اختتام ملتقى تونس للرواية العربية: تونس تجمع أكبر الروائيين من مدن الشتات والمنفى

لولا حلم اقتنص الأمل من زحمة الحياة لما كان للرواية بيت ولا كان لتونس شرف تأسيس

أول بيت للرواية في العالم العربي في زمن يحدث فيه أن يداس الأدب لصالح الذهب ويحتضر القلم ليحيا اللؤم وينتحر العقل ليعربد الجهل... مستعيرا إلحاح وإصرار «دون كيشوت» على محاربة طواحين الهزيمة والاستسلام و الانكسار، مضى الروائي التونسي كمال الرياحي بحلم بعث أول بيت للرواية العربية إلى النهاية. فكان له ما أراد... وسرعان ما جمع هذا البيت تحت سقفه أكبر الروائيين العرب في ملتقى تونس للرواية العربية.
في مهد مدينة الثقافة كانت ولادة بيت الرواية ببادرة من الروائي والناقد كمال الرياحي اهتماما بفن الرواية إبداعا ونقدا... وفي مستهل أنشطته كان الموعد مع ملتقى تونس للرواية العربية في تونس على امتداد أيام 3 و4 و5 ماي 2018 بمشاركة أكثر من ثلاثين روائيا عربيا تحت شعار « الرواية: القدرة على التغيير».
وإن جمع هذا الملتقى في رحاب بيت الرواية أسماء لامعة في سماء الأدب من تونس وخارجها بما في ذلك أوطان اللجوء والمنافي ... فقد حاولت «المغرب» رصد بعض الانطباعات ونقل بعض الشهادات حسب المتاح من المساحة وحيّز الورق.

الروائي الكبير إبراهيم الكوني:
كل إبداع لابد أن يمرّ بالاغتراب
لعل من أهم نقاط قوة ملتقى تونس للرواية العربية نجاحه في استقطاب واستضافة الروائي الليبي والمقيم بسويسرا إبراهيم الكوني الذي يعتبر واحدا من أهم كتاب الرواية في العالم العربي. وقد صنفته مجلة لير الفرنسية ضمن أبرز خمسين روائيا عالميا معاصرا، وتم ترشيحه لأكثر من مرة إلى جائزة نوبل للآداب.
وكما تعتمد مؤلفاته كمراجع في كبرى الجامعات في العالم فقد تناثرت مداخلات إبراهيم الكوني في ملتقى الرواية كالدرر النفيسة. وكان من بين ما قال ما يلي: «أؤمن بقدرة الرواية على التأثير. كلما كانت الرواية عفوية وبسيطة حملت شفرات خفية اقوى وأعمق وأثرى... نحن نتعلم في الواقع ممّا نكتب، نحن نعيد إنتاج أنفسنا في متن النص. نحن نبدع لا لنستمتع بل لنتحرر. وإن استطاع المبدع أن يغيّر ما بإنسان واحد فقد استطاع أن يغير الإنسانية كلها! وأعتقد أن التجربة الروائية رهينة ثراء التجربة الدنيوية ولدي يقين بأن كل تجربة إبداعية لابد أن تمر بالاغتراب. نحن كلنا مغتربون في هذا الوجود لأننا فقدنا هويتنا ..أليس كل الموجودين هنا من رموز الثقافة العربية هم في الحقيقة منفيون في أوطانهم وخارج أوطانهم؟! بقدر اغتراب المبدع عن محيطه وعن الآخر وحتى عن نفسه يكون الإبداع نافعا ومقنعا ودرسا في الحياة».

