المرقوم في الريو: المرقوم حكاية ..المرقوم وشمة جمال لن تمحى

غنّين للحب قلن اجمل تعابير العشق حملن الصوف وغسلنه ثم نسجنه وصنعن فراشا جميلا اسمه المرقوم

و لم يعرفن ان ما يقدمنه هو عمل فني وتحفة متكاملة العناصر منها ولد عرض موسيقي فرجوي من اغانيهنّ واهازيجهنّ تشبع نبيل بن علي بقواعد العشق وشرب نزار السعيدي من مياه حب المكان فاتحدت الفكرة و صنعوا مرقومهم الخاص.
المرقوم وحكاية المرقوم امارة مطبوعة، المرقوم صبغة مدبوغة المرقوم وشمة محفورة في صفحات التراث الموسيقي المتجدد المرقوم عرض فرجوي تماهت فيه مقومات الجمال عرض نفض الغبار عن صانعات المرقوم و غنائهنّ للحب.

المرقوم... «عشقة والعشقة ماتموتش»
السند تناديك لتكتشف سحر جبالها وروعة مغاورها فهلاّ لبيت النداء، السند تلك القرية الجبلية تناديك لتكتشف اغوار المكان لترحل مع صوت الملولية وتسمع حفيف رياح الجبال وهسهسة الطيور العاشقة تناديك لتنعم بمكنظر مياه العيون الرقراقة ومراقبة «بكرة المراس» وهى ترعى و تستمع الى الراعي يعزف اجمل نغمات العشق من نايه الذي لا يفارقه وربما صنع بعصاه بعض نغمات الوله كتلك التي تسمعها من صوت الكمان، السند تناديك من خلال فيديو ايمن الزوالي وصور سالم قوادرية ومهدي الشابو لتعشق المكان وتذوب في سحر حكاياه.
من السند جاء المرقوم، حكاية امرأة عاشقة كتبت تفاصيل حياتها عبر «السداية» حدثتها عن الحبيب عن الارض مرّرت «الرطّاب» بلطف فكتبت نوتات تماهت مع قيثارة هيثم العبيدي،بعض خيوط «الطعمة» تمردت على الرطاب وتأبى البقاء بين المنسج فتكون «الخلالة» وسيلتها لتعيدها الى مكانها لتكتمل الصورة صوت الخلالة هو صوت الدرامز وقوة الآلات الايقاعية.

عشقت «المرقوم» و العشق ليس بعيب، تماهت مع مشاعرها الصادقة و نسجت اجمل الالوان بالرموز كتبت قصة حبها وعشقها لحبيب تراه فارسا وسيد المكان تربع على عرش قلبها غنّت له بصوت سعيدة الهاني «عين الشراد» تغزلت بحبيبها فقالت «عين الشراد، لسمر حالت بينو وبينو بعاد، ها جبال صعيبة، عيونو سوده يدوّح بين الوديان» مع صوت النسيج تسمع صوت «القصبة» الجبلية وكانها تعبير عن العلو ، علوّ يجمع جبال القصرين وقفصة علوّ المكان معه علوّ الهمّة ورفعة الموسيقى ومعها الذاكرة.

فالمرقوم تقرديش وشوية تقطيع وترييش
المرقوم سداية يتدور كيف فيلم لحكاية
المرقوم لمات وضيافات

تواصل العاشقة كتابة حكاياها عجرت ان تقول في معشوقها ارق الكلمات فـ«رقمت» اجمل الرموز وارقها واكثرها سحرا، عن رجولته صنعت أشكالا مكونة من المربعات والمثلثات لتدل على الشامة وعلوّ الهمة، عشقت سمرته فنسجت باللون البنيّ احبت ارضه فصنعت مرقوم موشى بكل تلوينات الحياة.

المرقوم.. نبش في الذاكرة المنسية
المرقوم حكاية نسوة تمسكن بتراثهن المادي واللامادي، المرقوم حكاية نسوة احببن الفن فغنين الملولية و توارثنها عير الاجيال كلما ضاقت غنّوا و كلما فرحوا غنّوا و قالوا اجود الكلمات، غمغمات قد لا يفهمها شباب اليوم ولكن لوقعها على القلب كما وقع شذى الرياحين.
صوت الطبلة يرحب بضيوف المرقوم، الوان زاهية وتلوينات جميلة تحملك لتعايش مكان البحث، صورة للسند في الخلفية السند بجبالها ومياهها، السند بنسوتها اللواتي حافظن على الذاكرة و «خالتي جميلة» الذاكرة الحية تكون جزء أساسيا من عرض المرقوم خالتي جميلة تلك المرأة البسيطة حفظت غناء الاجداد ولازالت تردده اينما حلّت خالتي جميلة الذاكرة الحية والمتقدة بصوتها تحدثك عن تاريخ تلك القرية واهازيج الحياة فيها.

