عرض «a ma place» لأميرة الشبلي بقاعة الفن الرابع: سيّدتي ثوري فجسدك ثورة

هل تساءلتِ عن جسدك يوما؟ هل حاولت فهم كل التناقض والاختلاف بينك وبين أخيك؟

هلا تعرضت للظلم والضيم والتفرقة بسبب انك «فتاة»؟ هل شعرت بالتمييز لان جسدك مختلف عن جسده وأنت لازلت تتعلمين خطواتك الاولى وتحاولين فهم العالم الخارجي؟ اي الاهانات كانت اشد قسوة؟ هل نسيتِ كل ما عشتهِ في طفولتك ام هناك رواسب لن تمحى؟
اسئلة عديدة عن المرأة عن جنسها عن دورها وموقعها في المجتمع طرحتها اميرة الشبلي بجسدها، وكتبت عن المرأة عن وضعها وحقوقها واحلامها ووجيعتها ووجيعة المرأة لن تعبّر عنها إلا امرأة عاشقة لتلك اللغة الصامتة.

أنا ، انتِ هنّ جميعنا ثورة للحياة والحب
موسيقى صاخبة وكانها صوت لثورة وغليان داخلي يسكن امرأة تشعر بالظلم والضيم فقط لان جسدها مختلف، الى تلك التي قالوا عنها «عورة» الى من سمعت كثيرا في طفولتها كلمة «عيب، استر روحك» الى التي تساءلت عن سبب منعها من اللعب في الشارع مع اترابها وابناء عمومتها فيجيبونها «انت مرا والمرا بلاصتها في الدار» الى تلك الحالمة بالنجاح والتفوق فزوجوها قصرا الى ابن عمها الاكبر طبقا للعادات والتقاليد، الى التي حرمها المجتمع الذكوري من العلم والحلم فقط لانها امراة، اليك انت سيدتي ان حرمتِ يوما مما تحبين فقط لأنك امرأة، اليك قارئتي العزيزة إن شعرتِ يوما بظلم من المجتمع او العائلة او الاخر فقط لأنك انثى الى كل نساء البسيطة مهما اختلف اللون والعرق والدين والانتماء اهدت اميرة الشبلي عرضها a ma place.

عرض راقص يكون فيه الجسد صوت المرأة صوت الثورة ورفض تقييد فكرها وأحلامها لانها انثى، جسد اميرة الشبلي بحركاته المضطربة على الركح في تماهيه مع الموسيقى الصاخبة هو عنوان لكل اجساد النساء عنوان لأفكار تريد ان تتحرر وأحلام تريد ان تطبّق وضحكة مرسومة على المحيّا لامرأة عاشقة لذاتها لاختلافها ولأنها أنثى، أميرة الشبلي تحدثت عنّي وعنكِ عن معاناتك وعن آهاتكِ وعن أحلامنا الجماعية وأفكارنا المشتركة، عن اجسادنا المختلفة وعن هواجسنا المشتركة، عرض مزجت فيه بين السينما و الكوريغرافيا والموسيقى، اميرة الشبلي لم تحدث جمهور قاعة الفن الرابع عن نفسها وانما شاركت الجمهور حكايات هندة الشناوي وأحلام بلحاج وجليلة حفصية وماجي بوريس وامل بنت نادية ومنية بن جاميه وغيرهنّ من النساء. لقد شاركت افكارها مع نساء من مختلف الجنسيات جميعهنّ وان اختلفت جنسياتهنّ او ألوانهنّ او افكارهنّ تشاركن ذات يوم معاناة الاختلاف.
جسد مضطرب، حركات سريعة، تحسس للجسد وكانها تبحث عن تفاصيله وتحاول اكتشاف خباياه دعوة للثورة وللتصالح مع الذات فالانثى وطن للحلم وولادة متجددة للامل.

جسدي هوية وجسدكِ لغة نابضة بالحياة
«هدوء في الموسيقى، ينخفض الايقاع تجلس الكوريغراف في الزاوية، ضوء اصفر مميت وكانه عنوان لوجيعة داخلية، على الشاشة الكبرى نسوة تحدثن عن أنوثتهنّ عن انوثتهنّ عن المجتمع، عن الواقع عن احلامهنّ عن اختلافهنّ حديث يملأه الشجن و ابتسامة ساخرة من الجميع، وفجأة يصبح الضور أبيض يتدرج نحو الحياة والامل وتتضح الصورة اكثر وكانهنّ يقلن بصوت واحد «المرأه مثل العشب الناعم ينحني امام النسيم ولكنه لاينكسر للعاصفة».

عن العرض تقول اميرة الشبلي انا صورة من صورهن..تمثل من بين عدة تمثّلات لنساء مختلفات .و إن كان حضوري على الركح ماديا وحضورهن إفتراضيا، فلست سوى إنعكاسا وتقاطعا بين ما عشته و ما عشنه».

لخمس وثلاثين دقيقة تجدك امام نساء رسمن بحضورهن، اصواتهن، ملامحهن وباجسادهن ،هويات إتخذت منها اميرة الشبلي شركاء في الاداء ومصدر إلهام للكتابة الدرامية و الكوريغرافية. في رحلة من التساؤلات المتواصلة، تلتقي فيها و تتعدد نقاط التماثل والإختلاف ،بما تحمله من نبش في ماضي الذات ، ذاتي و ذواتهن،تسطع الاسئلة المفاهيمية الكبرى حول ماهية المذكر و المؤنث، الحدود الفارقة بين النساء و الرجال ،حول التفاوتات و اللامساواة  بيننا. اردت رسم صورهن ،فرسمت صورتي من خلالهن، تعقيدات هويتي ، مسالة الجندرية و الثقافة و الانتماء، جميعها امتزجت وتماهت وتلاحقت في عرض كان الجسد فيه حاملا لافكار المرأة معبرا عن قوتها عن احلامها عن رؤاها.

جسد اميرة الشبلي كان تعبيرة عن جسدي وجسدك واجسادكنّ كان حاملا لصوتي وصوتكِ واصواتكنّ كان عنوانا لثورة داخلية تسكننا وتسكن جميع نساء الكون، عرض دعت من خلاله الى الثورة على العادات البالية والافكار المهترئة عرض مشحون بقيم المساواة والانسانية عرض تقدمه مرة بجسدها كتبت وجيعة المرأة وانتفضت وثارت ودعتها إلى مرافقتها لترقص ثم ترقص لان الرقص حياة والرقص ولادة ازلية لقيم الحب والحياة و امل كوني ونهر ابداع لا ينضب.

في عرض a ma place يكون الجسد هوية، جسد المراة هويتها وانوثتها عنوان لاختلافها، جسدها بطاقة عبورها الى عالم الانسانية جسد الكوريغراف عنوان للافكار المختلفة افكار تزرع في المراة الهمم لتبدع و تتفوق دون خوف من «العيب، العورة» بجسدها تخبرها ان ثوري فأنت ثورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115