في محاضرة علمية ببيت الحكمة: إشكالية اللاّمتناهي في الفلسفة والعلم

يشدّد ألبرت انشتاين على أمرين لامتناهيين، الأوّل يجسّده برأيه الكون ويتمثّل الثاني في الحماقات الإنسانيّة،

مشيرا إلى أنّ العلوم تكتشف باستمرار عوالم لامتناهيّة، وكلّما اكتشفت هذه العوالم تأكّدت الإنسانيّة حسب مؤسّس النسبيّة (الفيزيائي انشتاين) من الحماقات والأوهام التي سلّمت بها . ذلك هو جوهر اللقاء العلمي الذي نظّمه مؤخّرا قسم العلوم الطبيعيّة والرياضيات بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة»، إذ قدّم خلاله الأكاديمي والناشط في عديد الجمعيات والمؤسّسات المهتمّة بعلوم الرياضيات الأستاذ علي البقلوطي محاضرة حول إشكاليّة اللامتناهي كمعضلة أرّقت الفلاسفة والعلماء وفقا لافتتاحية الأستاذة سعاد كمون شوك رئيسة القسم . فعلى الرّغم من طرح الإشكال في الفكر القديم خاصّة لدى الفلاسفة اليونانيين القدامى وتحديدا مع أبيقور وأرسطو، لكن «كان لابدّ من قرون لاكتشاف عديد الظواهر اللامتناهيّة» على حدّ عبارة

الأستاذة شوك، لتتأكّد الإنسانيّة من وجاهة شعار أبيقور «لا يوجد ما يمنع من وجود عدد لامتناه من العوالم»، وكأنّ به يمهّد لمنجزات العلوم الحديثة التي اكتشفت الأنظمة الشمسيّة الشبيهة حسب العلماء بنظامنا الشمسي، ويمكن حسب بحوثهم أن يصل العدد إلى مليار كوكب يشبه الأرض .
وتستوجب مسألة استيعاب مفهوم اللامتناهي بتصوّر الأستاذ علي البقلوطي مقاربات علميّة مختلفة، وفلسفيّة متنوّعة قادرة على فهم مفارقاته وانعكاس نتائجه العلميّة لأنّه مفهوم تجريديّ يشكّل برأيه المنطلقات الأساسيّة للاكتشافات العلميّة، وقد انطلق في هذا الصّدد من العلوم الفيزيائيّة، فبفضله قد اكتشفت بحوث الفيزياء «داخل كل جسم فيزيائي عديد الأجسام ويحتوي كل جسم على أجسام أخرى إلى ما لانهاية» ، وهو ما تؤكّده الدراسات

الإيبستيمولوجيّة حول الفيزياء الذريّة وعالم الجسيمات الموغلة في الصّغر، منطلقا في هذا السياق من الفندق الافتراضي الذي يحتوي على عدد من الغرف وتتضمّن كل غرفة عددا من الغرف، لنكون بلغة الرياضيات أمام العدد اللانهائي . ومن الطبيعي أن نستنتج من ذلك خصوصيّة العقل العلمي المحكوم بمنطق افتراضي، فبفضله تحقّقت خوارق علميّة لو اطّلعت العقول المتحجّرة على تفاصيلها ما قبل الانجاز لصنّفتها ضمن ضروب السّحر والشّعوذة، لذلك يقول غوتة « يجب أن نحلم بالمستحيل كي نحقّق كل ما هو ممكن»، وفي المعاجم العلميّة لا وجود لمفردات المستحيل، لأنّ مستحيل سياق من السياقات يغدو ممكنا في أطر مغايرة، وعليه تكون فلسفات وعلوم اللامتناهي حاضنة الثورات المعرفيّة المتتاليّة باعتبار أنّ تاريخ العلم هو تاريخ تصحيح الأخطاء بلغة غاستون باشلار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115