«المشطية» السندية زينة المكان، أربع نسوة يدخلن الى الركح على وقع صوت الطبلة و الملولية والاهازيج الجبلية تسمعها داخل القاعة جو يحملك حتما الى الهناك مكان ولادة العرض و صور وائل ناصري وسالم قوادرية تزيد احساسك صدقا مع صور للنسوة وهن يصنعن «الطعمة» و«يقردشن» و صوت «القرداش» يغلب على صوت الدرامز والقيثارة وكأنه إشارة الى الاصل.

المرقوم بحث في الذاكرة، لاشهر ونبيل بن علي المشرف الموسيقي على العرض ومجموعة من الموسيقيين في السند يبحثون عن خصائص المرقوم ومميزاته، بحثوا في الرموز والمعاني ليقدموا عرضا مختلفا.
عرض له طابعه الخاص ليس مجرد عرض تحضر فيه الموسيقى التراثية والأغنية البدوية والآلات الموسيقية التقليدية وإنما هو ولادة جديدة للمكان بحث وتمحيص في اغاني المرقوم و استنطاق لجماليات الجنوب الغربي استنطاق لأهازيج الجبل مع سعيدة الهاني وبحث في ذاكرة المكان مع خالتي جميلة.
رحلة مع بكرة المراس ورعاتها مع رمزي السندي و محاولة لمعرفة تفاصيل الجبل وحديثه مع السبتي السندي ومن ثمة الاتجاه نحو توزر و استنطاق لسحر الجريدة والتويزة وبحث في صفات الغزال مع محمود العرفاوي وللشباب دوره في المحافظة على موروثه وصوت سيف صالح مطية لذلك .

ولأن الرحلة طويلة والبحث مستمر ستجدك في عرس وستعايش اجواء الجحفة وتسمع فادي بوعلاق يغني «سوق وربص يا سعد يا شوشان، ساعد جمال للاك حتى تلبس، سوق الجحفة ساعد جمال للاك عروسة» ومع صوت الزغاريد تنتهي رحلة البحث ثم عملية ولادة جديدة للموروث تكون مع صوت افراح البدوي.
المرقوم عرض انطلق من النبش في الذاكرة المنسيبة استنطاق للمكان ولجمالياته محاولة لاعادة بناء المشهد الموسيقي التراثي بقفصة، بناء موسيقي اساسه حب المكان والدفاع عنه ثقافيا، مهمة جمعت نبيل بن علي ونزار السعيدي ومجموعة من خيرة عازفي الجهة لينحتوا في صخر النسيان ويعلنوا ان قفصة ولاّدة و لحكاياها سحرها.

التراث كتاب مفتوح والمرقوم صفحة منه
المرقوم عرض تراثي يجمع اكثر من 40 عنصرا بين الموسيقيين و المغنين والكورال، عرض انطلق من عملية بحث ميدانية في اغاني المرقوم، عرض يجمع كل الفنون المشهدية انطلاقا من السينما من خلال وثائقي صغير عن المرأة صانعة المرقوم، عن عملية غسل الصوف و غزله و «التقدريش» ثم نسجه، بالكاميرا يتعرف الجمهور على رموز المرقوم والوشم المكتوب على محيا النسوة صانعات المرقوم.

يحضر الرقص مع لوحات كوريغرافية تقدم صورة عن المكان، عن حياة سكان تلك المنطقة، عن الخصام لاجل الماء عن قصص عشق قتلت بسبب العادات و «العروش»، في المرقوم يحضر الفن الرابع في كل الحركات تقريبا في توزع العازفين على الركح في «الكوستيم» في طريقة المشي و الرقص أما الموسيقى فهي المنبع وهي سمة العرض.
المرقوم عرض يبحث في التراث المنسي، عرض تتماهى فيه موسيقى القيثارة مع صوت «الزكرة» عرض تتحدث فيه موسيقى الكمنجة الرقيقة مع صوت القصبة الجبلية، عرض تسمع فيه صوت الملولية متبوعا بايقاعات غربية ، المرقوم مبحث في التراث صفحة من كتاب التراث ربما تكون مدخلا للبحث الصادق فيما تركه الاجداد، المرقوم عملية ولادة لموسيقى التراثية اشرف على نحته نبيل بن علي ليقدم للجمهور «المرقوم» المنسوج بالموسيقى، ذاك النسيج ترى رموزه في الشاشة وتسمع اهازيج صانعاته وتتامل سحر معانيه بالموسيقى فالمرقوم حكاية طويلة وممتعة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115