اختتام مهرجان قرطاج للمونودرام: «تجرّأ.tn» تفوز بالتانيت الذهبي.. أنا تجرأت على الحلم ماذا عنك؟

آمنوا ان الحلم ممكن، آمنوا أن العمل والإيمان بما يقدمون هو سبيل النجاح يعرفون

ان طريق النجاح صعب ولكنه ممتع، ثلاثتهم اصحاب شخصيات مختلفة ووجهات نظر متباينة وحده المسرح وحدهم ووحد افكارهم ليقدموا للجمهور «مونودرام» ممتع افتك التانيت الذهبي في مسابقة مهرجان قرطاج للمونودرام ، تجرؤوا على الحلم بالنجاح ونجحوا.
في الكاف ولد الحلم وترعرع ليقدم عمل مسرحي أو مونودرام سموه تجرّأ لريان القيرواني واخراج لزهر الفرحاني و دراماتورج لنور الدين الهمامي،انتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف ثلاثتهم كتبوا عن شخصية عمار وكيف تجرّا على الحلم وقدموا للجمهور درسا في الكوميديا الساخرة التي انطلقوا منها ليغوصوا في الواقع ويحللوا تفاصيله وينقدوا ظواهره.

بين «ريان» و «عمار» الحلم واحد
تجرأ على الحلم، تجرأ على الامل تجرأ على النجاح ولم يهب الجميع ليحقق ما يصبو اليه. شخصية «عمار» انموذج عن العديد من الشباب التونسي شباب لم يمنعه الواقع من الحلم لم يمنعه خواء المشهد السياسي من الامل وترشح للانتخابات الرئاسية، العمل «دعوة الى الحلم، دعوة الى المصالحة مع الامل في وقت اصبح يعاني فيه الشباب خاصة من ازمة حلم ازمة ثقة من الواقع والذات، لذلك حملناه الى الحلم عبر الفن» على تعبير مخرج العمل لزهر الفرحاني مضيفا انهم يعملون لانهم يؤمنون بالنجاح عاملين بمقولة درويش «طالما انني على قيد الحياة ساظل على قيد الحلم».

على الركح يجسد ريان القيرواني 12 شخصية، عشرة شخصيات رجالية وشخصيتان لنساء ، من الواقع ينطلق من شعور الشباب بالضغط والتوتر وانعدام الحلم تنطلق حكاية «عمار» هو مواطن تونسي فقط يسكنه الحلم مهووس بالحلم وبالامل في تحقيق ما يصبو اليه وان اتحدت كل العراقيل اذ تتحدث المونودرام تتحدث عن شاب يدعي عمار يقرر الترشح لرئاسة الجمهورية لتتحول حياته الي كابوس جراء العراقيل التي يتعرض لها التي تحاول منعه او ردعه عن المواصلة الا أن اصراره وحلمه بمدينة مثالية و فاضلة يجعلانه يقارع حتي النهاية رغم وفاة امه وحبييته يبقى التجرؤ عن الحلم وعن الحياة مراده.

ومن عزيمة عمار ينقلنا ريان القيرواني بين الشخصيات في تمازج غريب بينها يكشف قدرة الممثل على تجسيد الشخصية فلكل واحدة نصها ولباسها وطريقة كلامها ابدع القيرواني في تقديمها دون ان يشعرك انه قيد التمثيل بل ستضحك و تصدق ان ما يقدمه على الركح حقيقة.

وعن المونودرام والممثل متعدد الشخصيات يقول ريان القيرواني العمل كممثل في مونودرام هو حقيقة عمل مضني وممتع في الان معا حاولنا التركيز علي الاداء التمثيلي الكوميدي المستند الي مرجعيات عالمية مسرحية كالبورلاسك والغروتاسك والسخرية وفن المهرج والفودفيل في بعض الوضعيات كما لم اتغافل كممثل عن الاستلهام من مرجعيات سينمائية غربية كافلام جيم كاري وتركيزه على الجسد الكوميدي الانفعالي الغرائبي كل هذه المرجعيات افادتني في اداء شخوص المونودرام ليكون الاضحاك اضحاكا بناء تحكمه ضوابط ومرجعيات كوميدية قائمة علي النقد و التعرية قصد التغيير بعيدة عن السطحي المبتذل لتكون الضحكة ممزوجة بنوع من الالم او الجدية.

