افتتاح الدورة الاولى للمهرجان الوطني للموسيقى والرقص هنا «تيمسو» هنا اتحدت وتشكلت تفاصيل الحلم والثقافة

انطلق الحلم وانطلقت معه رحلة جديدة لمشوار ثقافي مميز تعيش علة وقعه مدينة قعفور من ولاية سليانة، المحطة هذه المرة عنوانها المهرجان الوطني للموسيقى والرقص ينظمه فضاء المركز الدولي للفن الرابع بقعفور، مهرجان هو ترسيخ لحلم جمع الشتات وتقديم مشهد ثقافي في بديل في مدينة متعطشة للثقاف.

المهرجان في دورته الاولى انطلقت فعالياته مساء 8سيبتمبر ويتواصل الى يوم 11سيبتمبر، افتتح بتخمة فنية جمعت بانتالوني فارس العفيف و شامة رانية الجديدي وزوفري رشدي بلقاسمي وقبلهما ندوة علمية لعلاء فرشيشي، تظاهرة يشرف عليها شباب امن بسلاح الفن فحمله واتخذ المقاومة الفنية دينه وديدنه.

ولد الفضاء كما الحلم يجمع الشتات
تونس فالطريق السيارة باجة، فتستور، ثم السلوقية وعين جمّالة فعين تونقة، ثم تبرسق بعدها دقة وطريق الكاف، الى اليمين لافتة كتب عليها «قعفور، سليانة والقريوان» تجد الدخانية فوادي الرمل ووادي المنصورة، مع مفترق الطرقات تكون الوجهة الى اليسار، بعد كيلومترين تقريبا الى اليسار مجددا تجدك ايها الزائر قبالة لافتة «مدينة قعفور ترحب بزوارها» الطريق الرئيسية اما البلدية ثم الى اليمين وبعد مسيرة خمسة دقائق تجدك امام فضاء «المركز الدولي للفن الرابع بقعفور».

باب ابيض اللون، فوقه لافتة كبرى تناشد المارة ان ادخلوا المكان واكتشفوا ثنايا الحلم هنا، هنا قعفور او «petit paris» كما كانت تسمى في الاستعمار الفرنسي، هنا ترك الاستعمار ملامحه وبصمته في العمارة منذ 1907، منازل بقرمود احمر ومطة الارتال، وقاعة السينما القديمة والكنيسة التي اصبحت فضاء لدار الشعب ثم دار الثقافة ثم حرقت وطمس ما بداخلها فقط بقيت البناية من الخارج شاهدة ان قعفور كانت مدينة حضارية ومدينة للقاء بين الشمال والعاصمة.

هنا في قعفور اختاروا ان ينجزوا الفن، ان يكون الفن اداتهم للنضال لاجل الجهة، هدى الرزقي وسامح مسعودي ومحمد مسعودي ومحمد رحموني واسامة الزلفاني وبلقاسم عزديني شباب جمعتهم حلم انجاز فضاء ثقافي خاص يكون مواصلة لفعل ثقافي ثري تعيشه قعفور منذ القديم.

في فضاء مركز الفن الرابع بقعفور ذاك الفضاء الوليد، الى يمناك ايها الزائر قاعة العروض، تحتضن تحضيرات العروض و «البرايف» للراقصين، قاعة لم تكتمل بعد ولكنها انطلقت في العمل، قبالتك، «المقهى الثقافي» فضاء لاجتماع ابناء الجهة وفنانيها، قاعة زينتها جد مميزة، الغرافيست محمد الرحموني منهمك طلية اليوم في تزيين الفضاء ليبدو اجمل، الى يسارك قاعة للاجتماع زينت بالات موسيقية وراديو قديمة ومكتبة صغيرة، قاعة تدعوك لاكتشاف جزئياتها رغم صغر حجمها الا انها كما احلامهم جد شاسعة، هنا المركز الدولي للفن الرابع لهدى الرزقي اول فضاء ثقافي خاص في قعفور فضاء شيد ليكون حاضنة المبدعين الذين لم يجدوا فضاء اخر فهناك لوجود لدار ثقافة او مركب طفولة.
هنا المركز الدولي للفن الرابع بقعفور و هو فضاء خاص للفن الرابع تديره خريجة المعهد العالي للفن المسرحي هدى الرزقي وهو الفضاء الثقافي الخاص الاول بمدينة قعفور من ولاية سليانة، فضاء بعث في اكتوبر 2016، فضاء ابى الا ان يلد كبيرا بورشات ونوادي اختصاص ومنها ورشة كريس ليلى هوبان للرقص المسرحي و ورشة الكي على الخشب لحسن القيزاني وتمكن المركز في اشهر قليلة من انتاج اولى عروضه المسرحية «»صدفة» بالاضافة الى انجاز العديد من التظاهرات واخرها مهرجان الوطني للموسيقى والرقص.

