الدراما الرمضانية: المرأة التونسية وصراع الحقوق

للمرأة حضورها المميز في الدراما التونسية، سيدة الأحداث والمحرك الخفي للشخصيات، الدراما

الرمضانية ككل عام تسلط الضوء عن المرأة وهواجسها وحضورها في المجتمع.

جميع المسلسلات اثرت المرأة في احداثها هي سيدة الحدث ومتى كانت مستضعفة يكون عقلها سبيل النجاة ، هي السيدة دائما ومتى قزّمت تحاول استعادة مكانتها ، المرأة مبدعة وفنانة المرأة الحالمة و الباحثة عن الحب المرأة السيدة و المرأة الضعيفة جميعها نماذج عن المرأة التونسية.

حقوق المرأة وتطورها التاريخي
تطورت المرأة التونسية عبر التاريخ وتطورت حقوقها بموجب مجلة الاحوال الشخصية، المسلسلات الرمضانية تبرز التدرج التاريخي لحقوق المرأة فهي الجارية والسبية في تاج الحاضرة زمن البايات او هي من الخدم و العامة لا حول لها ولا قوة فقط رجل ينصفها ويتزوجها علها تصبح سيدة بيتها مثال ذلك شخصية «عربية» «غادة شكا» او «للة شريفة» (وحيدة الدريدي) وحتى بعد الغاء العبودية عام 1864 تبقى المرأة سبية وعبدة لاسيادها.

سيدات القصر واخوات البايات هنّ أيضا مفعول بهنّ فهن لا يخترن الزوج ولا طريقة عيشهن؟؟ّ فقط الرجل هو من يسطّر وينفذ ويضع مسار حياتها كما شخصية «دوجة» التي تجسدها مريم بن مامي التي ترضى على نفسها ضرة من الشعب فقط لانها لا تنجب الاطفال والأمومة عنوانا للواجهة ومن مقومات السلطة، المرأة قبل الاستقلال كما يبرز في تاج الحاضرة هي «شيء» مثلها وأاثاث البيت متى كانت سيدة تكون مثل الياقوت أو الذهب والفضة الباهضة الثمن أما عندما تكون من الشعب فقد تكون كرسيا او انية اخرى ففي النهاية هي شيء» للتسلية والانجاب دون الانتباه الى انها كائن مفكّر وعاقل.

بعد الاستعمار ومع صدور مجلة الاحوال الشخصية في 13 اوت 1956 بدأت حقوق المرأة تسترجع تدريجيا ففي مسلسل «شورب» الذي يسلط الضوء على حياة «علي شورب» المتوفي عام 1972 والمسلسل يتناول فترة الستينات نجد ان المرأة اصبحت تخرج للعمل وتخرج دون السفساري ودون غطاء الرأس وهي «الصيدلية» «قمر» (فريال يوسف) العاملة والموظفة وهي ايضا المرأة القادرة على الخروج والعمل لضمان قوتها «ام شورب» (دليلة المفتاحي).

من الستينات الى 2018 اصبحت حقوق المرأة تبدو واضحة المعالم اكثر، اصبحت سيدة نفسها وسيدة قراراتها فهي التي تعمل في «لافاج» دون الاهتمام انها مهنة رجالية بحتة كما تتحدث لبنى (ريم بن مسعود) و «وجيهة» (سوسن معالج) و «رشا» (مرام بن عزيزة)، هي سيدة المكان و الزمان قادرة على حماية المدينة كما ضحت «أمي فاطمة» سامية رحيّم بنفسها لحماية المدينة وهي صاحبة القرار والاحلام والعقارات حسب شخصية «لمياء قلب حجر» (فريال الشماري) في مسلسل جنون القايلة.

تطور المرأة وحقوقها يمس البشرة ايضا ففي تاج الحاضرة مثلا كل سمراء هي «شوشانة» او خادمة بينما نجدها في العام 2018 صاحبة القرار امرأة حالمة لها مشروعها الخاص تونسية متحصلة على كل حقوقها واختلاف لونها يزيدها اعتزازا بالانتماء كما جسدت ذلك ايمان بدرجح فهي تقمصت شخصية «شوشانة» في تاج الحاضرة وفي جنون القايلة « فتحية» صاحبة محل للصياغة والذهب.

زوم على الممثلين
اداء الممثلين، حضورهم في الدراما الرمضانية بين الاعجاب و الاستياء، البعض اقنع وأبدع وآخرون مروا دون ترك بصمة في ذاكرة المتفرج ويمكن الاشارة إلى:

• مريم بن مامي: اقنعت
ممثلة تونسية عرفها الجمهور في اكثر من دور على قناة الحوار التونسي، مريم بن مامي في دراما 2018 تحضر بشخصيتين جد مختلفتين الاولى شخصية «دوجة» اخت الباي وما للبايات من وجاهة وقوة شخصية وجبروت وفي الوقت ذاته هي زوجة غير قادرة على الانجاب و تركيبة نفسية جد معقدة ابدعت مريم بن مامي في ايصال الاحساس بالالم والجبروت معا الى المتفرج اما «فرح» في فامليا لول على الوطنية الاولى فهي معلمة تجسد شخصية كوميدية تجمع بين صرامة المربية وسلالة الأم وقبالة الكوميدي رياض النهدي اداء بن مامي كام مقنعا.

