احتفاﻻ بالمولد النبوي ومائوية «زاوية الشيخ عمران» بالنويل زاوية صمدت زمن اﻻستبداد والغزوة الوهابية..

تعيش منطقة النويل من مدينة دوز منذ يوم 20 نوفمبر الجاري على وقع الاحتفال بمرور 100 سنة على تأسيس زاوية «الشيخ عمران» لتحفيظ القرآن والمولد النبوي الشريف والذي يتواصل إلى غاية 05 ديسمبر القادم.

احتفالات وُضعت تحت شعار«أيام السلسبيل» وستشهد تقديم أكثر من 15 مداخلة يؤمنها أساتذة جامعيون وباحثون متخصصون في علوم القران وعلوم الحديث.. وفي دراسة للباحث في التراث اﻻستاذ بلقاسم بن جابر عن الزاوية، تضمنت خاصة تأكيد ابنه الميداني بن عمران أن أباه مات عن تمام المائة سنة في كامل قواه واذا كان موته سنة 1973 فان المرجح ان ولادته كانت سنة 1873 كما يذهب الميداني إلى أن اباه تخلص بكرامة عجيبة من التجنيد الالزامي في الحرب العالمية الاولى، اذ كانت فرنسا تختار لذلك الشبان ذوي البنية القوية وكان اﻻب كذلك وهو في نحو الخامسة والعشرين وهو سيدي عمران بن أحمد بن فرج بن عمر بن زايد بن حمد بن مبروك بن عمر بن الولي القطب عمر بن عبد الجواد (توفي في 1696) دفين قصر قفصة الذي تتصل شجرة نسبه الثابتة بالاشراف الادارسة وهذه شجرة نسب سيدي عمر بن عبد الجواد ،كما في الوثيقة الموجودة بزاويته... ارتحل سيدي عمران الى زاوية القطب العالم المرابط سيدي المولدي بن بوبكر المعروف «ببوعرَّاقية» في نفطة وهناك لازم شيخه كظله وظلاّ في خدمة متَّصلة وعلاقة روحيَّة يضرب بها المثل فحفظ شيئا من القران وعلوم الشريعة غير انه كان يرتشف زلال المعارف اللدنية والتربية القلبية..

وعند تمام الخدمة امره شيخه ان يعود الى بلاده بنفزاوة ويؤسس زاوية لتحفيظ القران لاهل البادية ويقربهم الى مبادئ الشرع لاسيما وان اغلب اهل النجوع لم يبق لهم من الدين الا رسمه واسمه عدا اهل المرازيق واصطحب معه مؤدبا ليؤسس الزاوية سنة1917 ولم ينقطع الشيخ عمران عن اتخاذ الاسباب والارزاق فامتهن التجارة والفلاحة وتربية الماشية وبيعها وساهرا على تنفيذ وصية شيخه فتعلقت به قلوب اهل البادية وظهرت له الكرامات الباهرة ووفدت على الزاوية وفود من سائرالبلاد التونسية بل من الاقطار الاسلامية حتى كانت تدرس سنة 1956 اكثر من اربعين طالبا عرفت الزاوية بعض الاشكاليات الكبرى في سنوات الاستقلال الاولى بسبب الشبهة في ايوائها بعض اليوسفيين وعند الحملة على الزوايا واغلاقها غير ان الله كان يقيض لها من يدعمها ويحميها وتلك من الاشارات الخفية على صلاح اهلها ومن ذلك ان وشاية وصلت الى السلط تتعلق بزوارها من الجزائريين والليبيين وانها اصبحت خطرا على الامن الوطني وبلغ الامر لبورقيبة الذي اتصل بوالي قابس وكان رجلا فاضلا يدعي «محمد بللونة» فاقنع بورقيبة ان تستمر الزاوية في شكل تقليدي سياحي وان يلزم طلبتها ومؤدبوها بلبس الزي التقليدي واستقبال السياح الاجانب ولم يحدث ..