بانتالوني...و سؤال الحب
عقارب الساعة تشير الى السادسة والنصف، المكان الشارع الرئيسي لمدنة قعفور والحدث هو افتتاح مهرجان الموسيقى والرقص بعرض «بانتالوني»، الممثل فارس العفيف، حمل تلك الحقيبة ومعها حكاية بانتالوني في بحثه عن الحبيبة اليزابيث، تعاليق متباينة وردود فعل مختلفة كشفت مدى تعطش الاطفال الى عروض الشارع، اما الكبار فلهم حكاياتهم الخاصة، جولة في شوارع قعفور ومقاهيها ودكاكينها، لقاء مع الشيوخ وسؤالهم عن الحب والحبيبة، لقاء مع الاطفال ومشاكستهم، فارس العفيف الفنان الحالم والمختلف، تجول ببنتالوني في كل ربوع تونس ليكون عرض قعفور اخر العروض، بحث عن اليزابيث في قلوب التونسيين، فنان حالم هدفه ان يكون الجميع كما بانتالوني يعبر عن حبه دون خوف.
وفارس لعفيف ابن مدينة منزل تميم يعد من الفاعلين الثقافيين في جهته فنان له مشروعه الثقافي الخاص وهو صاحب المبادرة المميزة «مدرستي فنانة» التي انتظمت في منزل تميم وستتواصل في دورات اخرى، فنان يؤمن بالحق في الثقافة ويعمل على ترسيخ لامركزية الفعل الابداعي.

الندوة العلمية الكتابة عند التلميذ
الطفل مبدع وللكتابة اهميتها في صقل شخصيته
قبل العروض الفنية افتتح المهرجان بندوة علمية بخصوص الكتابة التلمذية، قدمها الاستاذ علاء الفرشيشي وهو ابن مدينة قعفور، مداخلة تحدث فيها الى دور التاليف في الاطار التلمذي وتاريخ ظهور اول عمل ادبي بالاضافة الى اهمية الكتابة عند التلميذ وفي تصريح للمغريب اشار علاء الفرشيشي « «لقد اعتدنا كقراء على تنوال انتاجات العملية الكتابية من قصة و قصيدة و رواية و لكن ليس التعاطي مع العملية الكتابية ذاتها ، و الكتابة طريق وحيدة وعرة ومليئة بالشك الذاتي ، و من المؤكد أن لهذه الطريق بدايتها ، ومن البديهي أن تكون الانطلاقة في علاقة وثيقة بالحرف ، وقد تعلمنا الحرف واللغة منذ نعومة أضفارنا ، وتطور استعملنا له ، في مراحلنا الدراسيةالأولى ، وهنالك ارتقت اللغة لتصبح تعبيرا كتابيا بسيطا ، ثم ارتقت اكثر لتكون تأليفا ناضجا ،منظما وواعيا بمعايير مضبوطة في مراحلنا الثانوية ، فهل لهذه التجربة أن تنتج فيما بعد كتبا وكتابا محترفين، خاصة وإن علمنا ، أن هناك كتابا كبارا وعالميين بدأوا مشوارهم من المدرسة “ واكد محدثنا ان للكتابة اهمية بالغة عند التلميذ وذلك لعدة اسباب:
اولا الكتابة تترجم ما يدور في ذهن التلميذ من عمليات عقلية ولغوية، و تنظم أفكاره

وثانيا تنمي قدرته على سرعة التفكير وتعزز مهاراته العقلية من خلال العمليات التي يتضمنها التعبير؛ ومن أهم هذه العمليات : التذكر، والتخيُّل والاستقراء، والاستدلال، والموازنة، والربط، والنقد، وإبداء الرأي.
وثالثا للكتابة قدرة على تنمية القدرة على انتقاء الألفاظ والتراكيب ومهارة تكوين الجمل؛ للتعبير عن المعنى بدقة.
ورابعا تساهم تنمية مهارات التلميذ في جمع الأفكار والمعارف وترتيبها ذهنيًّا لتكون موضوعاً متكاملاً مترابطاً.

وخامسا للكتابة القدرة على تدريب التلميذ على الاستقلال الفكري.وتدربه الإنتاج الإبداعي المتسم بالجدة والطرافة والأصالة
والمميز في الندوة العلمية هو تفاعل الاطفال الكتاب ففي قعفور “يرث الطفل جينات الابداع والثقافة” على حد تعبير علاء فرشيشي.

