لينا شاماميان في مهرجان الحمامات الدولي: نفخ «هيفيستسوس» نار حبه في قلب «أفروديت» فولد صوت لينا شاماميان

صوتها دافئ نوستالجي كهدهدة الامهات للصغار قبل النوم، تغني بتفاصيل الروح ولصوتها رقة طفلة صغيرة حالمة، الى كل الموجوعين غنت، الى الحالمين كتبت تباشير حلم متجدد الى العشاق اهدتهم مسحة من امل زمن الحرب فالحب عندها هو الدرع والسيف في زمن النجاة والحروب، صوتها كنسمة صيفية رقيقة عذبة واحيانا قوي كما عود القصب

كلما نجّر زادت قوته.
هي عاشقة السنسولا لان صوتها مثل الحلم و البحر والصدف، هي عاشقة الشام ولها غنت «شآمٌ أنت فتاة فتاتي وأمي، حضنت صباي فهل فيك أكبر؟ ووعد الدهر فيا ليت قبري وفستان عرسي بفلّك يعمر ..شآم»، لصوتها قوة الحرب ورقة الحب، هي فنانة جمعت عذوبة الارمن، وسحر العرب و جرأة موسيقى البلوز ووجع الهجرة وألم فقدان الوطن وحلم العودة اليه، هي لينا شاماميان صاحبة الصوت الاوبرالي الرقيق، لينا المتقدة صوتا وروحا.

الموسيقى صلاتي الى وطني
توزعت الالات الموسيقية على الركح، البيانو والقانون والكمنجة والايقاعات والقيثارة والدرامز والترومبات، جميعها اتحدت لانجاح الحفل صوت موج البحر انخفض وخير الصمت ليترك المساحة لتلك العاشقة الابدية لتمتع الحضور بصوتها.
بفستان سماوي اللون، لون البحر والسماء والحلم تعانق جمهورها، تجلس وتحمل بين يديها كطفلة صغيرة الة «السنسولا» وهي اكثر الالات قربا الى لينا شاماميان، لان صوتها مثل الحب والبحر ، تداعب التها الصغيرة فيخرج صوت رقيق كذاك الصوت الموضوع في مهد الاطفال الصغار، منذ البداية تعلن انها ستغني للحب ومن سحر صوتها يتقين جمهورها انها رسولة للحب والهة للسلم، لينا غنت «يلا تنام» بطريقتها الخاصة فأصل الاغنية «يلا تنام لذبحلك طير الحمام» ، ولكن في نسختها الجديدة تنطلق الاغنية باورور ارمينية(تهليلة) ثم تغني بالعربية « يلا تنام ما راح اذبح ولا طير حمام، خليه يطير، خليه يعليّ، ياخذ مني لحلب السلام» تهليلة لينا رقيقة استحضرت فيها هويتها الارمينية والعربية، فالموسيقى اداة لتخليد الشعوب ولينا الارمينية من جهة الاب « انا من مرعش ارمينية الاب» لازالت تغني للارمن، تغني باللهجة الارمينية الى من فقدوا الارض يوما، تغنى الى الموجوعين والمهجرين بصوت انطلقت تجلياته اولا من تراتيل الكنائس.

في الحمامات صلّت لينا الى وطنها سوريا ودعت الكل ان يصلي معها، صلاة صادقة جمعت سحر موسيقى الارمن وجمال اللغة العربية «انا سريانية من جهة امي، جمعت العربية و الارمينية في ثقافتي، فانا سورية مائة بالمائة و ارمينية بالمائة» ، صلاة تشبعت فيها لينا اللينة بصوت الاذان وصداه فاتحد مع تراتيل الكنائس وقدمت موسيقى مميزة، لوطنها صلّت، الى كل المنفيين و عشاق الوطن، الى المثقلين بهواجس سوريا، الى المبعدين ، الى من لازالوا يحلمون ساصلي اليوم، هكذا رددت في صلاتها بصوت مخملي موجوع بانت تعاليم الم الفقدان عليه وغنت «شام» ،

