Print this page

مرايا وشظايا الذكرى 150 لميلاد العلم التونسي «بلادي وإن جارت عليّ عزيزة...»

عاليا فوق القمة الشماء يرفرف علم بلادي رغم كيد الأعداء، نابضا بالحياة، خافقا بالأمل وببقاء الوطن... وحدها الحناجر التي تهتف في صدق «نموت نموت ويحيا الوطن» تعي معنى الوطن، وحدها المقل التي يترقرق فيها الدمع حين تصرخ في انحناء وإجلاء «إذا الشعب يوما أراد الحياة» تدرك قيمة الوطن، وحدها الفرائص التي ترتعد تأثرا وحبا حين يعانق العلم السماء تعرف أن راية الوطن تُعلى ولا يعلى عليها ...

ولأن العلم ليس مجرد قصيد يغنى أو لحن يعزف... تحتفل تونس بالذكرى 190 لعيد ميلاد العلم التونسي الذي أمر حسين باي الثاني بتصميمه في 20 أكتوبر 1827 وتم اعتماده رسميا سنة 1831 ثم أقره دستور سنة 1959.

وكما هو الاستثناء التونسي، فإن للعلم التونسي استثناء أيضا فهو ليس مجرد قطعة قماش وألوان وأشكال ورموز... بل هو الحضارة والثورة فخلافا لبعض «دول الربيع العربي» التي غيرت أعلامها كناية على قلب نظام الحكم، تمسكت «ثورة الياسمين» برايتها التي ترمز إلى دماء الشهداء والفناء من أجل الوطن. دون أن ننسى أن العلم التونسي بلونه الأحمر الخافق ظل صامدا في وجه رايات الأسْوَد والسواد وأن سليلة الكاهنة الطالبة خولة الرشيدي تصدت سنة 2012 بكلية الآداب بمنوبة إلى الغربان السوداء التي تجرأت على استبدال العلم المفدى بخرقة من كهوف الظلام.

وبالرغم من الآلام والآثام أمام صور الجوع والفقر والمدن المهمشة والمعذبون في الأرض... سيظل العلم مشرقا وسيزداد توهجا وهو يستقبل ذكرى ميلاده 190 مهما عصفت به المحن والرياح العاتية.

هذه هي أرض قرطاج الحضارة والتاريخ المجيد والماضي التليد التي لا تكل ولا تمل من العطاء. وإن أغلقت أبواب الحياة في وجه بعض من شباب هذا الوطن فهربوا إلى قوارب الموت في إغراء مزيف بالنجاة، فلاشك أن من بقي منهم على قيد الحياة سيردد في الجهر أو السر: «وداعا... نغادره الوطن المُرّ، لكن إلى أين؟ كل المنافي أمرّ !».

المشاركة في هذا المقال