«فينيق سمامة» في بلجيكيا: إكليل من الوفاء إلى فلسطين ... و«جاك برال» في مرقوم نساء الجبل

باقات من الإكليل وعبق من نسيم الجبل وبعض من الآمال والأحلام...

كانت كلّ زاد الفنان عدنان الهلالي في رحلته الثقافية إلى بلجيكيا. ولأنّه مختلف في أسلوبه ومتفرد في طريقة إبداعه، فلم يكن من الغريب أن يهجر الهلالي ارتداء البدلة ويتحرّر من أسر ربطة العنق ليستبدلها باللباس الجبلي التقليدي وحلّة الرعاة وهو الذي جعل للرّعاة عيدا خاصا بهم وحدهم. 24 ساعة فقط في بلجيكيا كانت كافية لعدنان الهلالي بأن يكون ممثلا لتونس على طريقته ومعرّفا بالثقافة في تونس الأعماق، هناك حيث الجبل يقاوم الفناء بالفن ويبعث برسائل من الجمال والياسمين مع كل شعاع شمس يبزغ في الأفق البعيد...

انطلاقا من تكريم فرانس برال ابنة جاك برال وصولا إلى تسليم درع فينيق سمّامة إلى سفير فلسطين ببروكسال الدكتور عبد الرّحيم الفرّا، امتدت رحلة الفنان عدنان الهلالي إلى بلجيكيا على ساعات محدودة في الزمن ولكنها كانت كافية لتحقيق المبتغى وخلق الفارق والاستثناء...

الجبل مسرح الفن رغم الخطر
كان لتونس وجبل سمّامة حضور مختلف في بلجيكيا بمناسبة افتتاح الندوة الدولية لمدينة تورناي احتفالا باليوم العالمي للتضامن. وفي هذا السياق قدم الناشط الثقافي عدنان الهلالي مداخلة بعنوان «المقاومة بالثقافة في تونس» وهو الذي احترف مغامرة تحويل الجبل من مكان مسكون بالخطر والألغام إلى مسرح مفتوح لتظاهرات مستجدة وأحداث ثقافية تنبع من ثقافة الجبل وأبدا لا تشبه غيرها... كما تم عرض شريط وثائقي لمحمد الدبابي عن المشروع الثقافي الجبلي «فينيق سمّامة... فينيق الإكليل» الذي نجح في استقطاب الاهتمام وجذب الأضواء إلى المناطق الريفية المتاخمة للجبل حتى لا تكون نسيا منسيا...
بعيدا عن التمثيل السطحي للبعثات التونسية في المحافل الدولية، يؤكد عدنان الهلالي أن «المدة الزمنية القصيرة لمهمته الثقافية في بلجيكيا حققت الأهداف المرجوة منها في حصد الاهتمام والمساندة لتونس في حربها على الإرهاب في تونس، كما نجحت في ترك صدى طيّبا لدى الضيوف والإعلام الأجنبي عن تونس الفن والجمال والإبداع...».

تكريم من سمّامة إلى فلسطين
لم يكن الاحتفال باليوم الدولي للتضامن سيمرّ مرور الكرام دون تحية فلسطين وهي تحتل مرتبة أمهات القضايا الإنسانية وأولويـــة الاهتمامــــات الحقوقية... وبدورها كرمت تونس عن طريق الفنان عدنان الهلالي فلسطين من خلال منح دروع التكريم إلى سياسيين و فنّانين بلجيكيين ساندوا القضية وصدحوا بصوت الحق بين الأمم. وهم النّائب والكاتب سارج هوستاش صاحب كتاب «بيت لحم بين الأسطورة والواقع» والذي يتعرّض إلى عديد المضايقات من المحـتل الإسرائيلي كلّما زار الأراضي الفلسطينية المحتلّة وهو الذي كان وراء انجاز العمل الفني الفلسطــيني التونسي البلجيكي «المنارة» الذي اختتم مهرجان الحمّامات 2015. كما كرّم جبل سمّامة الفنّان البلجــيكي أيلوا بوديمونت الذي أسّس مجموعة موسيقية استعراضية تحمل اسم «جولة فلســــطينا» وقد قامت بعديد الجولات الفنّية في الأراضي الفلســـــطيينية المحتلّة وفي الضفة الغربية. وشمل التكريم كل من رئـيـس مقاطعة والونيا الوزير رودي ديموت وحسّان بلوي المسؤول الفلسـطيني عن العلاقات الثــنائية في بلجيكيا واللكسمبرورغ وكريستيان سالنس المدير العام لوالوني بروكسال تونس و ليسبات بينوت التي بعثت مشروع «سمّامة تؤسّس سركها». كما كرّم الفنان عدنان الهلالي سفير فلسطين في بلجيكيا والاتحاد الأوروبي عبد الرحيم الفرّا بمقرّ سفارة فلسطين ببروكسال مهديا إياه باقة من إكليل جبل سمّامة ودرع فينيق الجبل.
وفي هذا الإطار صرح الهلالي بالقول: «دعم القضية الفلسطينية يكون بدعم الأوروبيين الذي يساندونها ويمثلون ضغطا حقيقيا على الكيان الإسرائيلي المحتلّ أما العرب فيكتفون بالمسيرات في معظم الحالات».

«مرقوم جاك برال» تحفة من إبداع نساء سمّامة
في هدية طريفة و فريدة من نوعها حمل عدنان الهلالي إلى رئيسة مؤسّسة جاك برال ببروكسال وابنة الفنان الكبير جاك برال لوحة فنية من إبداع أنامل نساء جبل سمّامة في شكل»مرقوم» رسمت عليه بخيوط الصوف صورة جاك برال. وإن كانت هذه الهدية بمثابة التحية من الفنان عدنان الهلالي إلى ذكرى فنان كبير لم يكن فقط مجرد ظاهرة فنية تسبح في كونها أفلاك الحب والرومانسية بل كان صاحب موقف وثورة إنسانية.

وعن وقع مرقوم جاك برال في نفس فرانس بــرال، أكدّ عدنان الهلالي أنها تلقته بكثير من الحب والإعجاب موجهة تحية حارة لنساء سمّامة اللاتي أبدعن هذا العمل الفنّي الطّريف وهي التي تعلم ما يعانيه سكّان الجبال في تونس من ضنك العيش وقسوة المناخ وتهديد الإرهاب. وقالت إن هذا العمل الفني سيزيّن مؤسسة برال التي تشهد الآن أشغال كبرى كذكرى طيبة من نساء الجبل الذي احترفن الفن بالفطرة وعلى السليقة.

ويأتي تقديم هذا النوع من الهدايا في سياق سعي الفنان عدنان الهلالي إلى نفض الغبار عن الحرف المنسية وإعادة الاعتبار إلى الحرف اليدوية المهددة بالانقراض ... وذلك من خلال إعادة الاهتمام بالنــشاط الحــرفي في الجبل بمناسبة قرب افـتتاح أول مركـز ثقافي جبل بتونـــس الذي تموّلـه مؤسسة رمـــبروغ وذلك في 7 جويــلية المقبل بريف الوسّاعية من معتمدية سبيطلة.

قبل أن يغادر عدنان الهلالي بلجيكيا غنّى عن فلسطين وأمتع السامعين أغنية عن الخيل والجبل مؤديا «يا مهيرتي» لفرقة العاشقين. وقبل الرحيل أهدى من التقى بهم هناك باقات من إكليل جبل سمامة ليبقى لهم شيئا من عبق الذكرى عن فنان سكنه حب الجبل بجنون فكتبه بحروف من الماء والنار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115