بسبب بيروقراطية الإدارة.. هل يجهض الحلم وهل جزاء الحالم مزيدا من القيود؟: «الكميون الثقافي» للبيع؟ فضاء «فينوس» مهدّد بالغلق؟ ثمّ ماذا ؟

ذنبهم انهم امنوا بالحلم والفن، هناك بعيدا يحلمون بواقع افضل لأطفال الارياف،تهمتهم انهم يعملون على تحقيق لا مركزية الثقافة عبر فكرة طريفة وهي تحويل «404 باشي» الى مسرح متنقل، الكميون الثقافي او صديق ضحكة الاطفال كما يسمونه، 404 bâchée de l’espoirمشروع جاب كل ارياف ولاية القصرين، كل المدارس الحدودية تعرف الكميون

وتعرف العروض وجل المدارس تنتظر زيارة الكميون ليستمتع الاطفال.

أكثر من 30 عرضا في أرياف القصرين وقرابة 6 أرياف في قفصة و4 في مدنين ومثلها في ارياف الحمامات حققها الكميون مقدما رسائل امل للاطفال، ولكن يبدو ان بيروقراطية الادارة التونسية تغلق الابواب امام الحلم وتوصد نوافذ الامل فبسبب ارتفاع الديون وعدم الحصول على المنحة منذ ما يقارب العام يضع بلال علوي صاحب المشروع الكميون للبيع ومعه ضحكة صغار تعودوا على عروض «الكميون الثقافي».

الكميون أو المسرح المتنقل عنوان لفرحة الاطفال
«الكميون الثقافي» أو camion scène هي «بيجو404» بيضاء اللون قرر بلال علوي ان تكون «مسرح متنقل» او مدينة للفنون متنقلة، الكميونة زينت بالعديد من الرسومات التي تعجب الاطفال الصغار وتشد انتباههم دهنت بالأبيض الناصع ودهنت العجلات ومحيطها الحديدي باللون الاحمر، الواجهة الامامية رسم فوقها مهرج يحمل بيديه بالونات زاهية الالوان لتعلن منذ البداية عن انطلاق موعد الفرح ، الجانب الايمن كتب فوقه بالخط العريض «جمعية الشهاب المسرحي بماجل بلعباس» وتحته «فينوس للفنون» للتعريف بالهيكل المشرف على المشروع ، يسار الكميونة تحول الى ر كح عرضه 1.4متر هو فضاء العمل اما لتحريك الماريونيت او فضاء لعب الممثل او العازف حسب العرض يكون الركح و تكون الكميونة مصحوبة ب 100كرسي صغيرة الحجم متباينة الالوان ليجلس عليها الاطفال اثناء العروض.

خلفية الكميونة تغير شكلها وأصبحت غرفة ونزعت الواحها الجانبية الاولية وتغير شكلها ليصبح على شكل cabine صنعت ب mdf لتكون فضاء للعرض والتمارين وعلى واجهتها كتب «وزارة الشؤون الثقافية» لان المشروع يندرج ضمن برنامج مدن الفنون، الكميون الثقافي انطلقت جولته في ارياف القصرين انطلاقا من 28 جانفي 2017، ليقدم للأطفال اكثر من 30 عرضا مسرحيا، عروض الكميون تجمع المسرح والموسيقى و هدايا لاطفال متعطشين للفعل الثقافي، عن فكرة المشروع يصرح بلال علوي « حلم سكنني منذ مدة، بعد كل عرض مسرحي او موسيقي نقدمه اتساءل كيف لهؤلاء الاطفال ان يستمتعوا بالفنون جميعها وكيف للفن ان يأتيهم وهم في قراهم وأريافهم وتجمعاتهم السكنية ؟ سؤال سكنني طويلا وحلمت ان يكون لهؤلاء الحق في الثقافة وتجربة التنشيط في المدارس الحدودية كانت الخيط الفاصل اذ بعد جولة في ربوع الحدود التونسية الجزائرية ونظرة الحب التي نشاهدها في عيون الاطفال قررت ان يكون لهؤلاء الاطفال مسرحهم المتنقل؟ كيف وما الذي سيقدمه؟ اسئلة كثيرة خامرتني الى ان ولدت فكرة «camion scène» حينها فقط تساءلت وللمرة الاخيرة «الكات كات» موجودة بكثرة تجوب الارياف لكل كميونة هدفها إما تحمل البضائع او تحمل التجهيزات المنزلية واخرى للمواشي فلماذا لا يكون للمسر ح كميونة ايضا؟ واعطيت للمشروع اسم 404 bachée de l’espoir لأننا نريده حقا ان يكون عنوان للامل عند اطفال الارياف.

