المتاحف العسكرية التونسية: مدارس للوطنية وروافد للسياحة الثقافية وسعي نحو دعم السياحة الثقافية

بيّنت الهجمات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو أنّ من غاياتها استهداف الذاكرة الوطنية، والثراء الثقافي التونسي، هذا الثراء نلمسه أيضا في المتاحف العسكرية التي توليها وزارة الدفاع الوطني باعتبار أنّ التراث العسكري مقوّم من مقومات الهوية الوطنية ودليل راسخ

على تجذر الروح الوطنية والاستماتة في الدفاع عن الوطن عبر الأجيال وعلى مر العصور.. فما هي المتاحف العسكرية التونسية؟ فيما تتمثل أهميتها؟ وكيف تدعم السياحة الثقافية؟
من خلال حديثنا مع محافظ المتحف العسكري الوطني، استسقينا عديد المعلومات والمعطيات حول المتاحف العسكرية التي تتمثل مهمتها في حفظ وعرض وتنمية التراث التاريخي العسكري واستقبال الزائرين بما في ذلك السيّاح والبعثات والوفود العسكرية الأجنبية وتعمل الوزارة على تطوير التنشيط المتحفي والتعاون مع مختلف المتاحف والمؤسسات ذات الصلة على المستوى الوطني والدولي في إطار المجلس العالمي للمتاحف. وتفتح المتاحف العسكرية أبوابها للزائرين من مواطنين ومقيمين بتونس يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الزوال ما عدا يوم الإثنين وأيام الأعياد الدينية. وتجدر الإشارة إلى أن المتاحف العسكرية تنفرد بوضع أدلاء عسكريين يحذقون عدة لغات أجنبية (أنقليزية، فرنسية، إيطالية،ألمانية، أسبانية) على ذمة زائريها طيلة أوقات العمل.
وتشرف وزارة الدفاع الوطني على تسييرأربعة متاحف عسكرية وهي:

• المتحف العسكري الوطني قصر الوردة بمنوبة:
دشن المتحف العسكري الوطني في 25 جوان 1984 وذلك بعد انتهاء أشغال الترميم التي شهدها القصر، ووقع فتحه للعموم في 24 جوان 1984.وتتمثّل مهمته في المحافظة على التراث التاريخي العسكري وعرضه وتنميته لتخليد ذكرى من استشهد في سبيل الوطن.
يحتوي المتحف العسكري الوطني على مجموعات من الممتلكات الثقافية (أسلحة بيضاء، أسلحة نارية، رسوم زيتية، محفورات، نماذج معارك، نماذج سفن حربية، دروع، مدافع، وأسلحة ثقيلة ..). تنتمي جلها إلى كلّ حقب التاريخ العسكري التونسي الثري الممتد على أكثر من 3000 سنة من التاريخ.

وقد تمّ توزيع هذه المجموعات على مختلف قاعات العرض وذلك حسب مختلف المراحل التاريخيّة العسكريّة التي عرفتها البلاد التونسيّة عبر العصور.

1 - قاعة الفترة القديمة : تغطي العهد القرطاجي و الروماني والوندالي والبيزنطي.

2 - قاعة الفترة الوسيطة: تهتمّ بالفتوحات العربيّة الاسلاميّة منذ قدوم أوّل الجيوش العربية الإسلامية وتأسيس القيروان مرورا بالتوّسع في الغرب العربي والأندلس والجزر المتوسطية. وملامح عن الجيش والرباطات في العهدين الاغلبي والفاطمي. كما تشتمل هذه القاعة على معروضات من العهد الحفصي لتصل إلى الصراع الاسباني-العثماني على المتوسّط في القرن السادس عشر.

3 - قاعات العصر الحديث :
أ - قاعة الفترة العثمانية والمرادية : تبرز هذه القاعة من خلال الرايات الصغيرة والنماذج المصغرة للمراكب مثل الشبك والأسلحة المختلفة والأزياء العسكريّة، النشاط البحري في المتوسّط في تلك الفترة ثمّ دخول البلاد التونسيّة تحت الراية العثمانية سنة 1574 ومحاولات انسلاخها واستقلالها عن الإمبراطورية العثمانية سنة 1705.
ب - قاعة الدولة الحسينيّة : نجد في هذه القاعة عددا من اللوحات الزيتيّة والأزياء والوثائق التي تترجم إرادة البايات الحسينيين في الاستقلال عن الحكم العثماني وإنشاء الجيش النظامي التونسي في عهد المشير الأول أحمد باي كدعامة لاستقلال البلاد في وضع جيوسياسي تميّز بالتوسع الاستعماري الأوروبي.

