التخفيض في ميزانية مهرجان الحمامات الدولي: الوزير يجزم بسوء التصرف و المدافعين عن المهرجان يجزمون بحق المواطن في الثقافة

أسيل الحبر كثيرا طيلة الاسبوع الفارط بعد قرار التقليل من ميزانية مهرجان الحمامات الدولي بتعلة «سياسة التمييز الايجابي» التي تعتمدها وزارة الثقافة، التقليل

من ميزانية مهرجان الحمامات الدولي موقف لم يعجب العديد من المهتمين بالفعل الثقافي في تونس حيث عبروا عن رفضهم لهذا القرار الاحادي الجانب وتساءلوا لماذا مرروا القانون دون اعلام ادارة المركز الثقافي الدولي بالحمامات المشرف على هذه التظاهرة، تهم وتشكيك جميعها دفعت المدافعين عن الثقافة بالسؤال «هل ضريبة النجاح خنق ميزانية الحمامات

ومحاولة قصم ظهره ماليا ليفشل؟ وهل سياسة مهرجان الحمامات في الانفتاح على المحيط باتت محل اتهام بـ «سوء تصرف».

ألا يضمن الفصل 42 من الدستور التونسي الحق في الثقافة، ويقول الفصل « الحق في الثقافة مضمون، حريّة الإبداع مضمونة، وتشجّع الدولة الإبداع الثقافي، وتدعّم الثقافة الوطنية في تأصّلها وتنوّعها وتجدّدها، بما يكرّس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار بين الحضارات و تحمي الدولة الموروث الثقافي وتضمن حق الأجيال القادمة فيه»، فما الذي سيؤول اليه الوضع ان صودق على القانون وتم التقليص بالفعل من ميزانية مهرجان الحمامات الدولي؟ ما تاثير ذلك على نشاط المركز؟ وبقية التظاهرت الدورية؟

التقليص من ميزانية مهرجان الحمامات؟
اثناء مناقشة ميزانية وزارة الثقافة في مجلس النواب قال وزير الثقافة بخصوص التقليص من ميزانية مهرجان الحمامات الدولي «أجزم أن هنالك سوء تصرف وضعف في الحوكمة في علاقة بمهرجان الحمامات وقد إنتقلت ميزانيته من 200 ألف دينار إلى 2 مليون دينار بفعل فاعل» فعن أي «فاعل» يتحدث وزير الثقافة، والحال ان من قرر الترفيع في ميزانية مهرجان الحمامات الدولي هو الوزير الاسبق مراد الصكلي بعد ان اصبح المركز الثقافي الدولي بالحمامات مؤسسة عمومية ذات صبغة غير ادارية IPNA، وبفضل تغيير صبغة المركز لم يعد يقتصر نشاطه فقط على تظاهرة مهرجان الحمامات الدولي بل أصبح عبارة عن مشروع ثقافي متواصل طيلة العام من خلال تظاهرات مختلفة وتشابك وانفتاح مع المجتمع المدني.
وبالنسبة لميزانية مركز الدولي فهي مقسمة على ثلاثة اجزاء قسم اول للتأجير اي خلاص رواتب الموظفين وهم 20 عامل و5 موظفين وقسم ثان للتسيير والتجهيز والقسم الثالث من الميزانية مخصص للتدخل وهو النشاط الاساسي للمركز وسبب الضجة الاخيرة وقيمة ميزانية التدخل هي مليار و970 ألف دينار منها ثلاثة ارباع مخصصة لمهرجان لحمامات الدولي والبقية للنشاط الدوري.

وبالعودة الى تصريح الوزير نجد ان هناك مغالطة حيث تمت الإشارة إلى أن منحة الدولة المخصصة لمهرجان الحمامات الدولي بلغت 200 ألف دينار سنة 2014 في حين أنها بلغت المليار و400 ألف دينار وذلك حتى قبل أن يتم إحداث مؤسسة المركز الثقافي الدولي بالحمامات كمؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية، وهي مسالة تندرج ضمن إطار سياسة الدولة في الترفيع في هذه المنحة دعما لخصوصية المهرجان من جهة ودعما لمشروع ثقافي لا يقتصر على التظاهرة الصيفية بل يؤسس لفعل ثقافي يقترب من المجتمع وينفتح على المحيط خاصة عروض OUT DOOR التي تقرب الفن من المواطن وتحمل الثقافة الى المواطن في شوارع وأرياف الحمامات ونابل، فهل تقريب الثقافة من المستهلك بات «شبهة فساد»؟ وان كانت ثقافة القرب «فساد» فكيف بالاموال التي صرفت على مشروع «مدن الفنون»؟

وتحت قبة مجلس النواب أشار وزير الثقافة أيضا أن « كل المهرجانات خضعت لتفقديات لشبهات الفساد، وبالفعل وطيلة فترة مهرجان الحمامات كانت تفقدية الوزارة موجودة على عين المكان بالاضافة الى ان المهرجان ارسل تقريره الادبي والمالي منذ فترة الى ادارة متابعة المؤسسات والمنشئات في رئاسة الحكومة وبذلك تكون تهمة شبهة الفساد مستبعدة وإلا لتدخلت هذه الادارة فالدولة لا يعلى عليها».

