افتتاح مهرجان حومتنا فنانة: الثقافة في قلب «الحومة» ...

حومتنا فنانة، «حومتنا» تزهر املا بعد كل تظاهرة «حومتنا»

في شوارعها تتنفس عبق الفن مخلوطا برائحة الياسمين وشذاه، حومتنا ترحب بعشاق الفن والحياة وكل كاتبي البهجة وباعثي الحب عند سكان الاحياء الشعبية.
في «حومتنا» «ضرب طبال الفلاقة» و نادى على الجميع ان استعدوا لرحلة موسيقية تونسية مميزة، رحلة البحث في الموروث والقصائد المكتوبة في الفلاقة، رحلة العودة الى الذاكرة الجماعية غير المكتوبة رحلة التوثيق والمتعة، في «حومتنا» انيرت الانهج جميعها وأضيئت الشموع والقناديل للاعلان عن انطلاق الدورة السابعة لمهرجان حومتنا فنانة.

فلاقة عرض التميز والبحث
التراث بحث، التراث الموسيقي التونسي يتطلب الكثير من البحث لإبراز سحره واكتشاف اسراره، بحث موسيقي في الالات التقليدية ودورها في الموسيقى التونسية، في بطحاء مسار ارتفع صوت الطبلة عاليا دق ناقوس الحياة وأعلن ان هنا تتحد الفنون هنا يولد الابداع وتزهر أحلام الاطفال والبطحاء بعد أن كانت منسية هاهي تصبح ساحة لمهرجان بدأت ملامحه تتشكّل تدريجيا.

نصر الدين الشبلي وفلاقته كانوا في افتتاح مهرجان حومتنا فنانة، فنان ملتزم بالموسيقى التونسية، بالبحث في الموروث التونسي، فنان عشق الايقاع وتعامل مع كل ابجدياته فهم حكايا الطبلة ويريد تقديمها الى الجمهور.

الشبلي اختص في الايقاع، اختار الطبلة ليبحث في كل خصوصياتها، تلك الالة الكبيرة بمختلف توليفاتها يعمل عليها نصر الدين الشبلي ليقدم صورة جديدة فالطبلة ليست للزينة او اضافة موسيقية، الطبلة والدربوكة والبندير هم اساس العرض وبقية الالات يمكن الاستغناء عنها في «فلاقة2» الطبلة بكل احجامها سيدة المكان والزمان ايضا هي صوت الحرية هي صرخة ابناء الوطن ونداءات الفنانين، وظفها الشبلي لتكون صرخات دقات قلبه ونبضه في حبه للموسيقى وللتراث خصوصا.

امام مسار كان للفلاقة صوتهم، صوت الموسيقى التونسية، صوت الحق في الثقافة، صوت الابداع التونسي صوت الداخل صوت المهمشين في كل شبر، صوت الفنانين الصادقين الباحثين في التراث و محاولة ابرازه الى الجمهور دون «تزين» او «تهذيب».

في فلاقة 2 ترتفع اصوات «البنادر» و«الدربوكة» وتعلن عن ميلاد جديد للابداع وللبحث الموسيقي التونسي بموسيقاها المرتفعة تتحد مع صوت ضو حداد ابن بن قردان موسيقى الطبلة تتحد مع صرخات الشهامة و الرجولة والنداء المستمر لحماية تونس للوحدة ونبذ الفرقة والتشتت، كلمات ضو حداد المشبعة بمعاني الوطنية والوحدة والتذكير بامجاد البلد وخيباته ايضا فهو ينادي للوحدة ويذكر بازمة الملح و الثروات المنهوبة، يحدّث «القصور» المنسية و يحادث سكانها القدامى داعيا مواطني الحاضر ليلتفتوا قليلا الى تاريخهم المادي ويحاولوا صيانة ما تهدم.

بالطبلة وموسيقاها القوية يقدم الشبلي تاريخا منسيا ينبش في الذاكرة الجماعية والتراث الشفوي ليحدث جمهور 2018 عن تاريخ تونس، عمن صعدوا الجبل وقاوموا بقصائد قيلت من 1881 الى 1958 تحث الصادقين ليقاوموا وبالموسيقى كتب الشبلي ملحمتهم موسيقيا و بالشعر الشعبي حدث ضو حداد جمهور مسار عمن استشهد لحماية استقلال تونس عن الصادقين المنسيين كتب اجمل واجود الكلمات.

