 سنوات:
من جوان 2014 إلى جوان 2018
بدعم خاص منكم - رغم كل الصعوبات- ومن المندوبية الجهوية للثقافة ببنزرت تم:
1 - تأسيس تظاهرة مسرح الكلمات وتنظيم 3 دورات منها في يوم الأرض بمشاركة الفنانين الكبارجليلة بكار، جمال المدايني، عادل بوعلاق، لطفي التركي، مع تلاميذ المعاهد وشباب جمعية النهضة التمثيلية وبالتعاون مع جمعية أحباء المكتبة والكتاب ببنزرت.
-كانت التظاهرة فرصة لتقديم أكثر من 20 نصا(سرديا وشعريا) ممسرحة، جلها لكتاب تونسيين.
2 - تأسيس أول ملتقى للرواية العربية بالشمال التونسي، بمدينة بنزرت.
3 - تنظيم دورتين2 من الملتقى الدولي للرواية العربية ببنزرت حول «التاريخ والسياسة في الرواية العربية» في 2015 و»الرواية والعنف» في 2017، بمشاركة نقاد وروائيين كبار من العالم العربي مثل د.شعيب حليفي ود.زهور كرام من المغرب، إبراهيم عبد المجيد ود.حسين حمودة من مصر، عذاب الركابي ومحمد الحياوي من العراق، د.محمد ساري ود.آمنة بلعلا من الجزائر، د.محمد عبيد الله من الأردن ود.أحمد إبراهيم الفقيه من ليبيا.
ومن تونس، د.شكري المبخوت ود.مصطفى الكيلاني ود.جليلة طريطر ود.محمد آيت ميهوب ود.سعدية بن سالم والأساتذة رضا بن صالح وفاطمة الأخضر ومحمد الجبالي ود.عبد القادر العليمي ومسعودة بوبكر وغيرهم.
4 - إعداد كتاب بأعمال الملتقى في دورتيه الأولى والثانية بتحرير ومراجعة د.محمد آيت ميهوب والأستاذة منية قاره بيبان (يصدر قريبا).
5 - تنظيم عشرات الندوات، بعضها في المعاهد حول «الشباب والمستقبل،» «الثقافة والإعلام»، «الثقافة والتعليم»، «أيّ شعر الآن؟» وغيرها من المواضيع الهامة، إضافة إلى تقديم الكتب الجديدة المتميزة، فكان من ضيوفنا المفكر يوسف الصديق، ود.شكري مبخوت، وأستاذ علم الاجتماع د.محمد الجويلي والمؤرخ د.محمد الهادي التيمومي والإعلاميان القديران محمد بن رجب وآمال الشاهد، والمدرب الدولي في التنمية البشرية شكري العياري ود.الأمين بوعزيزي وغيرهم.
مع التعاون مع عديد الجمعيات الثقافية لودادية قدماء معاهد بنزرت وجمعية أحباء المكتبة والكتاب ببنزرت.
6 - استضافة الشاعر الأردني الكبير د.راشد عيسى (مع العلم أن استضافته تمت دون تكاليف غير منحة لعازف العود المرحوم جمال بوصندل ب70 د وهدية رمزية للشاعر الضيف.

• اعتراف عربي ولكن ...
من أهم غاياتنا كان تقديم العمل المتميز والمبتكر واستقطاب الشباب وتزاوج الفنون مع الإعداد الجيد الطويل لكل لقاء وتظاهرة، ما حقق نجاحا لفت أنظار كل المهتمين بالشأن الثقافي في تونس واعترافا عربيا عبر عنه كل من زارنا،سجلته الشهادات والكتابات من بعض هذه الأصداء ما عبر عنه الناقد المغربي الجاد القدير د.شعيب الحليفي:
أودّ أن أجدّد لك شكري ومحبتي العالية بك وبكل الفريق الرائع. على حسن الضيافة وكرمها والاستمتاع بندوة حقيقية.
أرجو أن تستمروا في هذا الإبداع فأنتم تبنون صرحا كبيرا في ثقافتنا مع خالص تقديري لك مبدعة وفاعلة ولمنية ولكل الأصدقاء والصديقات.
كما عبر عن ذلك الكاتب الكبير عذاب الركابي في هذه الكلمات:
كتبت على صفحتي في الفيس بوك يوم أمس عن النجاح الذي حققه ملتقى الرواية في دورته الثانية ما لم يتحقق في أي لقاء آخر حضرته، وأوعزت ذلك إلى اللجنة المنظمة للملتقى المنبثقة من رابطة الكتّاب الأحرار، وقلت أن الملتقى مستوفٍ لكل شروط النجاح والتفوق إدارة وموضوعاً وفكراً وإبداعاً وهدفاً..وشكرت عديد الأسماء التونسية التي أظهرت جهداً كبيراً، وكانت سبباً في هذا النجاح.

• ومع ما يفرض عملنا التطوعي القائم على الإيمان بأن الثقافة النيرة الراقية هي سبيل الثورة الحقيقية للشعوب، رغم ما يفرض من تضحيات، واصلنا متصدين لكل العراقيل.
ولكن، يبدو أن الارتباك الذي عليه تونس وعدم القدرة على مقاومة الفساد الذي تمكن من جل المؤسسات،قد ألقى بشباكه أكثر على المجال الثقافي، لتكبل العراقيل المتزايدة العطاء الجاد ،والجمعيات والنوادي العريقة، أمام عجز عن التفريق بين العامل الشريف الحقيقي والمزيّف واللصّ المحتال-
يتم هذا تحت عنوان «موافقة مراقب المصاريف» الذي أصبح لا قرار لمسؤول مهما علا، حتى لوكان مدير الديوان أوالوزير، غير قراره ( كما حدث أمام ملف طلب المنحة المخصصة للجمعيات، لرابطة الكتاب الأحراربتونس للسنة الماضية، رغم موافقة مديرة الديوان وقتها).
«موافقة مراقب المصاريف « في لجان الدعم، عنوان ظاهره الشفافية والقانون وباطنه تكبيل للعمل الثقافي الجاد والناقد الذي لايروق للسلطان الآني النظرة، مهما ادعى التقدمية، فينشر عمى القانون الجامد والمضحك أحيانا، بينما اللصوص في المجال الثقافي وغيره يرتعون بمختلف الحيل والأقنعة باسم القانون.
الأمر لا يتعلق بأشخاص بقدر ما يتعلق بمنظومة كاملة لا ترى في العمل الثقافي غير البهرج والمظاهر.

