قائد الفرقة الوطنية للموسيقي محمد لسود لـ«المغرب»: دون هويتنا الموسيقية نحن بلا أصل ولا مستقبل

قد يكون العزف أحق بتقديم الفنان محمد لسود وقد يكون اللحن أقدر على الحديث عن قائد الفرقة الوطنية للموسيقى وقد عشقته «الكمنجة» وأحبّه «الرباب» واستلطفه «الألتو»...

وقد كان دكتور الموسيقى محمد لسود حاضرا بموسيقاه في الكثير من الأعمال الدرامية والسينمائية التونسية، كما رافقت فرقته أكبر المطربين التونسيين والعرب داخل تونس وخارجها... في حديث عن «عرس الطبوع»جديد الفرقة الوطنية للموسيقى وواقع الأغنية التونسية و قلق الهوية الموسيقية، كان الحوار التالي:

• في تمارين متتالية وتحضيرات متواصلة، تستعد الفرقة الوطنية للموسيقي لسهرة «عرس الطبوع» يوم 25 جانفي الجاري بالمسرح البلدي بالعاصمة، كيف تقدمون هذا العرض؟
في «عرس الطبوع» لقاء بين تونس والجزائر في سهرة موسيقية من الطرب الجميل مع النجم التونسي زياد غرسة والفنان الجزائري عباس الريغي. وسيجمع هذا الحوار الفني بين مدرستين موسيقيتين، الأولى تونسية يمثلها الفنان الكبير زياد غرسة والذي يعتبر من أهم أعلام الموسيقى التقليدية والمالوف التونسي والثانية جزائرية بإمضاء الفنان عباس الريغي الذي يعد من أمهر عازفي العود في الجزائر وأشهر فناني المالوف في قسنطينة.
على ركح المسرح البلدي سيلتقي في «عرس الطبوع» حوالي 50 عازفا و30 منشدا من مختلف أنحاء الجمهورية قصد إمتاع الجمهور المتعطش للطرب والمتلهف للمالوف والمشتاق للفن الأصيل...
ولأول مرة سيتم في «عرس الطبوع» تقديم «نوبة الحسين» من ألحان زياد غرسة إثراء لمدونة الموسيقى التقليدية التونسية وتكريسا للبحث والتجديد وعدم الاقتصار على اجترار القديم...

• تسلمت مقاليد قيادة الفرقة الوطنية للموسيقى منذ سنة 2013، فهل من إضافات و»إصلاحات» وإنجازات... هل من بصمة لمحمد لسود في مسيرة هذه الفرقة العريقة ؟
لعل من أهم الغايات التي عملنا على تحقيقها هي تحرير الفرقة الوطنية للموسيقي من طابعها الكلاسيكي وإخراجها من دورها التقليدي بمفهوم فرقة ومغني وقائد أوركسترا... في هذا السياق مررنا إلى مرحلة إنجاز المشاريع الموسيقية فقدمنا عروضا في مختلف الأنماط على غرار عرض «سماع» لسليم بكوش في الموسيقى الصوفية وكذلك عرض «طبع وحكاية» لمحمد علي كمون في استذكار للتراث الموسيقي والموروث الغنائي. كما بقيت الفرقة الوطنية للموسيقى وفيّة لذكرى أعلام الهوية الموسيقية التونسية فأحيت مائوية الفنانة صليحة وكرّمت الفنان الكبير صالح المهدي قبل رحيله بوقت وجيز في عرض «زرياب»...
ولعل عرض «عرس الطبوع» هو أكبر دليل على أن الفرقة الوطنية للموسيقى قد تخطّت مرحلة الاستهلاك إلى طور الإنتاج.
في الفرقة الوطنية للموسيقى هاجسنا دائما وأبدا هو الوفاء للأصل والمحافظة على الهوية الموسيقية لكن مع السعي إلى توزيع جديد وكتابة موسيقية مستحدثة ومبتكرة.