فلاقة1 و 2 ليس مجرد عرض موسيقي فرجوي وانما بحث اكاديمي في التراث التونسي بحث في الموسيقى الايقاعية وعلاقتها بالاغاني والقصائد الشفوية التي قيلت في المناضلين والمقاومين، بحث في التاريخ ومحاولة للتذكير بمن نسيتهم كتب التاريخ لتكتب الموسيقى اسماءهم وتخلّد ذكراهم من جديد، بحث انجزه الشبلي مع مجموعة من «صنايعية» الطبلة و الزكرة و الدربوكة التونسية، عمل جماعي الروح تونسي الهوى ابتعد عن استسهال التراث و «تهذيبه» ليقدم للجمهور درسا في الموسيقى بحث اكاديمي يشغل فكر الباحث و يمتع قلب المستهلك للتراث التونسي ويشعرك بنخوة الانتماء الى وطن اسمه تونس والى موسيقاه..

مسار..الفن للجميع ولكل حومة مهرجانها
صغار متمسكون بضحكة مشاكسة، عجائز كتبت السنوات خطوطها على محياهم شيوخ انهكهم الواقع اخرجوا من البيوت كراسيهم وافترش بعضهم الارض ليشاهد عرض «فلاقة2» في بطحاء مسار، الطرق المؤدية الى الفضاء جميعها تزيننت بلافتات تعرف بالفضاء وبتظاهراته، «كلون» ينشط الاطفال ويحاول مشاكستهم علهم يجلسون في الكراسي للاستمتاع، ساعة قبل العرض وعدد من سكان حومة بالدوف وباب سعدون و الاحياء المجاورة جاؤوا في «خرجة حلوة» كما تقول احدى السيدات، مصحوبات ببعض العصير والحلويات لسهرة رمضانية ومسامرة «نرى فيها الاهل والجيران و نعمل ضحكة ونشطح تشيشة» على حد تعبير السيدة فاطمة صاحبة السبعين عاما.
في «حومتنا فنانة» يصبح الشارع موطنا للحياة موطنا للحب للثقافة للابداع وللقرب من المواطنين العطشى الى الفنون، يصبح مسار وكل العاملين فيه والمشرفين عليه اصدقاء امل عند الاطفال سيزهر حتما، في حومتنا فنانة مهرجان موجه الى ابناء الاحياء الشعبية، الى من نسيتهم الدولة في فضاءات ثقافية عمومية الى أطفال يسكنهم حب المسرح والموسيقى وجدوا فضاء مسار احتوى طاقاتهم واطر احلامهم ليبدعوا ليصبحوا مناضلين ومدافعين عن حقهم في الثفقافة فالثقافة حق للجميع كما قيل في سهرة الافتتاح.

مسار للفنون البديلة فضاء القرب من سكان الاحياء المهمشة غير البعيدة عن العاصمة، بسبعة أعوام وتظاهرة «حومتنا فنانة» تكون متنفسا للسكان و مهرجانهم يرعونه ويحرصون على نجاحه، ابناء الحومة هم الحريصون على سلامة الضيوف وزوار في الفضاء توزعوا على الانهج والطرقات لحماية ضيوف المكان وكأنهم يرعون منزلهم ومكانهم.
نسوة الحي يجلبن لك كرسيا متى شعروا انك مرهق وعاجز عن الوقوف، البعض يحمل معه حلويات يوزعها على الجالسين حذوه، هنا في بطحاء مسار يصبح للمهرجان رونق اخر، حميمية في المعاملة و صدق في اللقاء مع الزوار واستهلاك للمادة الثقافية بكل شغف وحب، في سبعة أعوام نجح مسار في أن يكون الى جانب المواطنين والى جانب احلام اطفال الجبل الاحمر و باب سعدون وباب العسل و حومة بالدوف والاحياء المجاوة الاحياء العطشى الى الثقافة الاحياء «المهمشة» رغم قربها الشديد من المركز، لسبعة اعوام نجح مسار في أن تكون الثقافة في قلب «الحوم».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115