• البيروقراطية المتضخمة واختلال المنظومة:
1 - تعودنا على تقديم ملف ب12 وثيقة( حسب الورقة الموزعة من وزارة الثقافة) للحصول على الدعم السنوي المخصص للجمعيات الثقافية- وهذا ماتم في مطلب الدعم لسنة 2018.
2 - ولكننا صدمنا بمطالب إضافية لقبول الملف بعنوان» استمارة لطلب تمويل عمومي».
عبارة عن كتيب من 8 ص بتفاصيل دقيقة ، تنضاف إلى 12 وثيقة السابقة.
تسلحنا بالصبر، ومع إضاعة الجهد والوقت في التفاصيل، تم إعداد الاستمارة وإضافتها.
3 - أخيرا، تم إعلامنا بالموافقة على منحة بألفي دينار، على شرط تقديم 3 وثائق (2 اختفيتا من الملف ويمكن تعويضها) والثالثة الهامة والجديدة «شهادة في الوضعية الجبائية لدى الصندوق القومي للحيطة الاجتماعية»، وثيقة لم ترد في الورقة المخصصة من الوزارة والمحددة للوثائق المطلوبة للدعم، ولا في الاستمارة الجديدة،ولم تطلب البتة طيلة السنوات الماضية.
إضافة إلى علم المسؤولين بأن فرع الرابطة ببنزرت يعتمد على أعضائه المتطوعين فقط ولا قدرة له على تشغيل أحد.

• الدائرة المفرغة:
حرصنا على إتمام الملف واتصل أمين المال المساعد بالصندوق القومي للحيطة الاجتماعية للحصول على شهادة في عدم الانخراط في الصندوق وإذا أوراق جديدة تطلب «بطاقة تعريف رئيس الرابطة والقانون الأساسي»
ورغم عودة المسؤول المالي بالمطلوب ، لم يحصل على غير توصيل ودعوة للعودة بعد أيام-
تسلحنا بالصبر ومضيت بعد أيام، بصفتي رئيسة الفرع، للحصول أخيرا على الورقة المطلوبة- وإذا بالجواب بأن الملف (الخطير) لم يقع النظر فيه بعد وبأنه يمكنني الاتصال بالمراقبين الماليين في الطابق الثاني-
منيت النفس بأن مقابلة المتصرف المالي ستوضح الأمور وتنهي الإشكال ، ولكن في المكتب الأول الذي دخلته، حيث السيدة المراقبة المالية، أواجه بجهل تام برابطة الكتاب الأحرار وأسئلة غريبة تصلح لقصة سريالية قادمة وطلبات جديدة بوثائق الأربع سنوات الماضية مع التقارير الأدبية والمالية.

• انفجرت أسئلتي وقد عيل صبري:
- لماذا لم تطلب هذه الأوراق سابقا؟
- ما دخل مؤسسة لا علاقة لنا بها لتطلب أكداسا من الأوراق الخاصة بفرع رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت حتى تقدم أخيرا ورقة عدم انخراط؟
- ألا يمكن اختصار المسافات بالتثبت في أسماء الجمعيات المنخرطة، وبالتالي التأكد من عدم انخراط جمعية ما؟
- ولم كل هذه الاستهانة بالمواطن حتى تُقدَّم طلبات الإدارة التونسية بالأقساط لتدوخه في حلقة مفرغة وتهدر معه الوقت والجهد والمال؟ إضافة إلى التعامل مع الكاتب النشيط المبادر للعمل الثقافي كمنحرف مطارد؟
- ويلح السؤال الحارق:
- إلى متى سيظل هذا الخلط وعدم التفريق بين الجادّ الشريف والمثابر مع اللصّ المحتال، ووضع الجميع في قفص اتهام يعرقل المبادرات ويحبط العزائم؟
- وأخيرا، أين هي مقترحاتنا لوزارة الثقافة التي قدمناها،معا، خلال مقابلتنا للوزيرين الأخيرين؟
- وإلى متى هذا «الغياب لسياسة ثقافية شاملة وعادلة تؤسس علاقاتها مع الفنانين- والكتاب- لا على اعتبارات بيروقراطية سخيفة بل على برنامج عمل وخطة مدروسة»؟ على حد تعبير توفيق الجبالي، سياسة لا تتعامل بمنطق الاتهام والمطاردة.
سيدي رئيس رابطة الكتاب الأحرار
أمام هذا الوضع الخانق المهين، اسمحوا لي بأن أرفع إليكم استقالتي من مسؤولية رئاسة فرع رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت (أنشط الفروع كما كررتم مرارا في اجتماعاتكم).
وأعتذر لكل الذين منحوني ثقتهم وساءهم قراري ولكني أعدهم وأعدكم بأني – مهما تردى الواقع –
سأظل أقاوم، لا من خلال العمل الجمعياتي وتنظيم التظاهرات والندوات الثقافية ، بل من خلال فردانيتي وعملي الحرّ الأبقى والأسمى:

الكاتبة حفيظة قاره بيبان
- بنت البحر -

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115