الروائية التونسية آمال مختار
الرواية من أخطر الأسلحة الثقافية
احتفى ملتقى تونس للرواية العربية بأهل الرواية والأدب في تونس وكانت من بين ضيفاته المبدعات والأنيقات حضورا وتدخلا الروائية آمال مختار التي صرحت لـ «المغرب «بما يلي:»كما لم أر من قبل – طيلة سنوات عملي في الإعلام وفي الأدب – حضر في افتتاح بيت الرواية التونسي الذي أسسه الروائي كمال الرياحي جمهور غفير، جمهور حقيقي قرأ للكُتّاب وتابع مسيراتهم، سعدت بذلك الحضور الذي نفخ على جمر الأمل والإيمان بدور الرواية وقدرتها الحقيقية على التغيير. وكل من كان حاضرا في افتتاح بيت الرواية سواء من الكتاب أو الجمهور جاءت به إلى هذا البيت رواية ما قرأها فأحدثت فيه التغيير، أليس ذلك هو التغيير الذي نرومه ؟ شكرا لكل من أمن بالرواية وخطورة دورها في هذه المراحل الدقيقة والحاسمة التي يمر بها وطننا العزيز تونس بل وتمر بها كل البلاد العربية والعالم بأسره إنها فترة مخاض عسير والرواية هي الطبيب الذي يعايش هذا العسر والذي سينقذ الجنين بكل ما أوتي من علم وخبرة.شكرا كمال الرياحي وفريقك الصغير الذي صنع الحدث الكبير ، شكرا وزارة الشؤون الثقافية التي دعمت لكن عليها ألا تبخل على الرواية فهي فعلا من أخطر الأسلحة الثقافية التي يعول عليها لمواجهة الظلام والحفاظ علي وجه تونس مشرقا بجماله وحداثته وعلمانيته.»

الروائي الجزائري أمين الزاوي:
بيت الرواية انتصار للرواية
بكثير من الحب والامتنان، تحدّث الكاتب والمفكر الجزائري أمين الزاوي عن حدث ولادة بيت الرواية فقال:»أوّلا أسمحي لي بأن أتوجه بالشكر لمن كان وراء بعث بيت الرواية تأسيسا وتنسيقا واتصالا ... يحق علينا شكر الروائي الكبير كمال الرياحي الذي نجح في جمع شتات الروائيين من المشرق والمغرب وأيضا من المنافي. هذه البادرة حضارية تؤسس لمرحلة جديدة في علاقة المؤسسات بالرواية، وفي صلة القارئ بالرواية... أعتقد أنه بتأسيس بيت الرواية لم تعد الرواية أدبا مهمشا بل أصبحت تزحف أكثر فأكثر نحو المركز لتكون سلاحنا في وجه الفوضى والظلامية... وقد كانت محاور ملتقى تونس للرواية العربية على غاية من الأهمية لأنها لامست الجوهر والراهن... فالروائي في نهاية الأمر هو مواطن ومثقف يقوم بدور أساسي في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن الحرية الفردية التي كثيرا ما تغيب في مجتمعاتنا العربية لصالح ثقافة القطيع».

الروائي علي المقري من اليمن:
ربيع الرواية ينطلق من تونس
يربط الروائي اليمني علي المقري بين تأسيس بيت الرواية وما يسميه بـ» الربيع التونسي» فيعتبر أن بعث بيت الرواية هو في أحد وجوهه يحمل رمزية انطلاق ربيع الرواية من تونس بكل ما يحمله من إضافة للثقافة العربية عموما في ظل التحولات الراهنة في العالم العربي. وعبّر هذا الضيف لملتقى تونس للرواية العربية عن رغبته في أن يكون نشاط بيت الرواية متواصلا في الزمن وليس مناسباتيا من خلال تنظيم ندوات دورية وورشات إبداعية في فنّ الرواية سواء في تونس أو في الوطن العربي.
ولاشك أن ضيوف بيت الرواية سيغادرون تونس وفي حقائبهم شيء من امتداد سمائها التي اتسعت لكل الأجيال والتجارب وفي ذاكرتهم بعض من أثرها الذي خطته في وجدانهم كحاضنة للأدب وعاصمة للرواية.

مؤسس بيت الرواية كمال الرياحي:
كان ملتقى استثنائيا بكل المقاييس
بعد أن جمع أكبر الروائيين وبحث في قضايا الرواية وهواجسها وآفاقها... يعتبر مؤسس بيت الرواية وصاحب بادرة ملتقى تونس للرواية العربية كمال الرياحي أن هذا الملتقى كان استثنائيا على مستوى تميز جل المداخلات وحضور الجمهور والمستوى التنظيمي... وأشاد الرياحي بدعم وزارة الشؤون الثقافية لهذا الحدث الثقافي والأدبي حتى يكون بحق علامة فارقة في حقل الرواية ومحطة إشعاع في عالم الأدب على مستوى وطني وعربي...
وإن لم يتجاوز عدد أفراد فريق بيت الرواية أصابع اليد الواحدة فقد كان العطاء أكبر بكثير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115