فتاة صغيرة بعمر القدر
سموت بها عن عيون البشر

فراحت عيوني لمرآها تعلو
اسبح مبدعها فيما صور

فها قطعة من رخام تعشق
رائحة الياسمين فازهر

جوري وريحان مسك وعنبر
فاح بصرح تلون اخضر

اغنية رقيقة رقة الة القانون، اهدتها الى ارواح من رحلوا، لأجل الحياة، لكل من بقوا احياء متمسكين بالوطن والحلم، في صلاتها الموسيقية غنت رسائل، اغنية اهدتها الى كل المساجين، الى المبعدين قسرا عن احلامهم، اغنية رقيقة رقة الة «الدودوك» الارمينية، نغماتها هادئة، وتقول لينا « و أجيبُك لا تحزن، هم يجهلون الوطن، وأنتَ حياةٌ بما في قيدِكَ من شجن : أنت روح الوطن، ما دامَ في الآفاقِ عصافيرٌ وريح : لن يسكتَ السّيّافُ صوتاً جريح، و إن حُرِّمَ العشق ، يظلُّ الحلمُ حرّاً، يظلُّ أغنيةً بلا سجَّان» .
على ركح الحمامات صلت بصدق، غنت بوجيعة الفقدان والالم، رثت سوريا وغنت للانسانية، رفضت التشتت، تثنى صوتها ليجوب بجمهورها كل اركان الحب فيها، وجهت رسالة سلم الى كلّ المهجرين ونادت ان الحب دينها والموسيقى ديدنها.

الموسيقى..صلاة وحياة وحلم متجدد
غنّت، صلّت، بكت، حزنت، نقلت وجيعتها الى محبيها، صمت عجيب سكن جمهور مهرجان الحمامات، تهدّج صوتها ورقة احساسها وصدق اغانيها جعل الكل يتفاعل مع وجيعتها ومع سحر موسيقاها، وجيعة الغربة التي سبق وان قالت عنها «علمتني باريس كيف أحوّل الوجع الداخلي إلى شيء فعال ومنتج، وأكبر مميزاتها الوحدة، صنعتُ من وحدتي نوافذ لداخلي وللخارج، فكانت معبراً استطعت من خلاله اكتشاف ذاتي من جديد».
على الركح صاحبها امهر العازفين، ثلاثة الات قانون، عزفت للحب للانسانية وللحلم، عازف القانون التركي غوكسيل باكتاغير ومعه عازفتي القانون هند الزواري و شيماء قدور، ثلاثتهم عزفوا اغنية « مرسى زمان» اغنية وجهتها الى من حلموا بركوب البحر ووصلوا احياء وانطلقوا في حياة جديدة، اغنية رثت فيها من خيرت اجسادهم سكن قاع البحر بعد ان لفظتهم الحرب وتركوا اوطانهم، كما نغمات القانون الحزينة كانت الاغنية موجعة وجيعة اطفال صغار وجدوا انفسهم «مشردين».
من القانون الى البيانو، الالة الاقرب الى لينا شاماميان، لانها فنانة تعرف معنى مساندة الاخر ودعمه، دعت لينا شاماميان وجدي الرياحي عازف البيانو التونسي ليرافقها في عرضها كتكريم لنجاحه وتميزه في ايام قرطاج الموسيقية، حركة قالت معها :جميل ان نساند بعضنا فالموسيقى توحدنا»، مع نغمات البيانو الحالمة تحلم لينا وتغني للمرأة وتناشدها التمسك بحلمها، لينا تغني لسوريا، لامها للعاشقات والحالماتـ تقمصت دور شهرزاد تلك لتي انقذت الاف االفتيات من الموت وبصوتها تريد ان تنقذهن من ياس وفقدان امل، ومع رقة البيانو قالت «إلى أمي سورية التي أهدتني حياةً كاملة ، لِ»بنات البلد»وكل الحالمات بعالم أفضل» وتغني شهرزاد»
نامي لا تخافي من عتمن الجافي من الليل شو خلقت أحلام

نامي لا تخافي بغنانينا مافيه كلمات ما بتغزل أنغام

نامي لاتخافي من حلمك الصافي من صوتك الشافي للروح

تتوزع النغمات كما المشاعر، من رقة البيانو الى سحر الكمنجة، عزف رقيق للعازف المصري محمد سامي الذي جاءها محملا بتراث النيل وعزف لتراث الشام، على الركح غازلت كمنجة محمد سامي أغاني لينا شاماميان ، صوت الفنانة المخملي كوردة جوري تتفتح صباحا وصوت الكمنجة الحالم صنعا سحر اغنية «لما بدى يتثنى»، و للالات النفخية حضورها وميزتها وابدع العازف السوري نزار عمران على الترمبيت في نقل شجن السوريين بالموسيقى.

