في الحمامات وتونس خلال هذه الصائفة: الفنانة «جوليا بطرس» صوت من لا صوت له

هي التي اتخذت النضال منهجاً، نضال باللّحن والكلمة، نضال ينتصر للوطن ويكون صوتاً لمن لا صوت له، هي التي دعمت حركات المقاومة في

الوطن العربي واشتهرت بأغانيها الوطنية مثل «وين الملايين»، «غابت شمس الحق» «أنا بتنفس حريّة»...
فنّانة لم تغنّ فحسب بل ثارت بصوتها العذب على الأنظمة السياسيّة الاستبدادية أملا في كسر ربقة الظّلم والقمع، هي «جوليا بطرس» التي من المتوقع أن تطأ قدماها ركوح تونس والحمامات هذه الصائفة بعد غياب دام طويلاً.

نوايا غير مؤكّدة
جوليا بطرس التي حلّت ضيفة على مهرجانات بمدن تونسيّة عديد المرّات لم تخف شوقها الى الجمهور التونسيّ في كلّ لقاء إعلاميّ تطرّق الى موضوع احيائها لحفلات في تونس كسابق عهدها وبعد فراق.
ولطالما عبّرت عن انبهارها بتجاوب وتفاعل الجمهور والصحافة التّونسيّة معها إثر كل لقاء بينهما وهذا ما جعلها تصف الشّعب التّونسي بال «مش طبيعي».
وبخصوص تأثيثها حفلات بتونس يرجّح أن تكون هذه العودة ضمن إطار العقود الخاصّة نظرا الى نفي وزارة الشّؤون الثّقافيّة أن يكون لها دخل في تأمين قدوم الفنّانة اللّبنانيّة.

ثبات نحو الاحتراف
لم ترفع الفيتو في وجه الجور السياسي فقط بل خاطبت التمييز الجنسي وتوجهت للفكر الذّكوري قائلة «لا بأحلامك لا بأوهامك...».
أطلقت الفنانة اللبنانيّة ألبومها الأول «»C’est La Vie في سنّ الرّابعة عشر أي في عام 1982، فكان من تأليف وتلحين إلياس الرحباني، ويعتبر أوّل درجات سلّم النّجاح.
عشقت جوليا بطرس «السيدة فيروز» واقتدت بها، حتى أنها صرّحت في أحد الحوارات: «أحب نشازها ان نشزت وأخطاءها اذا أخطأت« لشدّة اعجابها بقدراتها الصّوتية ووقفتها دائمة الشّموخ على حدّ قولها.
في عام 1985 أطلقت أول رائعة باللّغة العربيّة لجوليا بطرس بعنوان «غابت شمس الحق» من تلحين شقيقها زياد بطرس فكانت بمثابة انتفاضة أولى في مسيرتها الفنيّة لصالح القضايا العادلة.

ذخيرة من الكلمات والألحان
وعلى ذلك المنوال نسجت جوليا فنجح ألبومها الثاني «وين مسافر» يليه «حكاية عتب» و»يا قصص» ثم «القرار» ليختتم ألبوم «شي غريب» حقبة التسعينات ويفتتح ألبوم بعنوان «صراحة» سنة 2000.
رصيد فنّي محترم جنت من خلاله الفنانة الملتزمة قاعدة جماهيريّة واسعة واحتراما طال لبنان ليصل الى أنحاء الوطن العربي ويمتدّ الى الغرب.
زخرت أوائل القرن الواحد والعشرين بلوحة فسفوريّة أضاءها بنيان فنّي فريد من نوعه شيّدته جوليا بالتّعاون مع شقيقها «زياد بطرس» كانت سببا في حصولها على عدّة جوائز تقديريّة من بلدان عربيّة كثيرة.
القوة والعاطفة الجيّاشة والكلمات الصميميّة هي أسلحة رفعتها جوليا في شتّى أغانيها، فالناظر اليها مُنيفةً فوق الركح يرى امرأة تحلّت بما يكفي من البسالة والحكمة ما يجعلها جنديّا يقاتل في سبيل وطنه لا بالبندقيّة وانّما بسلطة الشّعر والموسيقى.

جوليا الحريّة والإنسانيّة
«أنتمي الى هذا العالم الواسع الموسيقى الشعر الفكر، أهلي ،وطني وأرضي لا أريد أن انحصر في عقيدة حزب معين» هكذا أجابت الفنانّة المتألّقة كلّ تساؤل عن انتماءاتها السيّاسيّة أو انخراطاتها الحزبيّة.
«لا بأحلامك»، تميز هذا الألبوم بأغانيه العاطفية الرّومنسيّة التي حادت بجوليا شيئا ما عن نمطها الملتزم ولكنّه لاقى نجاحاً مرموقاً وحقق نسبة مبيعات كبيرة.
في أواسط سنة 2006 خاض لبنان حرب تموز مع إسرائيل مما انجرّ عنها خراب وخسائر مادية فادحة لحقت بالاقتصاد والبنى التحتية لعدد من المناطق فكانت جوليا من بين العازمين على إعادة إعمار لبنان، وهكذا أطلقت ألبومي «أحبائي» و»تعودنا عليك» وأحيت مجموعة من الحفلات الغنائية في عدة بلدان عربية فكان ريع تلك الحفلات –الذي قدّر بثلاثة ملايين دولار أمريكي-عائدًا إلى عائلات الشهداء الذين سقطوا خلال الحرب.
«على مايبدو» «حكاية وطن» و»أنا مين» هي عناوين ألبومات أطلقتها جوليا بطرس فناشدت فيها الحريّة وانتقدت الواقع واستشرفت مستقبلاً يليق بإنسانيّة الإنسان وسيكون قدومها الى تونس ضمن أولى خطواتها نحو هذا المستقبل.

ر.س

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115