فتجرأ.tn مسرحية معتمدة على تقنية الممثل الواحد تتوق إلى حضور الجسد الاخر الهوية الاخرى او الذات الاخرى، جميعها تنقلك الى الحلم فعمار وجه بوصلته صوب الحب وعدل وجهته صوب الامل ووجه شراعه صوب الحياة وكانت قبلته صوب الحلم وتجرأ على السؤال ومحاولة الاجابة عنه، ويكون المونودرام دعوة بطريقة غير مباشرة للحلم دعوة للشباب ليؤمنوا بقدرته على النجاح دعوة للفنانين ليحلموا وان نضبت موارد الابداع يبقى الحلم قائما.

دعوة للشباب والمبدع والمواطن للحلم والبحث
الكثير من النقد، 12 شخصية بكل اختلافاتها مضحكة المواقف حينا ومبكية احيانا اخرى، نص كتب بعد «اربعة شهور و جمعة» من المشاورات والارتجالات ليحافظوا على 12شخصية مختلفة هي نماذج عن المجتمع التونسي والعربي عموما فالانسان ايا كانت جنسيته مازال يحلم.
في تجرأ يحلم عمار بدولة الحريات والحقوق حق الشغل و حق المعارضة وحق الرفض وحق الفن وحق الحلم، يعرف ان الحلم صعب ولكنه يتجرا ويتمسك بحلمه.

ويقول المخرج من خلال هذا العمل تجرأ.tn اردنا ان يكون الضحك سلاح الانسان الاول للتغلب على الوجه العابس للحياة و بذلك ذهبنا الى الكوميديا الساخرة ليقتنص المتفرج كل فرصة مناسبة ليضحك فيها فالضحك نافذة واسعة نطل منها على الحياة ببهجتها وزينتها و جمالها.
وتجرأ.tn صراع الواقع والفن صراع الواقع والحلم صراع الحب والحياة انطلقنا فيها من الفن التشكيلي من خلال تكسير الحدود المعروفة للحبكة السردية التقليدية مستخدمين اسلوب المنظور المركب و هذا المنظور نشا من الخلط بين المشاهد المسرحية و كانها الواقع و الاحداث و كانها مجرد مشاهد تمثيلية.

في المونودرام ركزوا على بناء الحوار اللغوي و تشكيله و اهمية الحركة و كان الهدف خلق شاعرية مسرحية يتقاطع فيها المستوى الصوتي مع المستوى المرئي في تناغم شاعري منسجم، كما اسسوا علاقة هارمونية بين الصورة الصوتية و بين الصورة الحركية ليتحول العرض الى فرجة مشحونة بالديناميكية و بالحركية حتى لا يبقى المتلقي ساكنا في فرجة تكرارية وانما يجد نفسه في مزيج بين الكوميديا والتراجيديا.

لساعة ونصف يتجول ريان القيرواني بين الشخصيات، ينقد الواقع، ينقد برامج تلفزيون الواقع، ينشاد الحلم ويدعو جمهوره ليحلم ايضا، في كوميديا ساخرة قدموا صورة للفن النبيل فالكوميديا فن نبيل له معالمه وابجدياته الخاصة ليس بتهريج ولا سخرية سطحية وانما فن مسرحي له رسائله المشفرة وحدهم الصادقون يعرفون فك شيفراتها، عمل يقاوم السفسفة ويقاوم ما انتشر من «الوان مان شو» الذي يعتمد على الاضحاك دون نقد.

في تجرأ لجمالية الرؤية الاخراجية روابط تتعلق اساسا بابداعات الممثل التي تتضح لنا من خلال العلامات التي تنشأ في الفضاء كوحدة منسجمة تلك العلامات التي تفصله عن الفضاء اليومي ليصبح الركح هو المحمل والممثل هو الفرشاة الملطخة بالالوان واللطخات و الشطحات التي تحدد معالم هذا الفضاءو تشكله و فقا لرؤية جمالية حاملة لايقاعات متناغمة من تشكيلات اللون و الضوء الملابس و الماكياج كلها عناصر تشكيلية قائمة اساسا على التدرجات اللونية ليمتلأ هذا الفراغ الذي ينشد التنظيم و عدم ترك الخواء و النتوء.

تجرأ هو دعوة الى الحلم، تاكيد على قدرة الشباب على النجاح، ثلاثتهم مختلف ثلاتهم مميز وثلاثتهم مبدع، «خلطة» شبابية كافية اكدت ان على هذه الارض كل الابداع، نور الدين الهمامي الدراماتورج صاحب النصوص الممتعة ولزهر الفرحاني المخرج الشاب الصارم اثبت ان «عينو مزيانة في الإخراج والممثل المبدع ريان القيرواني الذي ملأ الركح واقنع جمهوره ثلاثتهم اتوا محملين بسحر الكاف وسحروا جمهور مهرجان قرطاج للمونودرام وفازوا بالتانيت الذهبي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115