• تجربة تلفزية أولى ناجحة غادة شكا:
تضامن معها الجمهور و تاثر المتفرج لمأساتها والمها، شخصية «عربية» في «تاج الحاضرة» رمز للمرأة الصادقة والعاشقة التي تدفع حياتها ومبادئها مقابل مشاعرها، تجربة تلفزية أولى نجحت فيها غادة شكا واثبت أن آداءها جيد والتمثيل الجيد لا يتطلب الصراخ والعويل و انما تكفي نظرة واحدة لايصال الاف الرسائل واختزال كل اوجاع العالم، غادة ابدعت في دور الام الثكلى ونظراتها المنكسرة في الحلقة 14 لخصت قدرتها على اقناع المشاهد.

• الشاذلي العرفاوي : شكير أنسى الجمهور رجب
المسرحي الشاذلي العرفاوي المبدع دائما اقنع في دراما 2018، العرفاوي يجده محبوه في دور «شكير خوجة الخيل» دور مركب وشخصية معقدة تجمع اللين والغطرسة نجح العرفاوي في تقمصها و الدليل ان الجمهور بات يناديه «سيدي شكير» وقبيل رمضان كان الكل يناديه «رجب» نسبة الى شخصية رجب في سلسلة بوليس التي عرضت العامين الفارطين.

• ليلى بن خليفة: اداء مقنع
«جنات» حبيبة شورب، جنات الراقصة الحالمة بأن تكون افضل الراقصات في اكبر كافيشانطا في تونس، جنات اليهودية التي تعيش بين اترابها المسلمين وتقاسمهم المبيت والماكل والملبس، جنات شخصية مركبة، شخصية لامرأة حالمة عاشقة وهشة في حين، الممثلة ليلى بن خليفة تقمصت الشخصية بحب ورقصت بحبّ وتحدثت عن الرقص والحب بكل شغف، عيناها لهما قدرة على الوصول الى المشاهد ولصوتها تاثيره ايضا.

• محمد شوقي خوجة: نجم ظهر بريقه
مسرحي التكوين، ممثل له القدرة على تجسيد اصعب الشخصيات والأدوار المركبة، مندفع على المسرح كذلك في الدراما، محمد شوقي خوجة ممثل امتع الجمهور مع شخصية «خالد» في مسلسل «حياة خاصة» دور لشاب من ارياف البلاد البعيدة يعمل في الدهان ليدرس السينما يعيل اخوته وينحت في الصخر ليقاوم الحياة ومشاكلها، خالد الشخصية الهائمة السلبية تتحول فجأة الى اسد شرس ومقاوم لا يهزم حين تعرض زميله الى الظلم فتغيرت ملامح الوجه وعوض نظرات الانكسار تجدك امام نظرة ثاقبة وقوية، وعوض الصوت الخافت الهادئ اصبح الصوت مرتفعا مطالبا بانصاف زميله، محمد شوقي خوجة يشهد له متابعو المسرح انه من طينة خاصة وفنان متميز وفي الدراما ايضا مبدع وسطع نجمه.

• سهى بلحاج: «بنيتي التمثيل فن»
بادرت الاداء منذ الحلقة الاولى الى الحلقة 14 بنفس ملامح الوجه ونبرة الصوت وحركات اليد، في الغضب والفرح و الحزن الملامح الباردة واحدة، وجه دون روح وقراءة للنص دون محاولة فهم ابعاد الشخصية حتى، سهى بلحاج في شخصية «ايلاف» في مسلسل حياة خاصة، ادت الدور دون روح فقط هي تحفظ النص ووجها جميل ولكن التمثيل فن وليس جمالا.

• عبد الحميد قياس: مازال الشيخ تحيفة
الممثل عبد الحميد قياس يبدو أن القدر الدرامي كتب عليه تحمّل وزر نجاح شخصية «الشيخ تحيفة» التي أداها في مسلسل «الخطاب عالباب»، شخصية نجح فيها ولازال يحفظها المشاهد، قياس نجده في سيتكوم «سبعة صبايا» في دور «اب البنات» اداء باهت ومحاولة للاضحاك و«الضمار» وكلما ضاقت السبل يستعين ببعض ملامح الشيخ تحيفة في طريقة الكلام.

• عزيز باي: التمثيل موهبة والموهبة لا تورّث
عزيز باي سليل البايات يتقمص شخصية «أحمد باي» في مسلسل تاج الحاضرة وربما اختير لأنه من احفاد البايات ولكن ربما ورث في جيناته من اجداده المظهر ، اللحية، ربما طريقة الجلوس و معاملة الاخر ولكن حتما لن يرث منهم موهبة التمثيل فالتمثيل لا يورّث ، اداء باهت القاء دون تعابير واضحة واقصاه إما الصراخ او وضع يديه على ناظريه وقت الحزن، «الباي» واحد في حالات الغضب و السعادة، عزيز باي اعاد له المسلسل بريق اجداده شكلا اما مضمونا فعجز عن اقناع المشاهد «موش ديما ولد البط يجي عوام» ، شخصية ربما لو قدمت الى ممثل اخر لابدع في تجسيدها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115