زاوية النويل والطريقة القادرية
ولعلَّ اخطر ما وقع للزاوية هو محاولة الهيمنة عليها من قبل صهر الرئيس السابق « صخر الماطري» الذي ادعى السعي الى اعادة بنائها وتطويرها بدعم خليجي وحاول مخادعة اصحابها بتزوير عقود الملكية وهو ما وقع التفطن اليه لاحقا بعد 14 جانفي فوقعت تسوية الامر من قبل لجنة المصادرة وعادت الزاوية الى اصحابها غير ان الغزوة الوهابية التي سعت الى فتح عشرات المدارس القرانية حولت وجهة الكثر من طلبة العلم ومؤدبيهم ليقع توظيفهم لخدمة المشروع الوهابي بإغراءات مالية وتضليل عقائدي مما انعكسس سلبا على الوضعية المادية والمعنوية لزاوية سيدي عمران التي لا تزال شامخة رغم الصعوبات تفد اليها الوفود وتتكفل بإطعام الطلبة وإيوائهم ودعمهم حتى يتمَّوا حفظ كتاب الله وتلقي الضروري من علوم الدين..

وفي كتابه «الزوايا والطرق الصوفية بالبلاد التونسية»،أكد الباحث محمد لحول أن زاوية نويّل تمثّل مركزا هامّا للطريقة القادرية فبعد أن كان القائم على الزاوية وهو الشيخ عمران في رتبة مقدّم راجعا بالنظر إلى الزاوية القادريّة بتوزر ارتقى إلى رتبة شيخ بعد أن قلّده شيخ الطريقة القادريّة بتوزر المشيخة بقوله «الشيخ ما يعلّم شيخ».. وقد توفّي الشيخ عمران في أواخر السبعينات وأقيم له ضريح بزاوية نويّل وخلفه ابنه الميداني على المشيخة أي على الولاية الروحية كما أصبحت ابنته حليمة وكيلة على فرع «الدالية» أي مشرفة على المداخيل والتنظيم المادي للزردة السنوية وأصبحت الطريقة القادريّة بنويل مستقلّة بذاتها لها إشعاع خاصّة على منطقة الفوّار ويقوم المعتقدون في بركة هذه «الزردة» بزيارة هذا المكان والإقامة به في فترات مختلفة من السنة قصد التبرّك أو طلبا للشفاء، وتقيم الطريقة القادريّة بنويل «زردة» سنويّة بمكان بعيد عن القرية يعرف بـ«الدالية»..يشرف على الزاوية والطريقة عائلة القوادر الذين ينتسبون إلى سيدي عمر عبد الجواد دفين قفصة تقع على مسافة 42 كلم غربي دوز وتقام بهذه المنطقة «زردات» كثيرة في شهر سبتمبر من كل سنة مع الإشارة إلى أن

هناك «زردة» لافتة وهي زردة «سبعة رقود» إذ تقام حضرة على الطريقة القادريّة بعيدا عن مواطن العمران بين كثبان الرّمال قرب بئر وتذبح أثناءها ناقة بيضاء وخرفان كثيرة ويفد على هذه «الزردة» عدد كبير من الناس خاصّة من منطقة غريب ومن الجريد علما وأن الزيارة الأخيرة أقيمت خلال شهر سبتمبر المنقضي).. وعودة لتظاهرة «أيام السلسبيل» بالنويل فتتواصل فعالياتها من خلال عديد المداخلات نذكر من بينها للشيخ كمال سعادة اليوم الجمعة بعنوان «في ذكرى ميلاده صلى الله عليه وسلم» والشيخ علي بو الشلاغم السبت معنونة بـ «تعظيم محبّة رسول الله» والدكتور كمال عمران الأحد بعنوان «محبة النبي» والدكتور حسن المناعي الاثنين 27 نوفمبر «قبسات مضيئة من سيرة خير البرية» كذلك مداخلة عضو المجلس الإسلامي الأعلى د. أحمد الأبيض الثلاثاء بعنوان «الرسول محمد في خدمة الناس» والشيخ لطيف موسى مداخلة يوم الأربعاء تحت عنوان «المبعوث رحمة للعالمين» والشيخ عبد الرزاق بن عبد الله يوم الخميس معنونة بـ «العبادة انسجام مع حركة الكون» ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115