الكميون يعرفه صغار المدارس الريفية، في كل العروض تقدم للأطفال البعيدين عن مراكز المدن فعلا ثقافيا وفنيا يغرس فيهم أمل حب الدراسة والتمسك بالعلم لأنه سلاحهم لحماية انفسهم من خطر الدمغجة والتطرف « اطفال الريف يحتاجون الثقافة، واعتقد ان الكميون وعروضه الممتعة فرصة للصغار للخروج من رتابة اليومي ومعانقة الامل المتجدد بالفنون»على حد تعبير مدير مدرسة الامل التي احتضنت اخر عروض الكميونة التي اصبحت حديث العديد من الصحف الاجنبية فقط لطرافة الفكرة.

بيروقراطية الادارة، تسويفـ استقالة وبيع الكميونة؟
الكميون الثقافي مشروع يندرج ضمن البرنامج الوطني مدن الفنون، في البداية وتحديدا ديسمبر2016 رصد للمشروع 15 الف دينار كنصف المنحة لانطلاق المشروع ثم وصول بقية المنحة(قيمة المشروع 30 ألف دينار)، مضى عام والكميون يجوب الأرياف ويقدم عروضه ولكن منحة الدعم لم تعرف النور ولم تتحصل جمعية الشهاب المسرحي بماجل بلعباس التي يشرف عليها بلال علوي على منحة الكميونة الى حد كتابة هذه الأسطر .

«الكميون الثقافي» من اكثر المشاريع التي تحدث عنها وزير الثقافة في كل تصريحاته الإعلامية منذ انطلاق مشروع مدن الفنون، وللاشارة فوزير الثقافة محمد زين العابدين سبق وان التقى ببلال علوي في سبتمبر 2017 وأمر بصرف منحة استثنائية حتى يواصل الكميون عمله ويواصل ادخال الفرحة على أطفال الارياف ولكن «وعد الوزير» تعطّل في مندوبية الجهوية للثقافة بالقصرين وكلما سالوا عن السبب تكون الاجابة «système « معطّل، فهل «سيستام مندوبية الثقافة» معطّل منذ شهرين؟وللاشارة فمراقب المصاريف بالقصرين قد امضى على الشيك ب20الف دينار لفائدة المشروع؟

«تخلدت الديون، وسئمت سياسة التسويف، ننتظر منذ اشهر، وبعد كل اتصال تكون الإجابة غدوة، الجمعة الجاية، لذلك سأبيع الكميونة» هكذا يجيب بلال علوي عن سبب قرار بيع الكميون الثقافي؟ فهل ستقفل نافذة الامل تلك التي كانت تدخل الفرحة على قلوب اطفال ظلمتهم الجغرافيا؟

لن تضطر جمعية الشهاب المسرحي لبيع «الكميون الثقافي فقط» بل الفضاء الثقافي «فينوس» هو الاخر مهدد بالغلق فمنحة التسيير لم تصل بعد ربما اضاعت سبيلها بين ملفات الاداريين و فينوس هو الفضاء الثقافي الخاص والوحيد الموجود في مدينة ماجل بلعباس بالقصرين، ومنذ اشهر اصبح فينوس فضاء لرواد دار الثقافة ومنشطيها لان دار الثقافة بالمدينة بها اشغال منذ مدة، كما ان فينوس قدم العديد من التظاهرات وأصبح وجهة مثقفي ماجل بلعباس والمدن القريبة لانه الوحيد في المدينة؟ فهل سيغلق فضاء اجتماع مبدعي الجهة بسبب التعطيل الاداري؟.

ارتفعت الديون وعجزت الجمعية عن خلاص ديونها ويكاد الحلم ان يقتل بسبب البيروقرطية وبطء صرف منحة التسيير، بلال علوي صاحب المشروع قدم استقالته في مرحلة اولى قبل بيع الكميونة واغلاق فينوس، فهل جزاء من يعملون على تحقيق لا مركزية الفعل الثقافي «اجهاض حلمهم» وما ذنب اطفال الارياف حتى يحرموا من مسرح متنقل كان يوفر لهم بعض الحلم؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115