ليبيا: أبعاد وتداعيات سيطرة قوّات حفتر على صبراتة

أكّد العميد عمر عبد الجليل آمر غرفة عمليات صبراتة التابعة للجيش الوطني بقيادة حفتر السيطرة رسميّا على المدينة بعد هروب مليشيا أحمد الدباشي المعروف بالعمود تاركة عتادها وجزء من مقاتليها بين قتيل ومصاب وأسير لدى الجيش. ومن ردود الأفعال الأولية بعد تحرير صبراتة خروج الأهالي في مظاهرة داعمة للجيش وصدور بيان من فائز السراج يشيد بتطهير المدينة .

لم تتوقف قوات حفتر عند حدود صبراتة بل تحرّكت نحو مجمع الغاز بمليته ذي الأهمية الاقتصادية والإستراتيجية، خاصة بوجود المنشأة النفطية التي تديرها شركة إيطالية وتضمن تزويد إيطاليا. بالغاز كما أفادت مصادر من غرفة العمليات العجيلات جنوب صبراتة تحرير المدينة من المليشيات ،وأضاف المصدر بأنّ القوات التابعة للغرفة ، سوف تتحرّك قريبا نحو مدن زوارة وبذلك يحرّر الغرب الليبي بأكمله من المليشيات المسلحة .

في ذات السياق أشار أحمد العبود المحلل السياسي خلال اتصال مع أحدى الفضائيات المحليّة بأنّ التطوّرات العسكريّة الأخيرة تعني قطع ظاهرة تهريب البشر نهائيّا ،بإعتبار أنّ صبراتة هي عاصمة تهريب البشر والوقود ومقرّ للعصابات الإجرامية و المتعاونة مع الجماعات الإرهابية – تنظيم داعش القاعدة واخواتهما .
وأضاف العبود بأنّ ايطاليا كانت و إلى وقت قريب منقسمة داخل الحكومة بين شقّ يرى ضرورة التعاون مع مليشيات مسيطرة على صبراتة ،وطرف ثان معارض للتواصل معها ، لكنّ الآن و بعد طرد المليشيات سوف تتعامل ايطاليا مع الطرف الأقوى أي القيادة العامة للجيش .
المستجدات الأخيرة سوف تنعكس على مسار التسوية السياسية دون ريب و لا شكّ حيث يذهب بعض المراقبين بأنّ موقف الرئاسي والسرّاج على وجه التحديد سوف يضعف بالتأكيد كما تيّار الإسلام السياسي وبسبب توسّع نفوذ حفتر بدأ يعيش آخر فصوله في ليبيا .

مواجهات طرابلس لا تتوقف
موجة العنف مازالت تضرب المدن الغربية من البلاد الواحدة تلو الأخرى ففي العاصمة طرابلس اندلعت مواجهات مسلّحة في سوق الجمعة بعد اشتباكات زاوية الدهماني ، اقترنت هذه الموجة من العنف المسلّح بالتزامن مع بروز تفاهمات بين لجنتي الحوار السياسي في تونس واستعداد مجلس النواب والأعلى للدولة لمناقشة تلك التفاهمات وتصميم الأمم المتحدة على تنفيذ خارطة الطريق وإشارة غسان سلامة انّه سوف يتجه لخيارات أخرى في حال فشلت المبادرة .
وبالعودة لتحرير صبراتة من العصابات الإجرامية والدواعش تخشى دول الجوار الشمالية تونس – الجزائر من تسلّل الارهابيين إلى داخل أراضيها لاسيما مع تأكيد الجيش الليبي بأنّ عناصر من الجماعات الإرهابية هربت إلى منطقة نالوت قرب حدود تونس .

