بورتريه: لبنى نعمان بمنسابة اليوم العالمي لمرأة: حرة.. نابضة.. رقيقة رقة الحمامة صلبة .. جريئة جرأة اللبوة

هادئة كما الاطفال كفراشة تحوم فوق الرياحين لتستنشق عبق الحرية، يلقبها البعض بالحمامة البيضاء

فكلما غنت بصوتها الرقيق امتعت الجمهور حد الشبق، لإحساسها وقع ضحكة الطفل على الروح وللكلمات وقع البلسم على الاذن.
أحيانا تكون لبؤة شرسة تدخل معركة فتنتصر منذ الجولات الاولى، غنت الفن الملتزم فامتعت من «شمعة بلعيد» الى «على هذه الارض» و «بركان» و«وطن» و«كان يا مكان» أغاني لقيت حظها عند الجمهور التونسي، غنت التراث وأعادت البريق بإحساسها المختلف الى اغاني «ريت النجمة» و «كبي الفولارة» و «بتي سهرانة»، فنانة لو كانت اكسسوارا تونسيا لاختارت ان تكون «التليلة» فقط لانها تنبض بالحياة، هي لبنى نعمان صاحبة الصوت الجميل .

• الطفلة الاعجوبة
في جبنيانة من ولاية صفاقس ولدت الفنانة المرهفة الاحساس، هناك انطلقت قصة عشق لتراث المثاليث والادبة وفي عائلة تحفظ الاغاني وترددها تربت الطفلة على سماع الموسيقى « من حسن الحظ اني عشت في عائلة حرة تقدر الفن والغناء، والدي كان مثقفا يقرأ الكتب وجدتي تغني كثيرا» بهذه الكلمات تسترجع لبنى الطفلة التي لا تكبر ابدا بعض ذكريات الطفولة، وتضيف محدثتنا « عشت وسط عائلة يسارية وسمعت وحفظت الاغنية الملتزمة منذ النعومة وهو ما شكّل هذا الخليط في شخصيتي».
لبنى نعمان حين تغني تستحضر امامها كل تقاسيم الصلاة تغني وكأنها في لحظات عبادة ممتعة، تكون كمن يصلي للحياة صلاة يشاركها فيها الجمهور بالهتاف باسم الحب عادة.
لبنى الهادئة تصبح احيانا كنوتة متمردة وثائرة تصرخ وتصدح عاليا باسم الجمال والحرية فهي تلك الطفلة «اللهلوبة» عاشقة الرقص التي تمنت ان تكون راقصة حينما تكبر لأنها «كنت ارقص في جميع حفلات الأعراس يجلس الجميع لأرقص، وفي المنزل العائلة تسهر بي لأنني اقلد نيلي وشريهان» هكذا تستحضر طفولتها بابتسامة الاطفال و تضيف «لبنى نعمان كانت الطفلة الاعجوبة فيث العائلة واللهلوبة»و بعد العائلة يأتي دور «انسيتي دليلة» في نادي الاطفال بجنيانة هناك «علمتنا الغناء و اللوحات المسرحية» جميع هذه التفاصيل والجزئيات جعلت من لبنى الطفلة ذات شخصية مستقلة قادرة على اختيار اصعب السبل.

• اخترت المسرح ...
الاختلاف اختيار والتحدي وقوة الشخصية اختيار ايضا، لبنى نعمان اختارت ان تغرد خارج السرب، اختارت ان تدرس المسرح «لاني احلم منذ الصغر باداء الادوار المركبة» و اختارت المعهد العالي للفن المسرحي «يمكنني دراسة الموسيقى في اي مكان ولكن المسرح فقط في «الايزاد» فذاك الفضاء يجمع أحلام كل المسرحيين» .
اربعة اعوام من الدراسة في المعهد العالي للفن المسرحي زادت شخصية لبنى الفنية نضجا واكتمالا فتعلمت الكثير من الوعي وأصبحت لها ذائقة أكثر خصوصية ومختلفة عن اقرانها، في المعهدى «نعلمت ما معنى ان امثّل، لماذا شنوة نحب نعمل» على حد تعبيرها مشيرة ان التكوين الاكاديمي ساهم في نضجها الفني ايضا لتختم سنواتها الأربع بأفضل مشروع تخرج «ضد مجهول» الذي شارك في لبنان ايضا.

من المعهد الى العمل مع الراحل عز الدين قنون «اعتبر نفسي مزهارة من الدراسة الى التجربة مع المعلم قنون هو الحظ بالنسبة لي» من قنون تعلمت الحياة وتعلمت ان تكون انسانة قبل ان تكون ممثلة فعز الدين قنون « كان يعرف جيدا كيف يتعامل مع الممثل وبالاضافة الى التقنية علمني قيمتي كممثلة وكانسانة « كما تقول لبنى عن استاذها.
بعد تجربة hotage مع الراحل قنون توقفت التجربة المسرحية الى حين لان فنانتنا الانتقائية جدا لم تجد عملا يثير فكرها ولا رغبتها في المسرح.

