انطلاق المرحلة الثانية من مشروع «أول فيلم»: «علمني سيدي مهما كان صعب امتحانك... الدنيا امتحانها أصعب»

جميلة هي ابتسامة الأطفال وقت الفرحة، ممتعة هي لحظات مشاهدتهم وهم جد منهمكين

في الكتابة والسرور يملأ وجوههم وعلامات النصر تبدو واضحة بعد الانتهاء من الكتابة، ساحرة هي نظرات الدهشة الاولى مع مشاهدة اول صور الكاميرا وكيفية تقطيع الصورة وتحليلها، والأجمل ذاك الشغف حد الشبق للتصوير ومشاهدة اعمال اترابهم فلشغف الاطفال سحر مميز وسر لا يعرف كنهه غير المعلمين، وفي تطاوين يكون اللقاء مع فرحة 110 أطفال وهم يعانقون السينما.

110 أطفال سيكونون حاملين للواء الابداع في مشروع «أول فيلم» الذي اختتم مرحلته الاولى الخاصة بتكوين المعلمين وانطلقوا الى المرحلة الثانية الموجهة للمتعلمين، تجربة تعلم الاطفال ابجديات قراءة الصورة وتحليلها ثم تصوير فيلم يكونون هم كتبة نصه وفكرته، تجربة تعطي شارة القيادة للطفل ليكتب للمتقبل ما يحلم به.

علمني سيدي...تقنيات الصورة والحلم
للصورة تأثيرها على المتقبل، وللصورة ابجدياتها فهي ابلغ من الكلمات في كثير من الأحيان بعد اربعة اسابيع من التعلم ومن انطلاق «اول فيلم» في تطاوين بالشراكة بين الجمعية ملتقى الجنوب للفنون والمندوبية الجهوية للتربية بتطاوين، وبعد تعلمّ المعلمين وتكوينهم في فنون السينما والصورة و اليات قراءة الصورة وتحليلها والانتقال من الجانب النظري الى التطبيقي في «تطبيقات الصورة» وجولة في سطح القمر ثم اللغة السينمائية يكون الموعد مع المتعلمين، أحد عشر معلما تلقوا تكوينا في تقنيات الصورة سينقلون ماتعلموه الى تلاميذهم، اي سيكون هناك 11 نادي للسينما في العديد من المدارس الابتدائية بولاية تطاوين، وبمعدل 10تلاميذ في كل ناد وبعد ستة اشهر سيكون في تطاوين 110 أطفال مكونين في اللغة السينمائية وتحليل الصورة لما للصورة من اهمية عند الطفل خاصة في الفترة العمرية من 12 الى 14 سنة.

منذ أسبوع انطلقت المرحلة الثانية من تجربة «أول فيلم»، الاطفال سيكونون اصحاب الفكرة وهم من سيكتب السيناريو بأنفسهم سيصورون افلامهم وهم سيقومون بتجربة «تقطيع الصورةالسينمائية» و تركيبها ثم المرحلة الاخيرة وهي انجاز فيلم خاص بهم، وبعد اشهر سيكون هناك 11 فيلما منتجا من قبل التلاميذ.
ومرحلة تكوين التلاميذ في تقنيات السينما و الصورة و هي المرحلة الثانية من مشروع»أول فيلم» الذي تنجزه جمعية ملتقى الجنوب للثقافة والفنون بالشراكة مع المندوبية الجهوية للتربية بتطاوين ضمن برنامج «تفنن» لدعم القطاع الثقافي التونسي الذي يموله الإتحاد الأوروبي بالشراكة مع «المعاهد الوطنية الثقافية للإتحاد الأوروبي و ينفذه المركز الثقافي البريطاني بتونس.

وفي تصريح لـ«المغرب» أشار محمد راشد مدير جمعية ملتقى الجنوب للثقافة ان في المرحلة الثانية حيث سيقوم المعلمين بتكوين 110 تلاميذ ( بمعدل 10 تلاميذ بكل مدرسة) في مختلف فنون التصوير والسينما انطلاقا من المعارف النظرية والتطبيقية التي تلقوها في المرحلة السابقة وتدوم هذه المرحلة أيضا شهرين بمعدل حصة كل أسبوع، أول الحصص اطّرها الاستاذ عبد العزيز بوشمال وهو من أول المربين الذين آمنوا بالسينما وأهميتها في المدارس الابتدائية.

وهذه المرحلة اساسها ثماني ورشات الورشة الاولى هي مشاهدة و نقاش فيلم، والثانية « احجام اللقطات و وظائفها» الورشة الثالثة « زوايا الكاميرا ووظائفها» اما الورشة الرابعة فهي « حكرات الكاميرا» والورشة الخامسة « تمارين تطبيقية لتصوير مشاهد باستعمال المعارف السابقة» ثم المرور الى «الفكرة والملخص لسيناريو الفيلم» في الورشة السادسة كتابة سيناريو لفيلم قصير في الورشة السابعة وأخيرا اختتام الورشات بتصوير 11فيلم بمعدل فيلم في كل مدرسة استفاد متعلميها من اول فيلم ، فهنا في ربوع تطاوين وسط جفاف ثقافي مرير وتعطش الاطفال للفنون سيكون الصغار نبراس الامل وصراطا للفن بأفكارهم الصغيرة يقدمون لمعلميهم وللجمهور مجموعة من الافلام تنبع من ذواتهم، من طريقة عيشهم وبيئتهم، للمرة الاولى في تطاوين سيكون الطفل هو المبدع والكبير هو المتلقي هناك بعيدا جدا عن المركز، بعيدا عن ثقافة الفضاءات الثقافية تكون المدرسة حاضنة الابداع و 11معلما هم سند الاطفال في الثقافة والإبداع.

