للحديث بقية: فلسطين من وعد بلفور إلى وعد ترامب

لا صوت يعلو في الساحات الفلسطينية والعربية فوق صوت القدس ...فقد خلف قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب موجة غضب عارمة لن تهدأ ..

بعد ان قرر فجأة ان يشعل فتيل الشرق الاوسط ويرمي بالعالم العربي الى دوامة التهلكة ...

طبعا استغل الرئيس الامريكي حالة الوهن غير المسبوقة التي تشهدها الهياكل والدوائر العربية الرسمية ،وحالة التخبط والفتن الداخلية ، وكذلك الخلافات العربية - العربية التي وصلت الى مرحلة غير مسبوقة وسببت في تسميم الاجواء العربية وفي تعميم ثقافة العداء، عوضا عن ارساء مفاهيم الوحدة والتقارب والحوار...

لطالما كان الكيان الصهيوني هو المستفيد الاكبر من كل ما يحصل في المنطقة منذ اكثر من سبعة اعوام ...دُمرت سوريا وسُلب تراثها ..«اليمن السعيد» تحول الى «يمن حزين» تتفشى فيه المجاعة و الاوبئة والأمراض الخطيرة وغيرها ...اما عن العراق فحدث ولا حرج ...العالم العربي برمته بات كرة نار تتقاذفها القوى الكبرى من اجل تحقيق مصالحها ومصلحة اسرائيل العليا بالأساس ...وتتهم الاوساط الفلسطينية الشعبية النظام الرسمي العربي بالتورط في كل ما يحصل وفي سلب القدس بسبب صمته وتخاذله طيلة العقود الماضية ..

ان كل المؤشرات والتطورات الاخيرة كانت تنذر باشتعال حرب امريكية على الفلسطينيين والعرب وعلى كل القيم الانسانية والشرعية الدولية..فعندما بدأ الجسم الفلسطيني يتعافى بعد توقيع اتفاق المصالحة التاريخي برعاية مصرية، قرر العدو الاسرائيلي الرد من خلال واشنطن فعمدت الادارة البيضاوية الى اغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية..من اجل مزيد الضغط على الفلسطينيين.

نحن اليوم نعايش تداعيات صراع تاريخي بدأ منذ نكبة 48 وتواصل مع نكسة 68 ..ومن «وعد بلفور» الى «وعد ترامب».. تتعاظم امامنا المسؤولية التاريخية امام الاجيال الجديدة التي ستحملنا اثم ضياع القدس ...لذلك فان كل القيادات الفلسطينية والفصائل على مختلف توجهاتها تؤكد بان وعد ترامب لن يمر معلنين « ايام غضب فلسطينية «.. واعتبر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن موقف ترامب يمثل «إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام».

عم امس الاضراب الشامل الاراضي الفلسطينية المحتلة وهددت الفصائل الفلسطينية بالرد فيما دعت حركة حماس الى انتفاضة جديدة . وفي رام الله حصلت امس مناوشات بين شبان فلسطينيين وجيش الاحتلال الصهيوني ..فكل ما يحدث يؤكد ان لا شيء يمكن ان يغير من وجه التاريخ ..وان يخفي هوية القدس وانها ستظل عاصمة ابدية للفلسطينيين ..وكما انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية والهبة الثالثة فان ما يحصل في نابلس ورام الله وغزة ينبئ بولادة انتفاضة جديدة...

لن تقرع كنائس القدس اجراسها الا الى محبيها وابنائها ...والأرض لن تضيع طالما ان هناك ارادة فلسطينية لا تنكسر رغم كل محاولات العدو ..

ونحن نعايش هذا الزلزال الامريكي ..وهذا الاعتداء الغاشم على مقدساتنا وقدسنا....تتجه انظارنا الى قبة الصخرة ...الى الحرم الابراهيمي ...وكنيسة القيامة ...هناك ستنبثق «قيامة» الشعب الفلسطيني مرة اخرى ...

لقد شبهت امس عائلة الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا، نيلسون مانديلا، الاضطهاد في فلسطين بنظام الفصل العنصري الذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا «الأبارتايد». فقضية فلسطين ليست قضية العرب فقط انما هي قضية انسانية وعالمية ...وقضية شعب ينتظر عدالة التاريخ..
اليوم الشوارع الفلسطينية تغلي ...القدس الحزينة تنتظر قوافل المحبين والعاشقين ..تنتظر « وعدا» عربيا يعيد الحق لأصحابه ..

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115