زوفري لرشدي بلقاسمي
الجسد تاريخ و الرقص تأريخ

بجسده يكتب الياذته، بجسده يخط اسطرا في قصة عشقه للرقص، بجسده يتحدث عن تاريخ تونس، عن تاريخ الخطوة التونسية، في افتتاح مهرجان الرقص والموسيقى بقعفور كان اللقاء امام فضاء الكنيسة مع «زوفري» لرشدي بلقاسمي.
يرتكز رشدي بلقاسمي إلى الجسد والموسيقى ليوصل رسائله للجمهور، فيعوض الكلمات بلغة الجسد ويحول الرقص لوسيلة تخاطب.
في الشارع تجمع عدد كبير من الجمهور، امام الكنيسة التي بدت كعروس جد جميلة انعكست عليها الالوان الاحمر والاخضر فزادت من بهاءها كان الموعد مع لغة الجسد.
«زوفري، عرض يحملكم الى اواخر القرن التاسع عشر الى حمالة الميناء، الى الكادحين اللذين يعملون نهارا وليلا يتسامرون ويرقصون، حركاتهم في النهار تنعكس على رقصهم وابتعادهم عن نساءهم تجدونه في رقصهم ايضا» هكذا قدم رشدي بلقاسمي عرضه زوفري الى جمهور قعفور مدينة استاذته ومعلمته خيرة عبيد الله.
مدة العرض خمسين دقيقة او يزيد حسب ما يطلبه الجمهور احيانا، بلباس الدنقري (اللميز لعمال الحضائر والميناء) يرقص وفوقه مجموعة من الفوانيس الصغيرة الملونة بالوان شتى تماما كما حركات الراقص، او «الزوفري» او «الرقاص» كما يسمي نفسه ويسميه محبيه.
البداية كانت مع الربوخ «الحركات التي يؤديها العمال»، ثم قدّم الفزاني القرقني فالمربع الصفاقسي ورقص «الغيطة» السوسية و السوقة المميزة لبن عروس و «السوقة في لغة الرقص هي نصف الغيطة وهي رقصة متأتية من حركات جني الزيتون فرقصة «العربون» لجهة جندوبة ثم «البونوارة» المميزة لجهة سليانة، بعدها رقص «الفزاني الشوارعي» وهي حركة خاصة بجهة الكاف، ثم «الزابي» القصريني فـ»الشيلة» القفصية و «البوسيقة» القابسي ليرقص بعدها « العلاجي مدور حوزي» المميز لجهة تونس العاصمة ثم «الدزيري» وهي رقصة اساسها الشاوي الجزائري.
بعد الربوخ كان اللقاء مع الفزاني وهي رقصة جاءت مع الليبيين وتحديدا منطقة «فزان» رقصة قامت برحلة في ربوع تونس فانطلقت من قرقة برقصة «الفزاني القرقني» رقصة حركاتها سريعة ومرهقة، ثم حطت الرحال في صفاقس وتصبح اسمها «فزاني طرابلسي» ثم جاءت الى العاصمة وبعد رحلة منهكة اصبح اسمها «الفزاني مرتاح» وكلما تقدمت في جغرافيا المكان اصبحت الخطة اكثر هدوء ربما لتركيبة المجتمع انذاك لان سكان الحاضرة لم ينفتحوا بعد على رقصة البدو وحركاتهم.
وللمرأة حضورها في عرض «زوفري» فالربوخ تحول من الرقص بالسواعد فقط الى الرقص «بالحزام» بعد دخول المرأة الى الفضاء العام، مع تاثير افلام الابيض والاسود واصبح الربوخ اكثر لينا من قبل بعد ان رقصته النسوة.
زوفري ليس مجرد حركات اعتباطية، بل درس في تاريخ الخطوة التونسية، وثيقة يكتبها الجسد لتعريف المتفرج بالرقصات التي يرقصها في المناسبات دون وعي باصلها او اسمها وجذورها، زوفري درس يؤرخ للرقص التونسي يقدمه الفنان رشدي بلقاسمي بسلاسة جسده وفي كل رقصة يطلب ان يشاركه الركح اربعة افراد ليرقصوا ويتقنوا احدى الخطوات، عرض اساسه لتفاعل بين الراقص وجمهوره والموسيقى التونسية سواء كانت موسيقى الربوخ او البدوي او الفزاني.
لساعة من الزمن يغوص الحضور في تاريخ رقصة الربوخ، بعد العرض ستجدك عنوة تبحث وتتساءل، بحث عن تاريخ لم يكتب، وراقصين نسيهم التاريخ يحاول رشدي بلقاسمي بجسده احياء ذكراهم فالرقص اداته للتعبير والنضال، الرقص قدره الذي اختاره عن قناعة.

قاعة سينما قعفور الملف المنسي؟
بنتية جد كبيرة، من الخارج تبدو شاسعة، للزائر ان يتساءل عنها، بابها البني لازل يحتفظ بعبارة كتبت باللغة الفرنسية cinéma هي قاعة سينما قعفور الموجودة في الحي الاوروبي سابقا، قاعة كانت الانشط لسنوات وفي التسعينات اغلقت ابوابها وأوصدت امام عشاق الفن السابع، قاعة سينما قعفور المجهزة من الداخل وبها الة عرض مميزة على حد ابناء الجهة، مغلقة منذ سنوات وملفها منسي؟

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115