عرض «شوق» في اختتام ليالي المتحف بسوسة: بالموسيقى «ننقل هواجس المحبين وآلام الموجوعين»

«شوق» للفن وللحياة، شوق للابداع والتميز، شوق لإعادة البريق للأغنية التونسية وتطويرها وإعادة تقديمها، شوق الى التجديد، وشوق لتذوق الموسيقى الرقيقة والحلوة، شوق هو عنوان عرض اختتام تظاهرة ليالي المتحف، «شوق» لمحمد حاتم هميلة، ومجموعة «اجار باند» .

«شوق» هو قصة حب تكتب بالاغاني والالحان والموسيقى، شوق حكاية عشق تكتبها الوان «اجار باند» فاجار هو نوع من انواع المرقوم في الجنوب التونسي ميزته الالوان المختلفة وفي العرض كانت كلافيي رفيق الغربي وكمنجة رياض بن عمر و باطري باسم شقرون وقيثارة عبد العزيز الشريف و اصوات علام عون وراقية نصر وامل مباركي الوان «اجار».
الوان الحياة...الوان الموسيقى...عنوان لتونس

اختلفت الالوان على الركح، تباينت الأزياء، اختلفت النوتات الموسيقية ، صوت القيثارة يفتتح سهرة الاختتام، موسيقاها هادئة اولا، يعزف باسم شقرون بلطف وكانه يدعو الجمهور لتذوق موسيقاهم جيدا وتحليل نوتاتهم ومعانيهم، ثم تتحدث الكلافيي وتكون لرفيق الغربي موزع الاغاني كلمة اخرى فترتفع نغمات الجاز وتصبح الايقاعات اكثر صخبا قبل ان تغني راقية نصر «جمال يهدر»، هنا ستحدث تلك الصدمة الموسيقية فالمتفرج ينتظر اغنية الجاز او اغنية غربية لا اغنية من تراث الجنوب التونسي تقدم بتلك النغمات، ولاول مرة يستمع الجمهور الى جمل يهدر «دجازي» وعوض الناي تكون القيثارة سيدة الموقف.
بعد الصدمة الموسيقية الاولى لن تفكر الا في المتعة ومرافقة النغمات المميزة حيث تحملك، في الشاشة الخلفية تنعكس صور النجوم، صور للسماء تلمع نجموها وامامها العازفين يرحلون بجمهورهم الى عالم الجاز ويقدمون لهم اغاني تراثية ربما يحفظون بعضها بتوزيع جديد» هناك الكثير من الاغاني غير المعروفة، للهادي الجويني اغان لا يعرفها شباب اليوم، قمنا باعادة توزيعها وتقديمها في لون موسيقي جديد» هكذا قال الدكتور محمد حاتم هميلة.

تصمت القيثارة لتترك الفرصة للالات الايقاعية، صوت كخرير المياه يصدر عن الة «الكاخون» و هي طبلة بستة جوانب (على شكل صندوق) تصنع يدوياً، وهي آلة شعبية بيروفية (نسبة إلى شعب البيرو). الكاخون آلة رائعة ومتعددة الاستعمال حيث يمكنك القرع عليها بيديك ورجليك معاً في نفس الوقت لتصدر تشكيلة مختلفة ومتنوعة من الإيقاعات والنغمات.
ايقاعات تقليدية لشعب البيرو صاحبها صوت امل مباركي يغني « يلي بعدك ضيع فكري، ارجعلي للقلب نضمك حياتي في كلمة من فمك»، فالايقاع يحملك الى دول امريكا الجنوبية، اما الكلمة فتونسية الروح، مزيج انساني اكد ان الموسيقى لغة قادرة على تخطي جميع الحواجز والحدود فهي لغة الارواح العاشقة.
غازل الايقاع الكمنجة فولدت قصة عنوانها «شوق».

اختلفت الالوان الموسيقية، تشابكت النغمات والاحلام، عايش الجمهور ايقاعات الجاز الغربية والإيقاعات التركية مع اغان تونسية يحفظ الجمهور بعضها، على الركح وفي مكان جد انيق ومختلف له سحره على الفنان والمتلقي كانت كمنجة رياض بن عمر سيدة الحفل والمكان.
نغمات رقيقة جميلة هادئة تحملك الى الحلم، تنساب معها في ثنايا الحلم ستجدك في ملكوت جد مختلف، عالم سماوي مبهر، في الشاشة تكون الخلفية حمراء وكانها عنوان لنبضات القلب حين يضخّ دماء الحب، الاستاذ رياض بن عمر كانت كمنجاته كأميرة عاشقة ومتمرة لنغماتها وقع السحر على قلوب الشباب العاشق، لان معشوق الكمان على الركح كان الايقاع، كل الالات الايقاعية تمازجت نغماتها اتحدت تماهت صرخت لتطلب ود نغمات الكمنجة فشاهدنا «شوق» الشوق على الركح موسيقى وكانها صوت الشاعر:

أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
وكُلُّ مَشوقٍ بالحَنينِ جَديرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ كِتْمانَ لَوْعَةٍ
يَنِمُّ عَلَيْهَا مَدْمَعٌ وَزَفِيرُ؟

لعزف حاتم هميلة سحر خاص فهو ملك الايقاعات كما يلقب في سوسة، عازف مجنون لجنونه وقع خاص على المتفرج، حاتم هميلة حين يعزف تشعر ان لكل لمسة او ضربة على الايقاع وقع الحياة او هي نبض عروقه وشرايينه، يحملك عنوة لتشاركه نشوته وحلمه، شبقي حد الحلم في عزفه، يجعلك تشاركه ضحكته وبسمته وفرحه بموسيقى مميزة تخرج من شرايين الالات الايقاعية.

ولنغمات الكمنجة وقعها الاكثر خصوصية، كلما لانت نغمات الكمنجة يقابلها لين من الالات الايقاعية وكانهما يتشاركان في كتابة قصة حب ولدت لتعيش ابد الدهر، تقابلهم القيثارة بموسيقاها المنتشية بعبق الحب، وكانها ذاك الشاهد الذي لا ينام يراقب حركات العاشقين كما في الشعر القديم، تغني راقية نصر «زهر البنفسج» بصوتها الرقيق الساحر كما موسيقى الكمنجة، خلف الركح تتحول الالوان الحمراء وتصبح صورة الاضواء صغيرة تنبعث لتضيء الركح والشاشة، صور تبدو وكانها النجوم بريقها جد مميز إذ للنغمات يقول الشاعر بشار بن برد :
إني، عَشِيّة َ رُحتُ،
وهي حزينة ٌ،

تشكو إليّ صبابة ً، لصبورُ
وتقول: بتْ عندي، فديتكَ ليلة ً أشكو إليكَ،
فإنّ ذاكَ يَسيرُ غرّاءُ مِبسامٌ
كأنّ حديثها دُرٌّ تحدّرَ نَظمُه، منثور

انسجام كبير على الركح بين العازفين والمغنين، الوان موسيقية مختلفة ومتباينة، نغمات ساحرة، تماهي في لالوان، هكذا هو شوق، شوق الى الموسيقلى الجديدة والاغنية المتجددة دوما، شوق الى اصوات ممتعة واجود العازفين يتشاركون في حلم واحد «شوق» عرض تونسي التقديم ينقصه بعض العمل والــ «البرايف» لينضج اكثر ويكون عرضا متميزا وأكثر أناقة، عرض تونسي الألوان فتحضر «التخليلة» و«الحرام» و«مريول فضيلة» جميعها ألوان «اجار» فهو جغرافيا يتجاوز جغرافيا المكان الضيق، جغرافيا تتحد فيها نغمات الجاز والسطمبالي والموسيقى الافريقية والانشاد والغناء.

لموسيقى الزنوج سحرها
عجار او الوان تونس هو اسم المجموعة وهدية لجمهور سوسة قدمت المجموعة كل الوان الموسيقى في هذا الوطن ومنها السطمبالي، لمدة عشرين دقيقة تقريبا استمتع الجمهور بصوت موسيقى الاصفاد، موسيقى الحرية والتحرر، على الركح غنوا «وينو الزمبالا» ليخرج بعدها الراقص الاسمر بلباسه الموشى بكل الالوان ليرقص، يخبط قدميه على الركح فيحدث ضجة في اشارة الى حركات العبيد واصوات السلاسل والقيود، ثم يغني بلحسن عازف القمبري مجموعة من نغمات الزنوج ويعزف ايقاعات الحرية يصاحبه حاتم هميلة على «الشقاشق» فهما، معا يتحدثان عن موسيقى السطمبالي عن التلون الموسيقي الذي عاشته تونس طيلة قرون، يكتبان صحبة الراقص صفحة في كتاب موسيقى الحرية.
لساعة ونصف كان الموعد مع مجموعة «اجار» والوان تونس، عرض تضمّن الكثير من الالوان الموسيقية، والتغييرات والالوان، عنوان العرض كان «شوق» والشوق هو الوجيعة والحب، قدمته مجموعة تونسية مؤمنة بضرورة احياء التراث ونفض الغبار عن الاغاني المنسية هو «لمة» فنة ملونة عنوانها تعددية ثقافية وموسيقية تعيشها تونس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115