مبدعة هي ومميزة ولحضورها الركحي خصوصياته، حين تغني تستعمل كل جسدها، وامام الكاميرا لحضورها كل الاقناع، لبنى نعمان متحصلة على جائزة افضل ممثلة عن دورها «بنت السنقرة» في فيلم «باستاردو» لنجيب بلقاضي تجربة تسترجع ذكرياتها ودموع لا تزال بمقلتيها «تجربة مميزة تعلمت منها الكثير، يكفي اني قصصت شعري لأجل الشخصية، بنت السنقرة اثرت في لبنى نعمان ولم تكن دورا عابرا، دور ممتع وناجح « بهذه الكلمات تتحدث عن دورها في باستاردو.

يبدو ان الممثلة عاشقة لكل ما هو مركب وللصعب بعيدا عن الاستسهال فبعد باستاردو كان لها دورا مركب ليظل في مسلسل «فلاش باك» شخصية فتاة مدمنة ومريضة نفسيا، شخصية مركبة نجحت لبنى نعمان في تجسيدها، وفي سؤال عن السينما والدراما تجيب ممثلتنا.
«السينما اجمل من التلفزة لان للتلفزة قوانينها وصعوباتها، التلفزة اصعب تقنيا من السينما، الدراما تجربة صعبة لكن اعتبرها ناجحة « وعن ادوارها تقول نعمان الادوار التي انجزتها وراهنت عليها وقدمتها بكل محبة وقناعة وحققت بها جزءا من احلامي كممثلة لانجاز أدوار مركبة وسأردد دوما مقولة ساحيا كما تشتهي لغتي ان اكون سأحيا بقوة هذا التحدي.

• الموسيقى هي من اختارت لبنى نعمان
غنّت فامتعت، صدحت باغان الحرية و الثورة والحقوق والكرامة فامتعت جمهورها اينما كان نبشت في التراث المنسي وجعلت من «كبي الفولارة» المدخل للعديد من الفننانين ليحفروا في الذاكرة المنسية ويزيحوا الركام عن تراث شفوي منسي، اختارت المسرح واختارتها الموسيقى، منذ الطفولة غنت وكانت اول اغنية تؤديها « من غير ليه» وهي في سن العاشرة وتقول مازحة «شوف على شنوة صادمة من صغري».

بعدها كانت المشاركة في طريق النجوم وغنت لفيروز واختارت ان تكون مختلفة ايضا «اخترت ان اشبه لبنى نعمان وحدها» ، ثم اختارت ان لا تدرس الموسيقى «لاغنى بالسليقة والفطرة، اردت ان اغني بصدق بعيدا عن التكوين الاكاديمي» كما تقول محدثتنا التي اصبحت من الفنانين جد المحبوبين من الجمهور في كل ربوع تونس.
لبنى نعمان ليست صناعة الثورة وأغانيها الملتزمة لم تكن وليدة ما بعد الثورة لانها غنت الملتزم منذ البدايات وما اضافته للثورة هو «التطرشيقة» و «نفس جديد» اكثر حرية والثورة صالحت الفنانة مع مشروعها الموسيقي.
ومنذ 2010 ولبنى نعمان تعمل على مشروع موسيقي خاص ومختلف، مشروع موسيقي انتقائي «انا اخترت نواة المجموعة واخترت كلمات وحيد العجمي ومنذ اللقاء مع مهدي شقرون توضّحت ملامح المشروع الموسيقي اكثر» مضيفة لان مهدي شقرون نجح في خلق هيكلة جديدة للاغنية، تجربتنا نبعت من فكرة وليدة الجذور بروح جديدة وصورة مغايرة وربما ذاك هو سر النجاح.

نادرون هم الذين يمتعونك بصدق احساسهم، من البكاء على موسيقى «كبي الفولارة» الى وجيعة «ريت النجمة» وسحر «غريب وجالي» و«وطن» تلك الاغنية الناقدة للوطن الظالم لابنائه، الى شمعة بلعيد التي اطفأت ظلما فبياع الياسمين في ذاك الشارع الطويل والقائمة تطول تعرف لبنى نعمان انها لازالت في بداية المشوار وتعرف ان «هناك الكثيرات يغنين افضل منها وهناك اصوات اجمل ولكن ما يميزها هو الايمان بالمشروع الموسيقي الذي حلمت به وآمنت أنها تستطيع انجازه وان قست الظروف.
مشروع ملتزم ومن اول دعائم نجاحه هو الحرية فالفنان الملتزم هو الحر هو الذي يغني بعيدا عن الايديولوجيا كما تقول لبنى نعمان.

