روبورتاج: فضاء «داموس آر»: لنا الفن لنا الحلم لنزرع في تطاوين الامل

‏إن الأحلام العظيمة و الأعمال الراقية ..لا يمكن أبدا أن نجدها لقيطة على أرصفة الشوارع ..و لا تكون أبدا مقلدة و تافهة..إنها تسكن أبراجا...وتحتاج

إلى رؤية و جهد كبير ... تحتاج إلى عقل فنان و نظرة مبدع، ان الاحلام الكبيرة تحتاج رغبة لا تقاوم في الحياة والحب والفن، وفي تطاوين اجتمعت رغبة الحياة عند صابر والخنساء وفوزي ليبدعوا ثلاثتهم وينجزوا داموسهم المميز.

الفن مقاومة وفي هذا الاطار ولد داموس الفن، هنا داموس ليس ككل الدواميس داموس يخرج من جوفه الكثير من الفن واهازيج الحياة ونوتة للعشق متمردة ابدا والحان ريشة وحده الرسام يعرف خباياها فكل فن يحمل نورا الى الاخر والداموس يحمل النور الى الأطفال اينما كانوا...

اوقدوا شمعة الامل وأضيئوا الدواميس لتزهر فنا
هنا حي شعبي، من احياء مدينة تطاوين ، منازل مترامية بعضها دهانه جديد والاخر نسيها السكان، صغار تجمعوا حلقات في الخارج البعض يريد اكتشاف المكان واخرون تركوها للمرة المقبلة، باب حديدي بني اللون جد ثقيل وجب دفعه قبل الدخول الى «الداموس»، داموس ليس ككل الدواميس هنا الداموس بات فضاء للفن للحلم وللحياة، هنا تصنع احلام الاطفال لتقدم في اعمال فنية وورشات يبدعون فيها لينفضوا عنهم غبار التهميش الثقافي.

درج في شكل ملتوى زينت كل درجاته بالوان زاهية تبعث فيك ايها الزائر الانشراح، اصفر فاحمر فبنفسجي فازرق زرقة السماء وامتدادها، لكل لون حكاية ولكل لون منبع وجميعها تصب في وادي الامل، كتابة على كل درج، جميعها تتحدث عن الفن وقيمته عند الانسان، ارفع رأسك قليلا تجد قبالتك نوافذ قديمة دهنت بامل الالوان وعلقت على الحائط الخارجي لتصبح ابهى وتبعث في بياض الحائط الكثير من الحياة.

البني هو سيد المكان، الاصفر بتدرجاته ايضا يحضر بقوة وكانه يحاكي الصحراء وحكاياتها، يحاكي المدينة والوانها، بعد انها الست عشرة درجة تستقبلك لوحة لامرأة افريقية لسمرة بشرتها سحر ريشة الخنساء صاحبة اللوحة التي تجعلك تتاملها لدقائق باحثا عن سرها وسحرها فالرسم طريقة أخرى لكتابة المذكرات كما يقول فولتير. .

رواق طويل زين بالبني وتدرجاته، الكثير من الالوان تماهت وتمازجت، المرقوم بمختلف الوانه واشكاله، اللوح سيد المكان و الزمان، للبني رمزية التراب ورائحة الشجر والوطن «اخترنا العمل على اللوح لانه الاقرب الى التراب، لان اللوح له رمزية المكان ايضا، كما اانا حاولنا إخراج اللوح من صمته ليكون عنوان للجمال، ون نسيان انني جد معجب بالالسكا وثقافة تلك الشعوب التي تعتمد اللوح في حياتهم وتشكيلات اليومي ايضا ومن هناك انطلقت عملية الزينة باللوح» على حد تعبير صابر صاحب الفضاء.

هم ثلاثة، صابر والخنساء وفوزي ثلاثتهم تشاركوا الحلم، تشاركوا الرغبة في بناء امل في تطاوين، تشاركوا حلم تجسيد اول فضاء ثقافي خاص في جهتهم،عن الحلم وكيف بدأت معالمه تتشكل يحدثنا صابر ويقول «كان غرام ..كان حب و شغف قوي..حلمة كبير و طموح اوسع..كان الايمان بالفكرة أعمق ..و الرؤية اوضح رغم الضباب..كان التحدي وكانت اللمة بالقلب والروح..

وكنت محتاجا لقلب مرأة مبدعة و روح صديق فنان .. كانت الحلمة وحدة والرؤية أوحد، وكانت النتيجة هذه المحاولة التي سميناها داموس الفن» ويضيف محدثنا «لصديقي ورفيق دربي فوزي معط الله و لشريكتي الخنساء اقدم كل التحايا لانهم شاركوني التضحية بالجهد والوقت وامنا ثلاثتنا بالفكرة وانطلقنا من نادي فنون الشارع واردنا معه الخروج من الجدران المغلقة لنصل الى تجسيد هذا الفضاء» ، فضاء ولدت الفكرة وتشكلت وجسدوا كل معالمه بمواردهم الذاتية...