الحمامات وقرطاج الصراع الخفي
نال مهرجان الحمامات الدولي في السنوات الاخيرة شهرة واسعة على حساب بقية التظاهرات، وافتك بريق مهرجان قرطاج الدولي رغم فارق الميزانية بينهما، ربما لان مهرجان الحمامات اختار ان يكون «مشروع ثقافي» وليس مجرد تظاهرة استهلاكية تفقد بريقها وجمهورها سنويا على حد تعبير النقاد والصحفيين من متابعي التظاهرتين، لا احد ينكر نجاح مهرجان الحمامات الدولي خاصة العروض الخارجية OUT DOOR والعروض التي وجهت الى الاطفال في اطار سياسة الانفتاح على المحيط .

مهرجان الحمامات ايضا يعمل على الاستثمار في قطاع الثقافة حدّ تنافس المستشهرين الذين يريدون انجاز عقود اشهار لثلاثة أعوام فالمهرجان اصبح مشروعا وليس تظاهرة مشروع وضع استراتجية عمل لينجح فهل ضريبة النجاح «خنق المهرجان ماليا؟».

في مناقشة الميزانية اشار وزير الثقافة انهم قلصوا في ميزانية مهرجان الحمامات ثم المركز الدولي بالحمامات في اطار سياسة التمييز الايجابي فلماذا يتم تطبيق هذه السياسة على الحمامات دون قرطاج؟ وهل تجوز المقارنة بين مهرجان هو حلقة من مشروع متكامل ومهرجان ينتهي بانتهاء عروضه الصيفية، فقرطاج تغلق الابواب بعد حفل الاختتام في حين في الحمامات تتواصل الانشطة طيلة السنة فالمهرجان اولا هو شريك في العديد من الانتاجات ومنها عرض «اصوات سمّامة» الذي لازال يقدم عروضه وهو شريك في عرض «المغروم يجدد» وانتج عرض «حلفاوين شعبي»، كما ان المركز يفتح ابوابه طيلة الاعوام لتظاهرات نذكر منها « الدورة الثانية لمهرجان الفنون المتوسطية» ومهرجان «سينما المرأة» و «ذاكرة

المركز» و الاقامات الفنية للشباب الفاعل في الجهات بالاضافة الى بعث «اكاديمية المتوسط للفنون والثقافات» وهو مشروع اساسه دعم مشاريع الشباب من خلال فتح باب لطلب ترشحات لمشاريع فنية مختلفة في الجهات التونسية، الاكادمية تفتح ابوابها للفاعلين الثقافيين داخل ولايات الجمهورية لتطوير قدراتهم على مسستوى الانجاز والتوزيع وقدمت طلبا لـ 50 مشروعا، فعن اي تمييز ايجابي يتحدثون؟ ولم يريدون تنفيذ سياسة التمييز الايجابي مع مهرجان الحمامات فقط؟ خاصة وأن المركز الثقافي الدولي بالحمامات هو اكثر المتضررين حيث تم تنقيص 1245 ألف دينار منها 1222 ألف دينار بعنـوان التدخل أي ما قدره 63 ٪ بالنسبة لسنة 2018 وذلك يعني توقيف نشاطه فعليا مع دفع اجور كل العاملين مع نفقات التصرف وهذا يعني «سكر الحانوت» بأموال الدولة.

وكأنه عقاب لهذه المؤسسة التي ما فتئت تتطور وتقترح برامج متطورة وتجلب انتباه الشباب وتندمج في ولاية نابل وتشع دوليا وتشرف تونس وكان من الأجدى مساندتها” كما كتب الفنان الحبيب بلهادي في قراءته لميزانية 2018.
قرار التقليص من ميزانية مهرجان الحمامات الدولي له تاثيره المباشر حتما على التظاهرات والمشاريع الاخرى، خاصة عالروض التي تقدم في الشارع وتعرف بالفنانين الشبان، فهل سيحرم المواطن البسيط من حقه في الثقافة كما ضمنه الدستور؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115