اصدارات: كتاب «خمسون نجما في سماء دوز » لجلال الشعينبي يخرجنا من اللحظة الراهنة ويضعنا في مدار التاريخ..

ببادرة من جمعية «البديل الثقافي» و بالتعاون مع فرقة بلدية دوز للتمثيل ،احتضنت مؤخرا دار المسرح والفنون بالجهة ،  حفل توقيع كتاب بعنوان «خمسون نجما في سماء دوز»  لمؤلفه جلال الشعينبي .

يقع هذا الإصدار الجديد للكاتب في 156 صفحة من القطع المتوسّط ويحتوي بعد الإهداء والتصدير ومقدّمة الأستاذ الشاذلي القليبي،  على 18 بابا و فصلا مدعومة بصور و وثائق تاريخية نادرة تنشر لأول مرة ، وهو الكتاب الاول عن تاريخ المهرجان الدولي للصحراء بدوز بمناسبة الخمسينية وعلى بعد أشهر قليلة على انعقاد الدورة الخميسن المزمع قيامها من 28 إلى 31 ديسمبر 2017.. مقدمة كتاب الشعينبي -الذي كان عضوا في هيئة مهرجان الصحراء واصدر سنة 2013 كتابا بعنوان «التعليم: ذاكرة دوز» - كان بقلم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الثقافة في المهرجان الاول سنة 1967 ، الاستاذ الشاذلي القليبي بعنوان «الفنون الشعبية من الثقافة» وذكر فيها خاصة ان من اهم ما ادخله الرئيس بورقيبة على العمل الثقافي ان اكسب الفنون الشعبية جدارة في نظر اهل الثقافة حيث جعل من اهم اركان عمل الوزارة العناية بجمع الشعر الملحون فسماه الشعر الشعبي وانشأ له في الوزارة قسما يشرف عليه الاديب محمد المرزوقي و ان نظرة الرئيس بورقيبة امتدت الى العناية بسائر الفنون الشعبية و توخت الوزارة مبدا اللامركزية في تنظيم التظاهرات و بذلك تسنى لاغلب مناطق البلاد ان تحتفل في مهرجاناتها بالنوع الذي اختصت به من الفنون الشعبية و من ذلك مهرجان الصحراء بدوز الذي تولى بورقيبة الاشراف على افتتاح دورته الاولى سنة 1967 ومهرجان دوز في طليعة ما تعتز به البلاد من تظاهرات شعبية و خلص القليبي الى ان هذا التوجه الذي توخته الوزارة في عهد بورقيبة يندرج في اطار خطة تهدف الى توسيع العمل الثقافي الى سائر المشاغل الشعبية الفنية فالثقافة منذ عهد بورقيبة لم تعد عملا نخبويا لا يطوله الا اصحاب المعارف و العلوم بل اتجهت بشمول كل الفنون الشعبية الى مختلف الفئات الشعبية ..

حفل التوقيع حضرته عديد الوجوه الثقافية بالجهة وأداره الاستاذ عز الدين بالطيب وتضمن خاصة قراءة نقدية أمنها الباحث في اﻻدب الشعبي ومدير المهرجان الدولي للصحراء بدوز الشريف بن محمد الذي اكد في البداية على أن كلّ إصدار له أهميّته وكلّ عمل لا شكّ في أنّ صاحبه قد وضع فيه ذوبَ قلبه كما قالت العرب والشأنُ هو في مقدار الإضافة وقدر الطرافة التي لا أشكّ في أنّ جلال الشعينبي قد أخذ منها بنصيب و الكتاب إجمالا فرصة التقاط نادرة لأرشيف المهرجان والمقادير التي اشتغل عليها رجال آمنوا بقيمة العمل الثقافي في ربوع الجنوب النائي، هذا وإثر التقديم المادي لهذا الاثر بين بن محمد أنه ليس من الهيّن الحديث عن مهرجان عمره 50 سنة بشكل بانورامي يحيط بتاريخ المهرجان إحاطة شاملة، فمن هذه الناحية تكبّد جلال الشعينبي جهدا كبيرا نشكره عليه كذلك القيمة التوثيقية للكتاب ارتقت به إلى مصاف الكتب النادرة في بابها إذ من النادر أن نجد تأليفا اختصّ في المهرجان الدولي للصحراء بدوز وقدّم تأليفا شافيا ضافيا عنه ، كما يعدّ الكتاب من ناحية مضمونه ذاكرة مدينة دوز في قيمتها وتطورها وثقافتها وسياحتها وحراكها الاجتماعي وقدرتها على المزج المستمرّ بين ماضي البادية وحاضر التمدّن... كتاب غنيّ بالصور والوثائق النادرة ( كما يحبّ المؤلّف تسميتها ) وهي وثائق متنوّعة بعضها من خزانة المهرجان وبعضها من الأرشيف الوطني وبعضها من الأرشيف الفرنسي والقيمة التسجيلية للكتاب في ما احتواه من أشعار شعبية تسجّل لثقافة الجهة وتعطي للقارئ فكرة عن الإبداع الأدبي في هذه الربوع، كما   يخرجك الكتاب من اللحظة الراهنة أو السنوات القريبة ليضعك في مدار التاريخ ومن المهمّ أن نعرف ما دار في خمسين سنة والكتاب ضامن للتوثيق من هذه الناحية ، هذا وصيغ الكتاب بأسلوب الكتابة الصحفية التي لا تراهن على الجودة الأدبية للنصّ بقدر ما تسعى إلى التعريف والتبسيط وتقديم المعلومة وإنارة الرأي وفي المقابل لم يسقط المؤلّف في الجزئيات المتعاودة المملّة بل ذهب إلى تخيّر ما يراه لامعا خاطفا للأضواء..

 الأستاذ بن محمد تعرض أيضا لبعض الهنات من ناحية الشكل فطباعة الكتاب سيّئة والكاتب على وعي بذلك ويحاول أن يتدارك الأمر في ما سيطبع لاحقا اما الصّور التي ينبغي أن توضّح المقروء وتدعمه كانت على غاية من عدم الوضوح بما ارتدّ على قيمة الكتاب عكسيّا كما استعرض بن محمد بعض الأخطاء وفي مستوى المضمون :ص 5 و ص 102/ الشاعر عمر بن خليفة البازمي وليس محمد البازمي، ص 20 : هناك تعميم مخلّ في من صودرت قطعان إبلهم زمن الاستعمار (بعض الأسماء صحيحة وبعضها خاطئ )، ص 72 : البيت الرابع للشاعر الحبيب بن عبد اللطيف ( أني وليس ني ) كي يستقيم الوزن، ص 74 : نقل مشوّش مضطرب لبعض أبيات الشاعر محمد الطويل ( أنظر اسفل الصفحة )، ص 80 : إغفال بعض من حكّموا في العكاظية، ص 81 : هناك خلط بين الموقف وبين السامور..ليختم الاستاذ الشريف مداخلته بتقديم بعض ما رآه عاجلا إذا تجدّدت طباعة الكتاب نذكر من بينها تدارك هنات الرسم واخطاء اللغة ومشكلات الطباعة.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115