مسرح الشباب بمدينة الثقافة: «حالة طوارئ» لطارق بوزيدي

حرر الجسد لتتحرر من كل قيودك واكتب لنفسك عالما آخر، دع كل الحدود المكانية والزمانية وارحل

بروحك الى عالم تكتب تفاصيله وتحيكها كما تشاء، دع الواقع للواقعيين واحلم فالحلم كائن و طريق الحلم جميلة موشاة باجمل النوتات والرياحين فاشتم عبقها ودع جسدك يكون دليلك وعنوانك.
هكذا تحدثت اجساد الراقصين في عرض «حالة طوارئ» لطارق بوزيدي في افتتاح البرمجة الرمضانية لقطب الباليه والفنون الكوريغرافية بمسرح الشباب بمدينة الثقافة.

أرقص وأكتب تاريخك
اربعة اجساد على الركح امين الميلادي و.. الياس التريكي وعمار الجباهي .. محمد بالقاسم وانتظار بن عامر، لباسهم مختلف، خلفهم باب نصف مفتوح وتفاحة معلقة في منتصف الباب الى اليمين واليسار لوحتان تشكيليتان لكل واحدة الوانها، ضوء أحمر قان يتوسط المكان وكأنه اعلان عن لحظة صراع أبدي.
تتحرك الأجساد تنتفض تكتب للمتفرج طريقا ليكتشف اغوار الجسد وحكاياه، كل الاجساد تذكّر بالتفاحة وكأن بالكوريغراف يعود الى «ميثيوبولوجيا» التفاحة المقدسة ثم تصبح الاجساد في الجزء الأمامي للركح وكانها لحظات الخروج من الجنة، ثلاثة رجال وامرأة هم من أثثوا هذا العرض، اختلفت الملابس كما اختلاف البشرية اختلفت حركاتهم وطريقة التعبير وحدها المرأة بحركات محددة و طريقة تعبير واحدة ربما أشارت إلى أنه مهما اختلف فكر الرجل وطريقة تعبيره تبقى المرأة سيدة الحدث وكما اخرجت ادم من جنته لها القدرة على السير بالبشرية كما تريد تعمل بمقولة «كلما ألزمنا الأمر قيوده ثرنا على القيود كي لا يلزمنا الأمر» .
موسيقى هادئة حينا صاخبة أحيانا أخرى هي إعلان عن الحالة النفسية للانسان و هي تعبيرة عن التفكير ايضا، فحالة طوارئ هي قصة البشرية من ميثيولوجيا التفاحة حد الوصول الى الانسان المعاصر وكل المراحل التي مر بها الانسان وعرفتها البشرية يكتبها الراقصون باجسادهم، يفتحون كتب التاريخ ويقدمون فصولا من تاريخ البشر بالحركة المتماهية مع الموسيقى دون كلام.

تتحرك الاجساد لترحل بالجمهور الى التاريخ والفكرة، الى تطور الانسان الاول والبدائي من خلال الرقــــص دون ملابــس والتماهي العجيب بين الاجساد الانثوية والذكورية دون مكبلات حد الوصول الى الرقص بالملابس مع لحظات الشهوة وسطوة الجسد على الفكرة فالقبلة قبل قضم التفاحة تختلف عن القبلة وحركة الجسد بعدها.
والجسد عند طارق بوزيد هو دلالة مثبة في سجل الذات، يمكن لنا تطويعه ، من خلال البحث عن حالات متعددة شكلا ومضمونا، كما يتطلب منا البحث عن اليات تطويره بغاية حلحلة كنوزه المخفية ، فالجسد يمتلك قوى لا يمكن إدراكها بسهولة، الجسد هو قيمة تستحق البحث في اعماقها، انها قناعة داخلية تثير في الرغبة لاستدعاء ملكات الجسد الغائبة، الغريب في الأمر أنني ابحث عن الغريب الطريف الجميل القبيح ، والأغرب من ذالك انني لا اعرف طريق العودة من هذا الطريق المفتوح الطويل ، وقرار العودة صار صعبا جدا « وفي رحلة الحركة غاص جمهور مسرح الشباب مع التاريخ وحاولوا فهم بعض فصوله.

الرقص فن وحركة الجسد لغة
أليس الجسد علامة، وككل العلامات لا يدرك إلا من خلال استعمالاته، وكل استعمال يحيل على نسق وكل نسق يحيل على دلالة مثبتة في سجل الذات وسجل الجسد وسجل الأشياء» كما يقول سعيد بن كراد، اليس الجسد لغة منثورة جميلة تحل الحركة محل الكلمة لتوصل ابلغ الرسائل والشيفرات، اليس الرقص قصة جسد متحرر من كل القيود يكتب الياته وينحت مساره كذلك هو الجسد عند طارق بوزيد متحرر تواق الى النور الساطع لا يخشى الظلام ولا المكبلات هدفه سام وهو الحديث عن انسانية الانسان بلغة صامتة غير منطوقة.

على خشبة المسرح برع الراقصون في تقديم الكوريغرافيا التي تثير فيك الدهشة في البداية لتتحول هذه الدهشة الأولى إلى اهتمام بالغ وانسجام يزداد مع كل حركة تضاف على الركح. انسجام الحركات مع الموسيقى التصويرية ترجمت إبداع مصمم الرقصات ورؤيته الفلسفية لهذا العرض الذي توغل في الخبايا النفسية العميقة والتوترات الذهنية للإنسان.
كان المسرح خالياً تماماً من الكلمات التي استبدلت بحركات الجسد بكل ما فيه من إيحاءات وايماءات أبلغ من النطق والتعبير، وفي دلالات خفية إلى تقارب الراقصين من خلال المشاعر التي تقودها الموسيقى.أجسام تتحرك في كل اتجاه بخفة لافتة. يصرخون بلا أصوات، ويتبارزون من دون عنف، يلاحق بعضهم بعضاً من دون أنين ليحدثونا عن البشرية عن الرقص عن الجسد والفكرة في عرض طوارئ لطارق بوزيد الذي يتحدث عن تجربته بالقول «اما بخصوص تجربتي ، بدات الرقص سنة 2007 .. قمت يالمشاركة في العديد من الاعمال المسرحية و كتبت العديد من العروض الكوريغرافية من ابرزها ماريونات التي شاركت في مهرجان الحمامات الدولي والعديد من الملتقيات و المهرجانت الاخرى .. كتونس عاصمة الرقص 2016» ولانه عاشق للغة الجسد اسس اول مهرجان للرقص في صفاقس وسماه بانوراما الجسد مهرجان يعرف بلغة الجسد ويترك له الحرية للتعبير والحلم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115