الإبداع يستفز الجهل ... حين تٌطمس اللوحة باسم الايديولوجيا

هل الفن تهمة؟ هل عشق الالوان مفسدة؟ هل الاعتراف بانسانية الانسان معضلة؟ هل التعبير عن الانتماء الى القارة الافريقية اصبح دليلا على العنصرية؟ وهل كتابة احرف باللغة الامازيغية باتت تهديدا للعرب والعروبة؟ اسئلة طرحها من شاهد قتامة الحيطان الصفراء بعد ان ازدانت باجمل الرسومات، هناك في سيدي بوزيد تحديدا مدينة المكناسي عمدت مجموعة الى

فسخ صورة لامرأة «سمراء البشرة» قال صاحبها «هي تعبيرة عن الانتماء الى القارة الافريقية، فسخت الرسوم بتعلة «تهديد الانتماء الى العروبة».
«أردت أن اعبر عن انتمائي الى هذه القارة، فقط رسمت وكتبت كلمة انتماء، احاول ان ازين الحيطان المنسية ارسم واتنفس الفن لاعيش» هكذا قال ضو القمودي في تعليقه على حادثة فسخ لوحة تجاوزت العشرة امتار جمع ثمن الوانها من محبي الحياة « في إطار بعث الحياة في مدينتنا المنسية وعلى جدرانها التي كادت أن تتلاشى ضو القمودي يود تجسيد لوحة جدارية ، دعوة لكم الى الدعم المادي لشراء لوازم العمل» كما كتب بهاء قمودي.

الريشة تستفز كارهي الفن والابداع
طمست الالوان، خُنقت الصورة، تفتت الاسود والاحمر والاخضر، انزاحت تعاليم الجمال ليبقى الحائط قاتما ميتا لا حياة فيه، فسخ «الانتماء» وبقي فقط اللاّ -انتماء حائط لم يدم جماله الا سويعات فمع حلول الظلام عاد الى سواده هكذا هم اعداء الفن و من يؤدلجون كل الفنون.
الحادثة تمثلت في تعمد مجموعة محسوبة على التيارات السياسية العروبية فسخ لوحة طولها عشرة امتار رسمها الفنان ضو القمودي على أحد الحيطان المنسية في مدينته المكناسي ضو القمودي المعروف بهوسه بتزيين حيطان مدينته الصغيرة المكناسي، رسم امرأة سمراء هي الام افريقيا، سمراء كتب امامها انتماء وبضعة زخارف ومربعات الوانها زاهية وقوية تماما كما الالوان الموجودة عند الافارقة، عشرة امتار بعد ان كانت صفراء باهتة اللون اخرجها الفنان من صمتها وزادها جمالا وبهاءا لوحة قال عنها ضو القمودي « إنتماء ، رسمتها 31 أوت ، فقط فتاة سمراء و ألوان ترمز للقارة الإفريقية و كتبت أنهاتشير الى الإنتماء للقارة السمراء و تذكير بالعنصرية والإضطهاد ضد السمر « ولكن عشاق «الجهل» وكارهي الفنّ تعمّدوا ليلا الى فسخ اللوحة الكبيرة وطمس كل معالمها و التعلة انها تمس من العروبة؟ فهل ينكر من فسخ اللوحة انتماءهم الى القارة الافريقية؟ وهل للفن دين او عرق أو لون او مذهب؟
ماحدث في المكناسي ليس بالحادثة الاولى بل الثانية فسبق ان فسخت ايضا لوحة اخرى كتب فيها ضو القمودي كلمة مكناسي باحرف امازيغية، حينها فسخت كتاباته والتهمة دعم الامازيغ والمس مع الانتماء العروبي؟ اتهام رد عليه الرسام بالقول «لست ممن يدافعون عن الامازيغية ضد العرب، ارسم لان الرسم لغة انسانية لا دين له أو عرق، فهل بضعة احرف ستهدد كيان الأمة العربية الواحدة؟ الموحّدة؟ وهل الرسم ابشع من خلافاتهم السياسية؟

حادثة فسخ رسومات ضو القمودي من حيطان المكناسي تفاعل معها مجموعة من الفنانين ونشطاء المجتمع المدني الذين عبروا على رفضهم لادلجة الفنون ورفضهم لقمع الفنان باسم السياسة فالفنان له حقه في التعبير وللفنان الحق في التعبير عما يخالجه بريشته وبعضهم تساءل عن كيف تستفز الريشة والابداع كارهي الفنون؟ وعبر معاذ القمودي عن جمعية فن المكناسي عن رفضه لهذه الحادثة بالقول « عندما تصبح الأيديولوجيا مبررا لقمع الآخر و الاعتداء على أعمال فنية فهذا يؤكد ضعف مستوى من يدعون النضال من أجل حرية الإنسان... ضو ڤمودي شاب أبدع في عديد المناسبات ورسم على جدران مدينة المكناسي عديد اللوحات الفنية والتي تحمل في كل مرة.
رسائل راقية بعيدة عن الصراعات الأيديولوجية ونظرية المؤامرة التي تتغلغل في مخيلة البعض . ما حدث مهزلة تؤكد افلاسهم و عجزهم على التعبير والتغيير في مجتمعنا»، فهل الريشة والالوان تخيف السياسوي؟.

«نعم سنموت ولكننا ستنقتلع الجهل من ارضنا»
لعام او يزيد وهم يقاومون التصحّر الفكري والثقافي في مدينتهم الصغيرة لعام او يزيد وجمعيتهم منارة للعلم والمعرفة في مدينتهم الصغيرة، تعوزهم الاموال ولكن سلاحهم عزيمة صلبة لايصال الفنون الى متساكني مدينتهم والارياف المحيطة بها، «املنا متجدد دوما وعزيمتنا لا تكل، نحن نحلم ومتمسكون باحلامنا ونعرف اننا نقاوم لاجل المكناسي» هكذا يقولون متى سئلوا عن سرّ تمسكهم بالفعل الثقافي في مدينة متصحرة تخلو من الفضاءات الثقافية.

جمعية فن المكناسي جمعية لم تتجاوز العام والنصف ولكنها اثثت العديد من التظاهرات الثقافية في مدينة المكناسي، جمعية تجاوزت حدود المدينة الضيقة وتوجهت الى الارياف حاملة معها الموسيقى والسينما ليشعر ابناء الريف انهم جزء من هذا الوطن، شباب يؤمن بالفن والحلم يقاومون السياسات الثقافية غير العادلة ويقاومون ظلم الجغرافيا ليثبت أن بامكان الشباب النجاح في المقابل يعيش الكثير من المضايقات والتهديد والتهم الجزاف فقد سبق وان اتهموا بالالحاد ثم اتهموا بالشذوذ ثم اتهموا بالفساد الاطفال واتهموا بالاختلاط وغيرها من التهم التي زادتهم اصرارا ليواصلوا عسى ان «تكون المكناسي مدينة الثقافة والمثقفين» على حد تعبير بهاء القمودي.

جمعية فن المكناسي حلم انبثق عنه مجموعة موسيقية هي باتريا باند، مجموعة تميزت بأغانيها الثائرة وساهمت في الحركات الاحتجاجية التي عاشتها مدينة المكناسي، باتريا باند شمعة امل ولدت من رحم جمعية لاتزال تعاني الكثير من التضييق لتثبت ان الفن سلاح والفنون عنوان لارادة الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115