4 - قاعات الفترة المعاصرة :
- قاعات المقاومة المسلّحة : تهتمّ بالكفاح المسلّح ضدّ الاحتلال الفرنسي منذ سنة 1881 إلى الاستقلال عام 1956 حيث تم تكوين النواة الأولى للجيش الوطني وتركيز أسس السيادة الوطنيّة.
- فضاء مشاركات الجيش الوطني في عمليات حفظ السلام : يشتمل هذا الفضاء على عرض وثائقي عن مشاركات القوات المسلّحة التونسيّة في عمليات حفظ السلام بالعالم تحت لواء المنظمة الأممية أو منظمة الوحدة الافريقية أو الجامعة العربيّة. كما تمّ تخصيص جناحين للتعريف بتكوين النواة الأولى لكلّ من جيش الطيران والبحريّة الوطنيّة.
- فضاء خاص بمواكبة الجيش الوطني للإنتقال الديموقراطي2011 - 2014: يشمل هذا الفضاء عرضا فتوغرافيا يجسد مساهمةالقوات المسلحة التونسية في حماية الوطن والمواطن وتدخلها الناجع لضمان إستمرارية الدولة ومناعة مؤسساتها وحماية المجال الوطني من الأخطار الداخلية والخارجية.

- قاعة المنارات والعلامات البحريّة : أعدت هذه القاعة بالتعاون بين المتحف ومصلحة المنارات والعلامات البحريّة وهي تحتوي على منارة بحرية تاريخية تعود إلى أواخر القرن 19 وكانت متواجدة بـ “كاب سرات”.
- قاعة أسلحة القرن التاسع عشر: تحتوي هذه القاعة على أسلحة (بيضاء ونارية) استعملها الجيش التونسي خلال القرن 19 (وأغلبها يعود إلى مشاركته في حرب القرم 1853 - 1856 ).
- المعروضات بالفضاء الخارجي للقصر: تمّ استغلال فضاء قصر الوردة الخارجي لعرض نماذج من المدرّعات والمعدات الدارجة والمدافع تروي تاريخ المدفعيّة في تونس عبر التاريخ من سنة 1750 إلى سنة 1970.كما يضم المتحف مجموعة من الدبابات (م 60، م 42، م 41، أ.م.أكس 13) وعربة مزنجرة «صلاح الدين» وسيارة نصف مزنجرة وطائرة مقاتلة من نوع F86 Sabre استعملها الجيش الوطني بعد الاستقلال.

• متحف الذاكرة الوطنية بالسيجومي:
يقع هذا المتحف بالضاحية الجنوبية الغربية لمدينة تونس تحت النصب التذكاري للشهداء الذي أقيم في هذا الموقع سنة 1982 تخليدا لذكرى المناضلين الأحرار الذين أعدمتهم السّلط الإستعمارية في هذا المكان بين سنة 1941 و سنة 1954. ومتحف الذاكرة الوطنية يعتمد أساسا على عرض سمعي وبصري وهو مختصّ في تاريخ الحركة الوطنية و الكفاح المسلّح من أجل الاستقلال.

• متحف الذاكرة المشتركة التونسية الجزائرية:
أقيم هذا المتحف بمدينة غار الدماء بالتعاون مع الجزائر الشقيقة حفظا للذاكرة المشتركة بين الشعبين الشقيقين خلال مرحلة النضال المشترك والكفاح المتضامن بينهما من أجل التحرر والاستقلال. وأقيم في المنزل الذي سكنه قادة الثورة الجزائرية بتونس وهو يذكرّ الزائرين بالدعم الذي لقيته الثورة الجزائرية من قبل الشعب التونسي ومؤسسات الدولة.

• متحف خط مارث الدفاعي
يوجــد المتحــــف العسكري لخط مارث على الطريق الرئيسية رقم 1 على بعد كيلومترين جنوب مدينة مارث باتجاه مدنين، وهو مختص في أحداث ووقائع الحرب العالمية الثانية بتونس وخاصة معركة مارث التي دارت بين فوات الحلفاء والمحور في شهر مارس 1943.ويضم مجموعة من الأسلحة والأزياء العسكرية التي استعملتها الجيوش المتحاربة أثناء هذه الفترة وفيه كذلك عدة خرائط إلكترونية تبين للزائر مختلف المسالك والمواقع التي دارت فيها المعارك. والهدف من هذا المتحف هو تذكير الزائرين بدور البلاد التونسية وتضحياتها إلى جانب العالم الحرّ الذي شاركناه ولا نزال نشاركه قيم الحرية والإنسانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115