• ماذا عن حضور الشباب والجهات في الفرقة الوطنية للموسيقى؟
أبواب الفرقة الوطنية للموسيقي مفتوحة للجميع دون إقصاء أو استثناء... وعلى سبيل المثال،في عرضنا الأخير «عرس الطبوع» انفتحنا على حوالي 80 عازفا ومنشدا من مختلف ربوع الجمهورية. كما حرصنا على التعريف بالأصوات الجديدة والمواهب الصاعدة فكان لهؤلاء الشباب حضور في الدورة الأخيرة من مهرجان بنزرت الدولي وليالي الرشيدية... ولقد رافقت الفرقة الوطنية للموسيقى خلال الصائفة الفارطة 24 فنانا تونسيا انطلاقا من لطفي بوشناق مرورا بعدنان الشواشي وصولا إلى نبيهة كراولي... كما سجلت الفرقة حضورها في عروض فنانين عرب على غرار هيام يونس ونور مهنا وميادة الحناوي...

•  بالرغم من الاكتشافات الجديدة للفرقة الوطنية للموسيقى، لماذا تبقى هذه الأصوات بلا «نجومية» ؟
لأن مقاييس النجومية تغيّرت... ومسيرة ولادة الفنان لم تعد كما كانت، حيث حلّت برامج الغناء والأصوات على الشاشات العربية محلّ الرشيدية والكورال ويكفي أن يشارك الفنان في هذه البرامج حتى يجد الجماهير الغفيرة في انتظاره بالمطار ! من جهتنا، لا ندخر جهدا وفقا لإمكاناتنا ومشاريعنا لاحتضان المواهب والأصوات الواعدة  فنقوم بمرافقة محترفة لهم على غرار طريقة الوقوف على الركح واختيار الأغنية وكيفية الأداء...
وشخصيا، لم أبق مكتوف اليدين حتى لا تبقى الأجيال الجديدة مغمورة فأعددت برنامجا تلفزيا يعنى بالمواهب الصاعدة بالمرور من التأطير والتمرين وصولا إلى تسجيل الأغاني الجديدة والإنتاج الخاص... وقد تقدمت بهذا المشروع الموسيقي إلى مؤسسة التلفزة التونسية منذ سنة كاملة لكني لم أتلق إجابة إلى حد اليوم !

* هل تجد فرقتكم الإحاطة المعنوية المنتظرة والدعم المادي اللازم ؟
لاشك أن سقف الأحلام وطموح المشاريع يتوقفان عند حدود الميزانية العامة... وبالرغم من الدعم المحترم الذي تتلقاه الفرقة الوطنية للموسيقي من وزارة الشؤون الثقافية فقد كان بالإمكان أحسن مما كان !

• ما هي أسباب أزمة الأغنية التونسية حسب رأيكم ؟
حسب رأيي أزمة الأغنية التونسية تكمن في عدم الترويج لها وبثها على مختلف محامل وسائل الإعلام في بلادنا... لهذا يحجم الكثير من الفنانين عن تسجيل أغان جديدة قد لا تجد لها رواجا في عصر استسهال الفن.

• لماذا يرافق الفشل أغلب العروض التونسية في المهرجانات الصيفية ؟
هذه نتيجة منطقية وحصيلة متوقعة لموسم كامل من بث الأغاني الأجنبية أو الاقتصار على نمط موسيقي معيّن... لهذا كثيرا ما يرفض الجمهور هذه العروض بعد أن تعوّدت أذنه واعتادت عينه على أسماء بعينها !

• كيف تجد موقع النقابات الموسيقية في الساحة التونسية ؟
في الحقيقة لا أثق في نشاطها... وأعتبرها مجرد خدمة للمصالح الشخصية.

• بعيدا عن قيادة الفرقة الوطنية للموسيقى، أين هو محمد لسود الفنان المعروف وعازف الكمنجة الموهوب؟
لا أريد أن أكون ديكتاتوريا بمعنى احتكار الركح لأني قائد الفرقة بل أسعى إلى فسح المجال لغيري من الفنانين وللعازفين الآخرين بعيدا عن منطق :»هذه فرقتي وأفعل فيها ما أريد». ويبقى الأهم بالنسبة لي هو بلوغ الفرقة الوطنية للموسيقى، اليوم، مستوى عاليا جدا من الحرفية والاحترافية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115