الفنان محمد صبحي خلال تكريمه بتونس: «المسرح العربي في أزمة بسبب محنة الأوطان العربية»

إن اعتاد الفنان المصري الكبير محمد صبحي في أكثر من مهرجان ومكان على اعتلاء منّصة التكريم وتقبّل باقات الورود اعترافا بالجميل، فلا شك

أن للتكريم في تونس طعم آخر ونكهة خاصة وقد كانت أول بلد يسافر إليه محمد صبحي في حياته كما كان ركح المسرح البلدي بالعاصمة أوّل مسرح عربي يحتضن أولى مسرحياته «انتهى الدرس يا غبيّ» عام 1975. وبعد أن تلقّى أوّل تكريم له في تونس عام 1992 على هامش مهرجان قرطاج الدولي، عاد محمد صبحي للمرّة الثانية إلى البلد ذاته لينال التكريم الثاني في المهرجان نفسه بعد 25 سنة.

في تحيّة وفاء وعرفان إلى فرسان الفن الرابع في العالمين العربي والإفريقي، كرّمت ،أول أمس، الدورة 19 من أيام قرطاج المسرحية بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد أسماء مبدعة في فنون الركح على رأسهم الفنان المصري محمد صبحي والفنانة مومبي كينغوا من كينيا وأنيسة لطفي وأحمد بن معاوية من تونس.

تكريم مضاعف لمحمد صبحي من تونس
قد يضيق حيّز الورق عن استيعاب الكمّ الهائل من الجوائز والتكريمات والألقاب التي نالها المخرج والممثل محمد صبحي طيلة مسيرته الفنية التي انطلقت منذ عام 1970، وعن تعداد أعماله المسرحية والسينمائية والتلفزية، وعن ذكر إسهاماته في خدمة الفن والثقافة على غرار تشييد «مدينة سنبل» الثقافية بطريق مصر إسكندرية الصحراوي التي تهتم بتعليم الأطفال الأيتام والمشردين وتضم دار مسنين للفنانين ومسرح يتّسع لألف مشاهد...

ولكن تبقى للتكريم في تونس مكانة خاصة في قلب الفنان المصري الكبير وقد عانق على ركح مسرحها النجاح الجماهيري من بابه الواسع ومن هناك كانت انطلاقته الواعدة . وفي هذا السياق استرجع محمد صبحي ذكرياته مع تونس وهي تكرّمه للمرة الثانية، قائلا: «أوّل مرة أستقل فيها الطائرة للسفر خارج حدود مصر كانت إلى تونس لتقديم أولى مسرحياتي التي قمت ببطولتها «انتهى الدرس يا غبى» عام 1975. حينها استقبل الجمهور التونسي مسرحيتنا بالترحاب الكبير وكان التصفيق الحارّ من نصيب النجمين محمود المليجى وتوفيق الدقن أما أنا فكان نصيبي بعض التصفيق البارد ...إلا أنه بعد نهاية المسرحية تفاعل معي الجمهور أكثر فأكثر ومنحني صك الإبداع إلى يومنا هذا. وكم يشرفني أن أعود للوقوف على خشبة المسرح البلدي مرة ثانية !» 

أضاف صاحب جائزة الأوسكار لسنة 1996: «أنا سعيد بتكريمي للمرة الثانية من مهرجان أيام قرطاج المسرحية الذي سعيت جاهدا ألا أتخلف عن هذا المهرجان العريق والعزيز عليّ بالرغم من انشغالي هذه الأيام في مصر بعرض مسرحيتي الجديدة «غزل البنات» من تراث الفنان الكبير الراحل نجيب الريحاني.
ودعا محمد صبحي إلى إعلاء راية الثقافة من أجل تطوّر الشعوب العربية وبناء المواطن، قائلا:«لا أرى مسرحا في العالم العربي بسبب محنة الأوطان العربية وأتمنى من الجيل الجديد أن يعتنق الرسالة الحقيقية للمسرح في صناعة ثورة إنسانية».

إن كرّمت أيام قرطاج المسرحية محمد صبحي بفضاء النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد، فقد شاء وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين أن يكرّم هذا الفنان المسرحي الكبير بمقر الوزارة مانحا إيّاه درع مهرجان أيام قرطاج المسرحية وهدية تذكارية عبارة عن نسخة من عملات تاريخية تونسية تكريما له عن مجمل مشواره المسرحي والفني.

أنيسة لطفي وبورقيبة وصورة الدينار...
من تونس كانت ورود التكريم من نصيب الممثلة أنيسة لطفي التي انطلقت رحلتها الفنية مع فرقة بلدية تونس بعد أن قدمتها السيدة منى نور الدين إلى علي بن عيّاد سنة 1963. ومن هناك كانت انطلاقتها للمشاركة في عديد الأعمال العربية والأجنبية. كما كان لها لقاء مع الممثل المصري الكبير جميل راتب على ركح مسرحية «عطيل» لفرقة مدينة تونس سنة 1966. ولعل ما يجهله الكثيرون هو أن صورة أنيسة لطفي مرسومة على العملة التونسية وذلك بعد أن اختارها الزعيم الحبيب بورقيبة على إثر مشاهدته لها على المسرح لتكون صورتها مطبوعة على الورقة المالية «الدينار» تكريما للمرأة التونسية.

ولدى تكريمها ، تحدثت أنيسة لطفي بكثير من الامتتنان والعرفان عن معلميها وزملائها ممن ساعدوها في نحت مسيرتها كواحدة من أبرز الممثلات في المسرح والتلفزيون والسينما...

وفي سياق تكريمات الدورة 19 من أيام قرطاج المسرحية لفرسان المسرح والتمثيل، كان الفنان التونسي أحمد بن معاوية محلّ تبجيل. وهو الذي التحق بفرقة مدينة تونس سنة 1968 وقدّم الكثير من الأعمال المسرحية على غرار مسرحيات «الحلاج» و»ريتشارد الثالث» و»قوائل الرمان»... وقد تطرّق هذا الفنان الذي كانت له مشاركات مشرفة كذلك في السينما والدراما إلى أنه كان أول فنان يقوم بدور بورقيبة في المسرح التونسي وقد أثنى عليه الزعيم وقتها أيّما ثناء... ودعا أحمد بن معاوية إلى ثورة ثقافية حقيقية للارتقاء بالواقع التونسي.

ووفاء لهويته الإفريقية، كرّم مهرجان أيام قرطاج المسرحية الكاتبة والفنانة مومبي كينغوا من كينيا التي انطلقت مسيرتها الفنية وهي في سن العاشرة لتكون واحدة من أهم المسرحيات الإفريقيات.

ولايزال دأب التكريم متواصلا في الدورة 19 من أيّام قرطاج المسرحية حيث من المنتظر أن يتم تتويج علامة من علامات المسرح العربي عبر منح وسام التكريم للعراقي صلاح القصب، كما ستكون الفنانة السورية سلاف فواخرجي نجمة منصة التكريم مساء السبت 16 ديسمبر الجاري في اختتام مهرجان أيام قرطاج المسرحية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115