تفنّن...احلم...فالحلم ممكن التحقيق
من النظري الى التطبيقي، من الحلم الى الواقع ومن الكلمات والدراسات النظرية الى حمل الكاميرا والتصوير، اداة التصوير ليست مهمة بقدر اهمية الفكرة والسعي لانجازها اذ يمكنك تصوير فيلم بكاميرا صغيرة او هاتف متى توفرت الرغبة والإرادة هذا هو اول درس في «تفنّن».
«أول فيلم» هو مشروع ثقافي تربوي يهتم بالتلميذ ويوجه الانظار اليه والى قدرته على الابداع، مشروع يسعى لخلق جيل جديد من المتعلمين والمعلمين قادرين على قراءة الصورة وتحليلها والمساهمة في بناء لبنة للإنتاج السينمائي بعيدا عن المكاتب المغلقة والتجهيزات باهضة الثمن.

في أول فيلم التلميذ ربان سفينة الابداع يوجهه معلمه، صورة لإعادة قيمة المدرسة وبريقها، فالمدرسة ليست فضاء للحفظ والزجر وإنما فضاء للإبداع يبدع فيه المعلّم قبل التلميذ في اول فيلم لن يكتفي المعلم بتلقين التلميذ دروس البرنامج الرسمي فقط ولا بيداغوجية معينة بل سيكون رفيقه ليبدع ويحلم ويسعى لتحقيق حلمه، المعلمين في مشروع «اول فيلم» تنفتح الجمعيات الثقافية على المؤسسة التربوية العمومية لتحطيم نمطية سائدة وصورة مشوهة عن انغلاق المدرسة على ذاتها وعدم انفتاحها على محيطها الخارجي، في أول فيلم ستكون الثقافة نصيرا للتربية فهما وجهان لعملة واحدة هي تلميذ متوازن ومميز.

تجربة تنجز ما فشلت فيه الإدارات الوزارية للحكومات المتعاقبة والتي اقتصر دورها على نشر «الثقافة الإدارية» التي تلتزم بتوقيت معين ومجالات خاصة وتوزيع شخصي للأنشطة الثقافية لإتمام نقص ساعات التدريس ولملء فراغات معلقات الإدارات لمباركتها من قبل المسؤولين والزوار.

أول فلم» هو مشروع حامل لخلفية ثقافية مدروسة تعترف بحق المواطن عموما والتلميذ ومعلمه، داخل أسوار المدرسة وخارجها،في فعل ثقافي جاد ينأى عن الثقافة الخشبية وعن التعليم المتكلٌس،هو فعل ثقافي ينتهج مشروعا متكاملا حاملا لأهداف قريبة وأخرى بعيدة المدى وفق استراتيجية مرسومة وواضحة المعالم،لا تتغير بتغير وزير أو تغيير في المنهج التربوي أو في سياسة وزارية، مشروع هدفه التلميذ الانسان.

هناك في تطاوين يجتمع 11معلما يحملون هواجس الريف والهامش يسكنهم صوت جهاتهم و قدرة ابنائهم على الابداع متى سنحت لهم الفرصة، هناك سيكون المعلمون شيفرة لنجاح اطفالهم هناك سيحلق المعلمون بأطفالهم في علياء الابداع يشاركونهم الفكرة والنص والتصوير لحد ولادة الفيلم، ليس همهم ان يصبحوا مخرجين او تتحدث عن انجازاتهم وسائل الاعلام و لا يطمعون بمنصب اداري انيق بل هدفهم ترسيخ ثقافة الحوار وقبول الاخر والانفتاح على المحيط ومعرفة الحق والواجب وارساء ثقافة بديلة موجهة الى الطفل الانسان، بوسائل بسيطة سيرسمون البديل في فضاء جغرافي يفتقر الى المسارح ودور السينما و الفضاءات الثقافية فالمدرسة وحدها قادرة على جمع شتات الافكار سيكون ذلك رمزا لثقافة بديلة ترتقي بالفكرة التشاركية وترسي الحق وتعلم الطفل كيف يكون مبدعا ويفتك حقوقه وتعلمه الحلم والاهم السعي لتحقيق حلمه.

في مشروع «اول فيلم» سيكون المعلمون الـ 11 وأعضاء جمعية ملتقى الجنوب رمزا للفكر البديل سيحاولون طمس سياسة التغييب الثقافي التي مارستها الحكومات لسنوات، سيكتبون تاريخا جديدا بالصورة والسينما.
في «اول فيلم» انتهت المرحلة الاولى والثانية بصدد الانجاز أما المرحلة الاخيرة و الاهم من المشروع فتتمثل في تنمية روح الخلق و الملكات الابداعية لدى الاطفال من خلال تدريبهم على استعمال وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة وتطويعها للتعبير عنهم وعن مشاغلهم اليومية والحياتية من خلال انجاز وتصوير افلام وثائقية قصيرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115