لموسيقى البلوز والجاز حضورها في المشروع الموسيقي للينا شاماميان، على ركح الحمامات قدمت اغان من الفلكلور بطريقة توزيع جديدة، غنت واعطت الفرصة لعازفي الايقاعات ليبرزوا ويبدعوا ويشاركوها نجاح حفلها، على الركح غنت المواويل العربية وبصوتها القوي قالت «قد قالو خمرة الروح القبل، فتعالي اشرب واسقني خمرة الروح القبل» موال تبعه اغنية العشاق القدامى اهدتها لينا الى كل العاشقين.

في مهرجان الحمامات، قدمت مواويل باللغة العربية، طلبت من الجمهور ان يشاركها غناءها باللهجة الارمينية، فدائماً إدخل مقاطع من لغتي، وهذا التميز الحقيقي بالنسبة لي، قدومي من الشرق هو قوتي، وأغني اليوم أيضاً بالسريانية بالإضافة للغة الأرمنية» هكذا قالت لينا.
استحضرت موسيقى الكنائس وتراتيلهم المقدسة، وتعطرت بصوت الاذان وترنيمته المميزة، غنت بالفرنسية، رقصت على ايقاعات الدبكة الارمينية والسورية وتمايلت على نغمات الجاز و حلمت مع موسيقى الكمان، امتعت جمهورها واعطته شحنة من الحلم المتجدد

فنانة لها مشروعها الخاص، متمردة، عنيدة ترفض الاستسلام وفي الحين ذاته لينة ورقيقة، تراها على الركح شامخة شموخ زنوبيا وحين تسمع صوتها تجدها طفلة صغيرة تعاني الم الغربة، لصوتها قوة ديمتير الهة الارض حين تغني تلد مقطع يقول «يا ريت عنا بلاد يتخبوا فيها الاولاد ما فيها للخوف مطرح»، لحضورها الركحي بساطة افروديت الهة الجمال وحين تغازل الموسيقى تصبح كما «هيرا» الهة الزواج تنجب نوتات للحب وللسلم، لها جبروت كرونوس كبير الالهة وحكمة اثينا الة الحكمة وحين تغني لسوريا يصبح لكلماتها وقع نيران «هيستا» الة النار.

لينا شاماميان في اسطر:
• ولدت المغنية السورية ذات العرق الأرمني لينا شاماميان في دمشق، حيث أنهت جميع مراحل دراستها فيها فكان آخرها حصولها على إجازة في التجارة والاقتصاد من جامعة دمشق عام 2002، ثم التحقت بالمعهد العالي للموسيقى وتخرجت منه كمغنية كلاسيكية في عام 2007.
• وقفت لينا لأول مرة على المسرح المدرسي وهي في عمر ال 5 سنوات، فقد تعلمت الصولفيج في سن مبكرة، واعتمدت بدايةً على إعادة توزيع الموسيقى التقليدية والفلكلور العربي، كما شاركت في العديد من الفصول الموسيقية الرئيسية عالمياً، منها:
• الموسيقى الكلاسيكية: حيث شاركت مع غلوريا سكالشي (Gloria Scalchi) وكارمن فيلاتا (Carmen Villata) في إيطاليا.
• الموسيقى العالمية والجاز: شاركت مع كل من ميريديث مونك (Meredith Monk) في الولايات المتحدة الأمريكية، ومانفريد لوشتر (Manfred Leuchter) في ألمانيا.
• المدرسة الأرمنية الموسيقية الكلاسيكية: شاركت هنا مع مغني الأوبرا الأرمني آرام شيفيديان (Arax Tchekidijian)..
• في رصيدها اربعة البومات هي «الاسمر اللون» و»شامات» «غزل البنات» و «لونان» .
• في رصيدها مجموعة من الجوائز ومن بينها: جائزة «المورد الثقافي» من مصر لألبوم «هالأسمر اللون» عام 2006.
- جائزة مونتي كارلو (Monte Carlo) من باريس عام 2006.
- نالت أعلى نسبة تصويت كأجمل صوت امرأة عربية شابة، حسب استفتاء لراديو «المدينة FM» في سوريا/دمشق في عام 2007.
- صنفت واحدة من أفضل خمسة نجوم للغناء في العالم، وأعلنت هذا التصنيف وسائل إعلام نمساوية في عام 2008.
- ذُكرت بأنها واحدة من أكثر 500 شخصية عربية مؤثرة في المجتمع العربي، حسب استفتاء لمجلة أريبيان بيزنس (Arabian Business) في الإمارات العربية المتحدة عام 2010.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115