اصدارات: لماذا نتفلسف؟ حين تكون الفلسفة معزولة عن الواقع رغم أنها الطريق إلى الآخر

لماذا نتفلسف كتاب جامع لاربع محاضرات كان الاستاذ جان فرنسوا ليوتار القاها على طلبة في جامعة السربون سنة 1964

وتوّلى تعريبها يوسف السهيلي فيما قام بتقديم هذا الكتاب كورين انودو.

جاء «لماذا نتفلسف» في 130 صفحة تضمنت المحاضرات الاربع وهي : لماذا نرغب – الفلسفة والاصل – في الكلام الفلسفي –في الفلسفة والفعل بالاضافة الى فهرس للمصطلحات واخر للأعلام وقد صدر الكتاب عن دار التنوير للطباعة والنشر بصفاقس.
في المحاضرة الاولى رسم ليوتار ملامح عامة لافلاطون وبروست ولاكان ليوضح ان الفلسفة هي رغبة غير منتهية للوصول الى الحكمة والى الاخر.وفي المحاضرة الثانية تحدث ليوتار عن هيقل وهراقليطس فشرح الصلة العميقة بين التاريخ والفلسفة اما في المحاضرة الثالثة فقد تولى ليوتار بيان ان الفلسفة هي شكل من اشكال التعبير من حيث انها تواصلية وغير مباشرة اما المحاضرة الرابعة والاخيرة فقد تحدث فيها عن ماركس وعن قدرة الفلسفة على تغيير العالم.

في هذا المحيط الثقافي المتنوع حاول جان فرانسوا ليوتار ترسيخ اهمية دور ومسؤولية الفيلسوف في تحقيق غاية ما يرغب فيه المجتمع ذلك ان الفلسفة في نهاية المطاف تهدف الى تغيير وجه العالم.
ان الكلام الفلسفي لا يكمن في الكلام المتعلق بالايمان ولا في المتعلق بالعلم.فتصدع المجتمع في شكل طبقات اجتماعية يعني تصدع الممارسة اي التغيير الصامت للعلاقات الاجتماعية مع النظرية كما ان العلاقة بين النظرية والممارسة معرضة باستمرار للخطإ والتضليل.

ان نتفلسف هو ان نذعن بالكامل لحركية الرغبة وان ندرك من خلالها وفي الوقت ذاته نسعى الى فهمها دون الحياد عن مسارها وهذا يعني ان التفلسف هو الاستسلام للرغبة وان جني ثمار هذه الاخيرة يسير جنبا الى جنب مع الكلام
ويضيف المؤلف قائلا : وفيما يخص واقعنا اليوم اذا نحن تساءلنا « لماذا نتفلسف ؟» فانه يكون بوسعنا دوما ان نجيب عن طريق الاستفهام : لماذا نرغب ؟ ولماذا يوجد في كل مكان الشئ عينه الذي يبحث عن الاخر ؟ وبوسعنا ان نجيب دوما وفي ترقب الجواب الافضل : « اننا نتفلسف لاننا نرغب».

هذه المحاضرات الاربع هي دروس شيقة وممتعة تفسح المجال واسعا للقارئ للغوص في مجال افكار الاستاذ جان فرانسوا ليوتار التي تؤكد على الحاجة الملحة الى الفلسفة لكي تكون شاهدا – ولو بشكل منحاز او غير موضوعي – على واقع ليس بالامكان التحكم فيه.
اننا نتساءل لماذا يصلح التفلسف ؟ والحال ان الفلسفة بحسب اعترافها الخاص لا تغلق اي ملف ولا تبني اي نسق مهما كان وبالتالي فلا خير في الفلسفة.

لماذا نتفلسف ؟ سؤال يمكن الاجابة عنه بسؤال اخر وهو لماذا نتكلم ؟ وبما اننا نتكلم فما الذي يعنيه الكلام ؟ وما الذي لا يقدر الكلام على قوله ؟

باختصار هذه المحاضرات تقدم اكبر دليل على ان المحاضر الاستاذ ليوتار بعد من اهم دراسي الفلسفة ومدرّسيها ففي دروسه لطلبته في السربون متعة خاصة لما فيها من جدة وطرافة في النفاذ الى العمق والى جوهر المسالة المطروحة وهو يذكرنا في هذا المجال بدروس استاذنا توفيق بكار – رحمه الله- في الجامعة التونسية في ثمانينات القرن الماضي.لقد قدّم لنا الاستاذ الفرنسي ليوتار في كتابه هذا.الذي تم ترشيحه لنيل جائزة الشيخ زايد للترجمة – تاملا عميقا في اهمية ان نتفلسف في عالم تعتبر فيه الفلسفة معزولة عن الواقع لانها لم تعد مقنعة رغم انها تعكس الرغبة اللامتناهية للوصول الى الحكمة والى الآخر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115