عرض «طريق المقام» بساحة الخربة في تظاهرة «دريم سيتي» الموسيقى تحطّم كل الحواجز الجغرافية والانقسامات السياسية

جميلة هي الموسيقى، ساحرة هي نغمات الكمنجة ورقيقة نغمات القيثارة، مميزة هي معزوفات الايقاعات اما القيثار باص فلها قصة مع الجمال والخلق، جميلة انت ايتها الموسيقى في قوتك وهدوئك، ساحرة الحانك الاسرة التي تتوه بالحضور وترحل بهم الى عالم سرمدي مميز، أيتها الموسيقى لنغماتك وقع البلسم على الروح، لنوتاتك صوت رذاذ المطر ووقع ضحك طفل

صغير على النفوس المتعبة، رويدك ايتها الموسيقى فسحرك لا يقاوم ورسائل الحب التي ترسلينها قد تسكر الحضور لشدة جمالها.
هنا الخربة، هنا مكان منسي أصبح عنوانا للحياة اثناء فعاليات دريم سيتي وفي الخربة كانت الرحلة مع «طريق المقام» لزياد الزواري عرض عنوانه «الموسيقى سفيرة السلام» عرض جمع عازف الكمان الرائع زياد الزواري والعازف التركي المميز عبد الرحمان تاريكشي وعازف القيثار باص المجنون غسان فندري وصاحب اللمسات الايقاعية الساحرة عبد القادر ابن الحاج قاسم، اربعتهم تقاسموا الحلم وتشاركوا مع جمهور دريم سيتي امتع اللحظات.

الى عشاق الحلم...تلذذوا نغمات الامل
وسط الخربة في باب الجزيرة وضعت منصة كبرى لاستقبال العروض الليلية، منذ الثامنة والجمهور يقبل على المكان، نسوة اخرجن من منازلهن كراس لمشاهدة العرض، شيوخ جلسوا على حافة الطريق لاكتشاف ما سيقدّم في الساحة التي كانت مهجورة، على الركح اربعة فرسان هم الذين سيصاحبون الجمهور في رحلة قد تكون الاولى وقد تكون استثنائية عند الكثيرين.

هنا دريم سيتي، تحديدا في الخربة كان لقاء الجمهور مع عرض «طريق المقام»، اربعتهم مميز، زياد الزواري الرائع صاحب النغمات المميزة هو قائد الرحلة، الزواري عزف للحب، للامل للجنون ولعشق الحياة بموسيقاه كتب الياذة الوطن وبنغماته الرقيقة عانق خلجات الروح فينا، بكمانه نحت قصة عشق الانسان للحياة، طوّع كل النغمات فقط لخدمة الإنسان ومعه التركي عبد الرحمان تاريكشي جاء محملا بنغمات مدينته انقرة الجميلة ، بقيثارته خطّ طريق المقام وحمل الحضور الى انقرة تلك المدينة التي تعود لى 3000عام، نغمات هادئة حينا وكانها رحلة في شوارع المدينة وازقتها جد المميزةـ بقيثارته كتب بعض تفاصيل المدينة ورسم ملامح عمارتها وحضارتها تجول بالجمهور في قلعة انقرة و معبد اغسطس الروماني وحملهم الى عمود جوليانوس و تجول بهم في متحف الحضارات الانسانية ربما ستجدك تبحث عن مرقد امرئ القيس هناك ، بالقيثارة كتبت نوتات كأنها استحضار لما قاله امرئ القيس في حب ليلى:

قَتِيلٌ بِوَادِي الحُبِّ مِن غَيرِ قَاتِلٍ
ولا مَيِّتٍ يُعزَى هُنَاكَ ولا زُمَلْ
فَتِلكَ الَّتي هَامَ الفُؤَادُ بِحُبِّهَا
مُهفهَفَةٌ بَيضَاءُ دُرِّيَّة القُبَلْ
ولي وَلَها فِي النَّاسِ قَولٌ وسُمعَةٌ
ولي وَلَهَا فِي كلِّ نَاحِيَةٍ مَثَلْ

على الركح تشارك الزواري وعبد الرحمان في كتابة شريعة خاصة بهم وبعشاق الحياة فشريعة النفس هي الموسيقى .. إنها تهب الكائنات أرواحها والعقول أفكارها.. والخواطر سموها .. وهي تبدل بالسلوى أحزاننا وتملأ بالزهو حياتنا كما قال افلاطون.

طريق المقام...طريق البحث عن سر الحياة
تشاركوا الحلم، تشاركوا الجمال وشاركوا الجمهور متعته ونشوته حدّ السكر بخمرة الموسيقى، في الخربة انطلقت الرحلة من تونس مع معزوفة جد حزينة وكانها رثاء لحب مفقود او بحث عن امل منشود، ثم كانت الوجهة الى تركيا والجولة مع نغمات وايقاعات تركية بعضها راقص وبعضها حزين، من تركيا الى الجارة ارميتيا، في وحدة الالات الموسيقية حديث عما خلفته الحروب في قلوب البشر، بالكمنجة كتبت عذابات الارمن، وبالقيثارة رسمت ملامح الحلم اما ايقاعات عبد القادر ابن الحاج قاسم فكانت عنوانا لثورة داخلية لتجاوز محن السياسة والمصالحة مع الانسان فينا، طريق المقام البوم قال عنه زياد الزواري: «هو «حلمة مزيانة» وامل جميل لانني جمعت فيه كل تلاحيني من 2007 إلى اليوم، ألبوم عن الحب وضعت فيه أول مقطوعة قمت بتلحينها «رسالة الى اقبال» و«ازهار» وقد عملت فيه على رحلة المقام العربي الشرفي في جولته العالمية فيصبح راغا حين يزور الهند و يصبح الجاز حين يزور اروبا ، عمل حاولت ان اتتبع فيه طريق المقام.

تتواصل الجولة مع المقامات، من تركيا الى ارمينيا الى الهند والقيثار باص التي يغازلها غسان فتدري كانت عنوان لاكتشاف سحر الهند والوانها تمام كما الراجا وتلويناتها المختلفة كانت النغمات، جنون غسان فندري احدث الفارق ايضا فعلاقته بالقيثار باس بدت كعاشقين يكتشفان سحر الهند وحكمتها والوانها، ثم العودة الى صفاقس، المولد والمنشأ مع معزوفة “سيفاكس” التي اهداها الزواري الى كل عشاق الموسيقى، في طريق المقام يحضر الغناء باللغتين العربية والتركية والجميل ان عبد الرحمان التركي يغني باللغة العربية وامتع الجمهور بأغنية “يا بوعكازين” في لكنة تجمع التركية والعربية بدت جد مضحكة ومقنعة في الان ذاته.

في البطحاء حضر الحلم، توفّرت متعة مع موسيقى جد مميزة، ايقاعات والحان كتبت لتتغنى بالحياة وتثبت ان الموسيقى لها سحرها وللموسيقى الوترية ميزتها ويمكنها ان تنجح دون مرافقة غنائية فالموسيقى كما يقول عنها الزواري رسالة سلام والموسيقي هو سفير بلده عند العالم فدورنا اكثر حساسية من السفراء السياسيين اما طريق المقام فمشروع حطم الحواجز الجغرافية هو مشروع للوحدة لا للشتات مشروع تكون فيه الموسيقى سيدة المقام والمكان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115