ببيت الحكمة: جدل حول الدولة المسلمة والدستور الديمقراطي من يرسم خارطة المقدّس والمسافة بين التجربتين العقائدية والمدنية؟

« مليكة الزغل ليست باحثة فقط وإنّما هي تنتمي إلى مجموعة كاملة . . إلى ظاهرة جديدة في فكرنا العربي والإسلامي وهي اهتمام المرأة بشؤون الدين،لا نجد في تراثنا نساء الدين ومنذ بداية القرن العشرين ظهرت كوكبة من الباحثات في الشأن الديني» تلك هي الباحثة مليكة الزغل كما قدّمها الدكتور عبد المجيد الشرفي في لقاء فكري نظّمه مؤخّرا المجمع التونسي

للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة»، قدّمت خلاله الأستاذة الزغل محاضرة بعنوان « الدولة المسلمة والدستور الديمقراطي مصر 1923 - تونس 2014» وتعتبر المحاضرة منارة من منارات هذه الكوكبة وفقا لرئيس المجمع.
تناول في البدء الأستاذ عياض ابن عاشور الفوارق بين الدستورين، فالدستور المصري «أنجزته لجنة معيّنة» حسب قوله وقد ذكّر بما قاله عنها سعد زغلول حيث عرّفها بلجنة الأشقياء ، ولكن الدستور التونسي أملته الثورة وأعدّ ته مؤسّسة منتخبة تتمثّل في المجلس الوطني التأسيسي الذي توّج أعماله بتسوية تاريخية حسب عبارته . وافتتحت المحاضرة مداخلتها بسؤال لماذا المقارنة؟

إجابة عن السؤال أكّدت الباحثة على رغبة معرفية تتّصل أساسا بنزوعها نحو الإلمام بخصائص السياقين من أجل فهم جينيالوجيا الحركات الإسلامية مشيرة إلى أنّها قد ركّزت «على الإسلام والدولة» لذلك اهتمّت بالإرهاصات الأولى لمجموعات الإسلام التي تريد أن تجعل من الشريعة مصدر تشريعات الدولة ونظامها الحجاجي في ذلك «الدين هو قوام الدولة»، مذكّرة في هذا

الإطار بحسن البنّا الذي أسّس سنة 1928 حركة الإخوان المسلمين باعتبارها منظمة سياسية إسلامية مهووسة بتطبيق الشريعة الإسلامية والشعارات في ذلك «الإسلام عقيدة وعبادة ووطن»، «حكومة ربانية»، «الحق الإلهي المقدّس» الخ ..

لقد تضمّنت مواد الدستورين حسب رأي الزغل عديد الفصول الموحية بدمقرطة منظومتي الحكم كالمادة 12 في الدستور المصري المشدّدة على «حرية الاعتقاد المطلقة» والمادة 6 في الدستور التونسي المؤكّدة على أنّ الدولة كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، الضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، والملزمة بحماية المقدّسات ومنع النيل منها . ولكن كم هي عديدة الإشكالات التي تطرحها المفاهيم الحمّالة للتأويلات مثل مقولات «منع النيل من المقدّسات» «حرية ممارسة الشعائر» «أنشطة دور العبادة» وكم هي فسيحة المسافة الفاصلة بين التنظير والتشريع من جهة والبراكسيس من جهة ثانية؟

من يرسم خارطة المقدّس؟ هل من ضمانات فعلية كي لا تتحوّل منابر ممارسة الشعائر إلى إنتاج فائض فتاوى جهاد النكاح وجمالية الختان؟ أيّ ضمانات لحياد دور العبادة كي لا تتحوّل إلى مؤسّسات التعليم الموازي وصناعة عقول الناشئة وفقا للوبيات تجيد مناورات العمل السري؟ هل الديمقراطية مرتهنة بالقوانين الوضعية ذات الإرث الفكري المؤمن بحتمية رسم المسافة بين التجربة العقائدية والتعاقد التقنيني المدني؟

تلك هي النقاشات الفاصلة بين النّخب الليبيرالية الداعية إلى حكم مدني وفقا للمنطق المؤسساتي والقوى المحافظة التلفيقية والمناورة انسجاما مع أحكام السياق .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115