تزويق قاعة الفنون المسرحية بإعدادية الطاهر بن عاشور بنابل: الفنّ يمسح عن الرّوح غبار الحياة اليومية

اختار الالوان الزاهية على تلك الرمادية الحزينة، اختار ان يشارك ابناءه الحلم والبعض من تفاصيل الجمال يرسمونها بطريقتهم الخاصة ليخرجوا الحيطان من صمتها القاسي حتى تصبح أجمل وأكثر اشراقا تبعث في النفس البهجة وفي الفكر حب التعلم والاستفادة فالفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية.

اختار الامل و الجمال لان التعليم مهنة لبعث الحياة والأمل في المتعلم والمسرح تحديدا فن لممارسة الحياة لذلك انكب منذ اسابيع صحبة تلاميذه في تزويق قاعة الفنون المسرحية بإعدادية الطاهر بن عاشور بنابل، الاستاذ وليد بن عبد السلام اختار مشاركة اطفاله تقاسيم الفرح لان المسرح فرح والتعليم عنوان للفرح.

المؤسسة التربوية ينقصها الفرح
الوان بيضاء او رمادية، باب ازرق والشبابيك كذلك، طاولات بيضاء تفتقد لأبجديات الجمال هكذا هي القاعات في المؤسسات التعليمية، قاعات قد تصلح لتدريس المواد العلمية والادبية ولكنها حتما غير جاهزة لتدريس مادة المسرح، تلك المادة التي تعلم الصغير ابجديات النقاش و الحلم والتمسك بالحق والدفاع عنه.
الاستاذ وليد بن عبد السلام يؤمن ان الفن حياة ويؤمن ان المسرح مادة للأمل يتعلم منها التلميذ الكثير، اراد كسر صمت الحيطان وتحطيم قساوتها وبرودها بالألوان ومنذ اسابيع انهمك وابنائه في تزويق قاعة التربية المسرحية بإعدادية الطاهر ابن عاشور بنابل اين يدرّس مادة المسرح.

في المدرسة الاعدادية الطاهر بن عاشور اصبحت الحيطان اجمل، الوان زاهية تبعث في نفس التلميذ الحبور والامل، صورة شارلي شابلن تستقبلك وتزين مدخل القاعة، التلاميذ لهم دورهم في تزويق قاعتهم، فهذا فريق اختص لإعادة طلاء النوافذ وإزالة الازرق الداكن، وآخرون اعادوا طلاء الحائط بألوان وردية وزهرية غير الرمادي الساكن و فريق ثالث مهمته تنفيذ الرسومات، فرق يترأسها استاذهم او قائدهم في مهمة تزويق القاعة، استاذ يؤمن ان المسرح ممارسة و التربية المسرحية ليست مجرد درس ينتهي بانتهاء الحصة بل عمل متواصل و تعليم للتلميذ كيفية الحياة والتصرف في المواقف الصعبة التي قد يعيشها يوميا.
استاذ يؤمن ان «العمل الثقافي هو ممارسة فعلية للحياة وليس مجرد فلكلور، بل يكون بتركيز قاعات اختصاص للمواد الفنية والعمل ليكون لكل مدرسة نادي أو قاعة مسرح بمواصفات مسرح الجيب، فاساتذة التربية الفنية هم دعاة الحياة والفرح والمؤسسات التربوية ينقصها الكثير من الفرح والتفاؤل لذلك يجب توفير الاطار المختص في كل مؤسسة» على حد تصريح وليد بن عبد السلام.

المسرح مواطنة والتجربة وجب تعميمها
جميلة هي الالوان، جميل هو الحلم الذي يتشارك فيه الأستاذ وتلميذه، ممتعة هي اللحظات التي تجمع الاستاذ والتلميذ لنحت تعاليم الجمال وتزويق قاعة الدرس كما يريد الاثنان، ساحرة هي الحكايات التي سيعيشها التلميذ داخل تلك القاعة التي زينها ونفث فيها بعضا من قبس جماله ومن روحه، حكايات لن تنتهي بانتهاء الدرس بل ستتواصل، ففي تلك القاعة سيتعلم التلميذ الكثير، سيتعلم كيف يخطط لتحقيق احلامه سيتعلم ان الفن حياة وليس بهرجا وفلكلورا، سيعرف ان المسرح وسيلة للنقد والبناء ويتعلم ابجديات المواطنة داخل قاعة كانت صماء رمادية فأشرقت بالألوان.

وفي تصريحه لـ«المغرب» أشار وليد بن عبد السلام أنّ اساتذة المسرح يشتغلون على مفهوم المواطنة وعلى عمق وجدان التلميذ حتى يكون متصالحا مع ذاته ومع محيطه الاجتماعي ويكون طاقة ايجابية خلاقة وفاعلة وليس مجرد متقبّل لمعلومات.

إنطلاق تزويق القاعة كان من ايمان الاستاذ بأهمية توفير قاعة مختصة للتلاميذ لتكون ممارسة التربية المسرحية اكثر سلاسة ويخرج التلميذ من رتابة الدروس الاعتيادية، هي أيضا فرصة لاكتشاف مواهب التلميذ وقدراته الابداعية والبحث في شخصيته، عمل انطلق ولازال متواصلا بتمويلات ذاتية من الاستاذ، من راتبه الشخصي يقوم بتزويق قاعة لتلاميذه وللاشارة فقد سبق لوليد بن عبد السلام ان زوق قاعة التربية المسرحية بإعدادية «الرشارشة» من ولاية المهدية أين كان يدرّس قبل الانتقال الى مدينة نابل، هناك ترك بصمة الحياة للاستاذ الذي خلفه لأن «المسرح أمل متجدد» على حد تعبيره، الأشغال لازالت متواصلة ومازالوا يستحقون مواد للزينة والدهان والتجميل، ويحتاجون أكثر الى الاقمشة لصناعة الستائر لتكون قاعة المسرح مكتملة بالاضافة الى حاجتهم الى védio projecteur، للعروض التي ستكون على الشاشة حتى تكتمل صورة العمل الفني الذي ستكون تلك القاعة شاهدة عليه.

تزويق قاعات الفنون في المؤسسات التعليمية فكرة مميزة لبعث حب التعليم عند التلميذ ومصالحته مع ذاته ومحيطه، فكرة انطلقت في السنوات الاخيرة ليعمل على منوالها عدد من اساتذة المسرح خاصة، وفي اعدادية «السواسي» تعمل الاستاذة نهى المكشر على تزويق قاعة الفنون المسرحية ايضا، الفنان جسام الساحلي سبق وان انجز قاعة جد انيقة في معهد طبربة اين كان يدرّس، وليد بن عبد السلام ينجز القاعة الثانية في نابل بعد الرشارشة، مجموعة من الاساتذة امنوا ان الفن مقاومة وامنوا بدورهم الريادي مع تلاميذهم، فكرة تستحق الدعم من الوزارات المعنية لتوفير بعض المواد التي يعجز الاستاذ عن شرائها، فهل تستجيب المؤسسات لمطالب من يريدون زرع الامل والبسمة على وجوه تلاميذهم ؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115