مجلس النواب يناقش تفاهمات حوار تونس
من جهتها وجهت رئاسة مجلس النواب الدعوة لأعضاء المجلس لحضور جلستي الاثنين والثلاثاء القادمين من أجل مناقشة تفاهمات لجنة الصياغة لحوار تونس المتعلق بخارطة طريق الأمم المتّحدة لحل الأزمة السياسيّة من تعديل الرئاسي لاستفتاء على الدستور والمادة الثامنة من الاتفاق السياسي وترشيح رئيس مستقل للحكومة وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ،والسؤال المطروح مرة أخرى هل تلقى دعوة رئاسة مجلس النواب الاستجابة من جميع نواب المجلس وتتم الموافقة على ما اتفقت عليه لجنة حوار البرلمان مع نظيرتها في المجلس الأعلى للدولة أم ان تغيب النواب سيتواصل أم يحضر النواب ويرفضون تفاهمات حوار تونس.
الجدير بالتنويه والإشارة هو انّ البرلمان يعاني حالة انقسام شديد وقد عجزت رئاسة المجلس منذ ما يزيد عن العام عن عقد ولو جلسة بالنصاب القانوني إضافة ذلك يعارض شق واسع من النواب آلية اختيار لجنة الحوار – 24 عضو – من طرف عقيلة صالح رئيس البرلمان سؤال أخر يتعلق برفض كتلة التيار الفيدرالي تمريرالدستور الحالي و تدخل الأمم المتحدة في

الدستور 51 المعدل في 63 و ما مدى قدرة التيار الفيدرالي على فرض رؤيته.
جملة من الاستفهامات تمثل في الواقع حجم العقبات التي تراجع خارطة طريق غسان سلامة وتضعها أمام امتحان حقيقي حتى أن جل المراقبين يربطون نجاح المبادرة الأممية الحالية بموافقة مجلس النواب مجتمعا نقطة أخرى إضافية سوف تثير خلافا تحت قبة البرلمان ،وهي المتعلقة بشرعية مجلس الدولة والمطالبة بضرورة التحاق مجموعة ال 94 بعضويته المحصلة أن لا شيء يبعث على التفاؤل إطلاقا وربما لذلك السبب وسع المبعوث الأممي من دائرة مشاوراته واستماعه لوجهات رأي ومواقف أكثر ما يمكن من الإطراف .

رفض التدخل
لا شك ولا اختلاف بأن المبعوث الأممي غسان سلامة لم يدخر جهدا في تهيئة الظروف الملائمة للمفاوضات والتزام الحياد والوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء والأهم من كل ذلك رفضه بقوة لأية ضغوطات من الأطراف الخارجية على نخبتي الحوار عكس سابقية من المبعوثين الأمميين الذين فتحوا المجال لسفراء الدول الكبرى للتدخل في مسار الحوار بصفة مباشرة بل أكثر من ذلك كان سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا يعقدون لقاءات مع الأطراف الموالية قبل أي جولة مفاوضات .

لكن بقدوم غسان سلامة تغيرت الأمور فهذا وهذا أيضا ما أكده المبعوث غسان سلامة أمام المئات من النشطاء السياسيين والمثقفين وممثلي المجتمع المدني خلال إجتماعه الخميس الفارط في بنغازي مجددا في ذات الإطار مراهنته على وعي الليبيين بالمخاطر المتربصة ببلادهم ، مقابل هذا الرهان والثقة في كل الفرقاء كشف غسان سلامة أن في حوزته خيارات أخرى وبدائل في صورة فشل المبادرة الأممية المطروحة . أحد تلك الخيارات تتعلق بالدستور وتفيد تسريبات من برقة بأنّ النيّة لدى البعثة الأممية تتجه إلى عرض مشروع الدستور كما هو على البرلمان ثم الاستفتاء عليه وأن رفضه الشعب فسوف يجري اعتماد الدستور المعدل في 63 أما باقي الخيارات فيرى شق من المتابعين للشأن المحلي في جانبه السياسي بأنه من الصعب التكهن بشكلها ونوعها على ان الإجماع حاصل لدى الكل هو أن خارطة الطريق الأممية الحالية هي الفرصة الأخيرة التي تعطي للفرقاء القرار وتنفيذ التسوية السياسية معلوم بأن غسّان سلامة قالها صراحة لدى كلمته أمام اجتماع بنغازي بأنه ضغط وعمل على عدم طرح أسماء للرئاسي والحكومة موضحا بأن ما جرى في تونس وسوف يجري في بحر الأيام القادمة ليس بالحوار وإنما هو تفاوض وتفاهمات حول النقاط الخلافية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115