• «انا المرا ... انا الولادة»
اليوم هو العالمي للمرأة ولبنى نعمان من الفنانات الملتزمات بالغناء للمرأة، من التراث غنت «بتي سهرانة» تلك الاغنية التي تتحدث عن شجاعة المرأة رغم العرف والعادة، الى المرأة تهدي اغانيها وفي الذاكرة تنبش عن اغان تتحدث عن المرأة وقوتها.
لبنى نعمان الهادئة احيانا نجدها على الركح مثل وردة «بوقرعون» برية وجميلة عطرها مميز ولكنها تموت لما تقتلع من ارضها كذلك الغناء عند المرأة عندها فهي المرأة هي الارض هي الوطن هي الحب هي الولادة وهو عنوان المشروع المسرحي الغنائي الذي تعمل عليه الفنانة منذ مدة، تبحث عن اغان غنتها نسوة او تتغنى بالمرأة لتجمعها في عرض سمته الولاّة نسبة الى المرأة و «بتي سهرانة» هي من اغاني الولادة، اغان منسية ولكنها تقدم الصورة الحقيقية عن المرأة التونسية وقوتها عبر الأزمان لأنها دوما هي الامل وهي عمود البيت.

• من الذاكرة الى المكنين عشقة الكوستيم
العرض المشهدية، لكل عرض سحره، من التخليلة الى التليلة، الحرام بكل الوانه وتفصيلاته، الفولارة التونسية، هكذا عرفها جمهورها بستايل جد خاص، وعن الكوستيم تقول لبنى نعمان انه من ضروريات العمل خاصة المسرحي والعمل مشهدي اساسا ولكنها تاثرت باللباس التقليدي لمدينة المكنين فاللباس المكني مشهدية متنقلة بالوانه وتشكيلاته المختلفة، العيش في المكنين ومشاهدة اللباس التقليدي ايقظ في ذاكرتي صورة لبنى الصغيرة وهي تلبس الملية في جبنيانة ومن تلك الالوان والقصص التي يحكيها اللباس التقليدي اصبح لي طابع خاص في اللباس.
لبنى نعمان المرأة القوية أنموذج عن الفنانات المتمسكات بحقهن في لنجاح رغم اختيار الطريق الصعبة، فنانة لها مشروعها وجمهورها تؤمن انها الولادة وانها قادرة على التحليق في علياء الابداع فالجميلات هن خالات نخل السماء.

الحب دعامة للنجاح المرأة الفنانة
ثنائي مميز، تجمعهما النوتة والحلم يختلفان كثيرا ،الثنائي مهدي شقرون ولبنى نعمان وقصة حبهما ولدت العديد من الاغاني والنوتات الجميلة، فالحب هو «كل شيء» و الحب بين الثنائي يعمل في الموسيقى يؤثر ايجابا على العلاقة، «علاقتي بمهدي شقرون تجاوزت الزواج فهناك صداقة حقيقية ورفاقية و ايمان بقدرة كل منا على النجاح» كما تقول عن رفيقها مهدي شقرون الذي عشقت من خلاله الكاف وموسيقاها وتراثها.

الى المرأة التونسية خليك قوية
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وجهت لبنى نعمان رسالة الى المرأة التونسية مفادها « خليك محلاك خليك حرة ، نابضة، كبيرة ، فرحانة خليك مالية مكانتك» .
وتضيف كما يجب الدفاع عن حقوق المرأة العاملة تلك الي تجمع الحلفاء وتعمل في الحقول اين حقوقها اين هي من المنظومة عموما ، اين حقها تلك العاملة يجب ان ندافع عنها لتضمن كرامتها.

نغم ابنتي اجمل المشاريع
لبنى نعمان الفنانة وهي ام ايضا لطفلة «لهلوبة» عن كيفية الجمع بين هذه المسؤوليات تقول لبنى ان والدتها وشقيقتها نهى هما اللتان تساعدانها للعناية بنغم دون نسيان التفاهم وتقسيم الوقت مع مهدي وتظل «نغم» المشروع الانجح والاجمل.

لازلت اقاوم
منذ عام قررت لبنى نعمان الاعتزال، في لحظة ضعف انهارت وقررت انهاء التزاماتها والانسحاب ولكن تلك القوة الداخلية التي تسكنها نهضت كطائر الفينيق من رماده ومن وجيعتها اعادت مداواة جراحها لتعود اشد شراسة، قبل وبعد قرار الاعتزال اكدت لبنى نعمان ان حب الجمهور و «القدر» الذي وجدته لدى جمهورها كان السبب الاول للتراجع مؤكدة انها خلقت للمواجهة وستواصل المعركة فلا الرحلة ابتدأت ولا الجرب انتهى لان الوجيعة تجعل الفنان اقوى.

العودة الى المسرح
لبنى نعمان منهمكة في التحضير لعمل مسرحي جديد و العودة الى المسرح بعد عشرة اعوام من الغياب عمل من اخراج وحيد العجمي و «الذاكرة قصيرة» هو. عنوان المسرحية بالاضافة الى التحضير لأغنية جديدة من الحان امين قلصي وكلمات ياسين حمزاوي «الليل ليل».
وتسجيل اغنية «شوية وقت» كلمات وحيد العجمي والحان مهدي شقرون أغنية قدمتها في الحفلات وطلبها الجمهور وتضيف «أعمل على تصوير الاغنيتين فيديو كليب و«الامر صعب لاني أعمل من أجل الفن وليس «الماركيتينغ» ولكن ساحاول».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115