هنا داموس ارس وهي كلمة لاتينية ومعناها بيت الفن، هنا تستمتع ناظريك باجمل الالوان، ستعشق البني حتما ستحاول البحث عن اصل تلك التحفة وماذا كانت، فهنا ثلاثتهم مولع بالديكور والزينة ومن العدم يصنعون العجب، من الاشياء المهملة واللوح القديم صنعوا فضاءهم الخاص جد المختلف، فضاء اينما وليت وجهك اعترضك «ايل» الالسكا بقرونه الطويلة ، اينما وليت نظرك وجدت الكثير من ينابع الفن واللون، الوان للحب والامل والعشق والهدوء اتحدت جميعها لتكتب الياذة الداموس وتشعل شمعة بدل لعن الظلام.

نحب الخبز ولكننا نحتاج الفن اكثر
الفعل الثقافي فعل للمقاومة، عملية تجسيد للحلم على ارض صخرية هو عملية بحث متواصلة عن ينابيع الامل كلما جف احدها تواصلت متعة البحث وان قست الجغرافيا ، لازالت الجولة في الداموس متواصلة، الى يمينك قاعة كبرى متعددة الاختصاصات، هي قاعة للعروض المسرحية احتضنت عرضين اثنين في «تياترو وين» و للعروض السينمائية يضاف اليها شاشة بيضاء كبيرة، فرشت بالمرقوم بالوانه المختلفة، سقفها ينقسم الى جزءين باللخشب ايضا ابيضا البني سائد ومعه الوان اخرى مثل البنفسجي والاصفر والاخضر الداكن، هنا ستجد الجميع يفترش القاعة ويتكئ على وسادة صغيرة لمتابعة العرض سينمائيا كان كان او مسرحيا، جلسة حميمية ينتفي عنها ازيز الكراسي و كلمة «اشششتت» التي تسمعها في القاعات.

الداموس فكرة عمرها سنوات ارهقت صابر وخنساء وفوزي حد ولادتها، هو منزل قديم من اول المنازل التي بنيت على طابقين في مدينة تطاوين «بحثنا كثيرا وحين وجدنا الفضاء توجهنا الى سكان الحي جميعهم واخبرناهم عن المشروع ما الهدف الذي نصبوا اليه وكيف سيكون الفضاء بعد اعوام والمفرح ان سكان الحي استبشروا بالفكرة ورحبوا بنا حد ان ارسل بعض الاولياء ابناءهم للتسجيل في النوادي قبل انطلاق عملها» هكذا يحدثنا صابر عن رحلة البحث وهو ينظر الى ذاك الايل وكانه يستلهم من صبره ليواصل مشواره في فضاء ثقافي خاص.

واكد محدثنا ان الداموس سيقدم للزوار ورشات للمسرح والسينما و الموسيقى والخط العربي وفنون الشارع جميعها ستكون في «البيوت الخمس في الطابق الاول» مع قاعة للاجتماعات والمؤتمرات هي بصدد الانجاز ، ومقهى ثقافي والقاعة الكبرى للعروض .

والمميز في الداموس انهم لن يقتصروا على الورشات وتنتهي بانتهاء الموسم الثقافي وانما سيعملون على ثقافة التسلسل اي الطفل الذي يشارك في ورشة وعمره خمسة اعوام سيواصلون تاطيره لسنوات وكل عام ينجزون عملا فنيا وبذلك «تكبر الحلمة مع الصغار»، كما انهم سيفتحون الباب لاختيار المؤطرين شرط توفر الكفاءة والموهبة.

داموس ارس، الفضاء الثقافي الوليد مازال في طور الانجاز اداريا، مازال الكثير ليبنى في الطابق السفلي، الى الان بلغ عدد الاطفال الراغبين في الانخراط في النوادي 35طفلا من اعمار مختلفة، جميعهم يريدون الحلم و الفن، جميعهم سيتمتعون بالفنون في اطار فكرة تجسيد لا مركزية الفعل الثقافي وذاك هو الهدف الاساسي للداموس بالاضافة الى النبش عن المواهب المنسية في تطاوين والفضاء سيكون ايضا لجمع شتات الافكار في الجهة يفتح ابوابه للجمعيات وابناء المجتمع المدني ليغيروا المشهد الابداعي بالجهة.

في داموس ارس يسكنك الفن، يسكنك الابداع ويمتعك حلم مازالت تعاليمه تتشكل ليزهر املا بانتشار الثقافة والفنون في ربوع تونس خاصة في مدينة تطاوين...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115