الفنان فاضل الجزيري لـ«المغرب»: انسحبت من السياسة... والفن ليس مهنتي بل هوايتي

في «أخذ من كل فن بطرف»... يجمع الفنان فاضل الجزيري بين ركح المسرح وشاشة السينما

وعزف الموسيقى وريشة الرسم. وهو المبدع في كل هذا وهذاك... إلا أن هذه الفنون لم يكن حضورها بالعادل والمتساوي في المسيرة الفنية لفاضل الجزيري. وكثيرا ما تختفي ألقاب ليسيطر نعت وحيد على الواجهة والساحة ... وهذه المرة تحضر صفة فاضل الجزيري السينمائية بقوّة استعدادا لحدث عرض فيلمه الجديد «القيرة».
بعد «ثلاثون» و«خسوف» ستكتمل مع فيلم «الڤيرة» ثلاثية فاضل الجزيري السينمائية.

«القيرة» في أيام قرطاج السينمائية؟
في «القيرة» تحذير من الاستبداد وتنبيه من تغوّل الديكتاتورية التي يمكن أن تقلب رأسا على عقب مسار الثورات المنادية بالديمقراطية. من المنتظر أن يكون هذا الفيلم الجديد جاهزا للعرض بمناسبة الدورة 29 من أيام قرطاج السينمائية. في هذا السياق كشف المخرج فاضل الجزيري في تصريح لـ«المغرب» أنه من المأمول أن يخوض فيلم «القيرة» غمار المنافسة في المسابقة الرسمية للمهرجان بناء على الرغبة المشروعة للممثلين وطاقم العمل في الترشح لتانيت أيام قرطاج السينمائية.
على أنقاض مسرحية «صاحب الحمار» كانت ولادة فيلم «القيرة». وإن أقرّ فاضل الجزيري بأن عدم نجاح مسرحية «صاحب الحمار» التي أخرجها بعد الثورة جعله يفكر في تحويل هذا النص المسرحي إلى عمل سينمائي، فإنه قد أكد على أن فيلم «الڤيرة» ليس قراءة خطية للتاريخ بل هو اشتغال على أحداث تاريخية وإعادة كتابتها وفق مستجدات العصر. كما أشار إلى أن العلاقة بين «ثورة صاحب الحمار» قديما وثورة تونس الحديثة هي علاقة تقاطع حيث تتشابه الأسباب وتتقارب النتائج... ما بين دروس الماضي وعدم اتعاظ الحاضر.

لست «صنايعي» في السينما
كثيرا ما ينعت فاضل الجزيري بأنه «سينمائي مناسبات» إذ أن مسيرته الفنية الطويلة على درب الفن السابع لم تتمخض إلا عن ولادة فيلمين اثنين هما «ثلاثون» و«خسوف» وفيلم ثالث قادم في طريقه للعرض بعنوان «الڤيرة». فهل كان هذا خيارا مقصودا منه أم واقعا لا مفر منه؟ يجيب المخرج فاضل الجزيري فيقول: «في الحقيقة أنا أتمهل كثيرا في صنع اللحظة السينمائية وأتباطأ أكثر في خلق الحدث السينمائي... قد تكون رغبتي في تقديم أفضل ما يكون وراء ذلك. وأعتقد أن المهم في تقديري هو تقديم فيلم جيد بمعايير فنية عالية وليس الاستعجال في طرح عمل جديد دون الاستعداد مليا لملاقاة جمهور السينما. وفي نفس الوقت أعتبر أني لست «صنايعي» في المهنة والفن ليس مهنتي بقدر ما هو هوايتي التي أمارسها بكل شغف وحب».

فيلم عن «فرحات حشاد» وجرائم الاغتيال
بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على فيلم «القيرة» من المنتظر أن ينطلق فاضل الجزيري في تنفيذ مشروع سينمائي جديد عن الشخصية النقابية الشهيرة فرحات حشاد. وسيقتصر هذا الفيلم الروائي الطويل على 5 أشهر فقط من حياة المناضل فرحات حشاد وذلك من تاريخ 14 جويلية 1952 إلى فاجعة اغتيال حشاد في 5 ديسمبر 1952. في هذا العمل السينمائي عودة على تيار الحركة النقابية في سياق المناخ العالمي وعلى تضحيات المناضلين النقابيين في السر والكتمان من خلال شخصية فرحات حشاد باعتبارها الشخصية المحورية والفاعلة والمؤثرة في الأحداث. واعتبر المخرج فاضل الجزيري أن هذا الفيلم يطرح فكرة الاغتيال السياسي ويبحث في الخيوط التي تحركها في إسقاط على حاضر البلاد واستشرافا لمستقبل تونس.

وفي الأفق، يتراءى مشروع موسيقي جديد للفنان فاضل الجزيري بعد أن حصد عرض «الحضرة» نجاحا مهما في مواسم سابقة على أركاح كبرى المهرجانات...

مهمتي السياسية انتهت مع الانتخابات الرئاسية
تعليقا على الجدل الحاصل بخصوص مشروع قانون الفنان والمهن الفنية، صرح فاضل الجزيري بالقول: «إن انجاز هذا القانون طال أكثر من اللزوم على امتداد عقود وتواتر حكومات... لكن نسخته التي صادق عليها مجلس الوزراء وعرضت على أنظار لجنة الشباب والشؤون الثقافية بمجلس النواب كانت دون المستوى المأمول بكثير وهو ما يتطلب التعديل والإصلاح حتى «لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي».

إن تستعد تونس للاحتفال قريبا بالافتتاح الرسمي لمدينة الثقافة بعد سنوات طويلة من التأجيل والتعطيل، فقد اعتبر الفنان فاضل الجزيري أن المهم هو أن تكون هذه المدينة منارة ثقافية ينبعث منها صدى المهرجانات والتظاهرات وصخب المناسبات السينمائية والمسرحية والفنية... مشيرا إلى ضرورة استقطاب الشباب ليكونوا حملة المشعل في إشعاع هذا المعلم الثقافي.

عن علاقة الفنان بهواجس وطنه وأوضاع بلاده، ذهب فاضل الجزيري إلى أن الفن هو دائما مرآة عاكسة للمجتمع وعلى الفنان أن يحاول التغيير والتأثير في بيئته بما توفر له من الإمكانات النقدية والنظرية والفنية...

في سياق التحاق الفنان بالأحزاب السياسية في علاقة انخراط وانتماء، سبق أن أعلن فاضل الجزيري انضمامه إلى «حركة نداء تونس»... فهل تواصل هذا اللقاء إلى الآن؟ جاءت الإجابة على لسان هذا الفنان كالآتي: «انسحبت من السياسة ولم أعد منخرطا في أي حزب سياسي.
أعتبر أن مهمتي انتهت بتنظيم الانتخابات الرئاسية 2014 بصعود المشروع الحداثي على سدة الحكم من أجل استمرار الصورة الناصعة لتونس كبلد الحداثة والحريات... وأرى أن نتاج ما شهدته تونس في السنوات الأخيرة من تحوّلات سريعة وأحداث متتالية لن تكون نتيجته آنية بل سنجني ثورته بعد سنوات ... وفي انتظار ذلك علينا التسلح بالصبر والأمل والحلم...».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115