مهرجان الحمامات الدولي: فرقة الـ 47سوول: حين تصبح الموسيقى وطنَ المهجّرين

عشقوا الوطن فكتبوه نوتة موسيقية مميزة، عشقوا تفاصيل ارض لم يروها فشكلوها الحان استثنائية عنوانها الانسانية، حلموا بالعودة، جمعهم الشتات فحولوه الى حلم جميل، حلم باللقاء وامل باجتماع دائم تكون مطيته الموسيقى، رغبوا في تجاوز كلمة «مهجّر» وحولوها الى نغمات تنساب من روح المجوز والقيثارة

لكتابة خطوة الى الوطن عنوانها «شام ستيب».

تساءلوا كما تساءل درويش عن ما هو الوطن ؟ ليس سؤالاً تجيب عنه وتمضي.. إنه حياتك وقضيتك معا» فاختاروا ان تكون الموسيقى قضيتهم، موسيقى اساسها «المجوز» و«الدبكة» موسيقى توحد الاردن والشام وفلسطين ولبنان، موسيقى تتجاوز «الفيزا» وجوازات السفر وختم الخروج والدخول.

من اليوتيوب الى أكبر مسارح العالم، موسيقاهم هي هويتهم.. عددهم اربعة، لكل منهم ميزته، لكل طريقته الخاصة في العزف والغناء، اختلفوا في اللباس وتشاركوا في الحلم، هدفهم واحد منذ اجتمعوا للمرة الاولى وهو أن يجعلوا الجمهور يرقص اينما غنوا، ان يوصلوا المجوز الفلسطيني والشامي والاردني الى كل سكان المعمورة، اربعتهم من اصل فلسطيني وان اختلفت الجنسية والمولد، اربعتهم محب لموسيقاه وان اختلفت الالة وطريقة التعبير، هم فرسان فرقة ال 47 سوول، والسبعة وأربعين هي رمز لحرية التنقل بين مدن سوريا ولبنان والأردن وفلسطين قبل التقسيم.

هم، حمزة ارناؤوط عازف القيتار والجهاز، و طارق ابو كويك ايقاع وولاء سبيت ايقاع ودبكة ورمزي سليمان (زين الناس) اورغ، على ركح الحمامات كانوا جسدا واحدا وروحا موحدة وموسيقاهم عنوان للرحلة الى فلسطين والتجول في اعراسها بلغة انقليزية يفهمها الاخر و روح متقدة كشعلة اولمبية لا تنطفئ.

موسيقاهم قوية، ثائرة، تدفعك للرقص والغناء ومشاركتهم جنونهم، لقاءهم الاول كان عبر اليوتيوب، لكل منهم موسيقاه وطريقته في العزف، جمعهم العالم الافتراضي اولا «تم اللقاء برمزي سليمان (زي ذا بيبول أو زين الناس) عبر الإنترنت من خلال أصدقاء وكان قبل ذلك من عازفي موسيقى السول والجوسبيل السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية حيث نشأ. كما هو الحال مع الفنان الفلسطيني ولاء سبيت مؤسس حركة الدبكة في فلسطين حيث يعيش داخل أراضي 1948، تم اللقاء به أولاً عبر الفيسبوك بعد سماع موسيقاه الفلسطينية الصاخبة» على حد تعبير طارق او كويك ثم كان اول لقاء على الركح في عمان في 2012 ومن تلك الحفلة «عرفنا ان البذرة التي زرعناها في عمان لن تخفت مطلقا وستزهر موسيقى الحياة والانسانية» هكذا قال ولاء سبيت.

من عمان الى لندن، فالمغرب والاردن وامريكا وغيرها من مسارح العالم، يتجولون بخطوات الشام، موسيقاهم هويتهم، على الركح «يدبكون» يلبس ولاء الكوفية الفلسطينية، يقدمون المجوز التقليدي بطريقة عصرية الكترونية تمتع الشاب و الشيخ والطفل، موسيقى الراهن يستعملون فيها اغاني الاجداد وتراث وطن ربما لم يزره بعضهم الى الان، يحبون موسيقاهم حد التماهي وكان درويش يقول «أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة احمق»..

الى كل المهجرين في العالم...بالموسيقى نجمع شتاتكم
في الحمامات غنوا، رقصوا دفعوا الجمهور ليشاركهم حلمهم، هم لا يهدؤون مطلقا، موزعين على الركح كفرسان يخوضون غمار حرب يريدون كسبها منذ الجولة الاولى، موسيقاهم كما الاستيطان منذ اللحظة الاولى يشيدون داخلك بنايات الموسيقى وعمارات للحب ، منذ البدء يسكرونك بخمرة موسيقاهم فتشرب حد الثمالة وربما تطلب المزيد، في الحمامات ابدعوا، لمعت نجومهم واضاءت سماء المكان، يغنون بكل اللهجات ولكل الاطياف، يغنون للبشرية «انا ماتفرق عندي اهلك من وين، من الجليل ومن النقب، والا من صحراء عرب كنتو من اهل البلد وإلا سكنتوا بالغلط» كما تقول احدى أغنياتهم.
لساعة ونصف، تجولوا بالجمهور في بلاد الشام، استنشقوا ياسمين دمشق، وغازلوا سحر لبنان واستمتعوا بتراث الاردن و لامسوا تراب فلسطين، حيوا عكا وحيفا والجليل والقدس، ناشدوا تدمر ومروا على بيروت وسحرها، من المجوز الى القيثارة، الى الايقاعات والطبلة، من الهدوء الى الرقص والجنون، جميعها مكونات عرض موسيقي مميز، عرض بطعم الجنون، عرض مهدى الى كل سكان الشتات، موسيقى تنطلق من التراث الفلسطيني لتتماهى مع موسيقى الريغي وتنقل وجيعة الفلسطينيين مشحونة بوجيعة الافارقة والسود، مزيج موسيقي يحضر فيه الم التهجير مع وجيعة العنصرية فتكتب نوتة موسيقية عنوانها شامستيب.
على الركح تميزوا، رافقهم الجمهور منذ البداية في رقص مهووس، على الركح اكدوا ان اجمل شيء ان تولد عاشقا، والاجمل ان تعشق وطنا، واجمل الاوطان فلسطين، و اجمل الاحلام موسيقى مميزة تكون خطوة الى الحرية والانسانية، وخطوات الشام عرض موسيقي عنوانه الحلم .

من قلب المهاجر ولاء سبيت ولد الحلم وازهر
لا يهدأ ولا يتعب، يحمل طبلته الكبيرة يراقصها كما يراقص عاشق معشوقته، احيانا يستعمل البندير الصغير والطبلة الاصغر، هو عاشق المسرح والفنون الركحية ووظف خبراته على الركح لينجح العرض ويكون متكاملا، ولاء سبيت، عازف الايقاع وراقص الدبكة والشعلة الملتهبة والفكرة المجنونة لمجموعة الـ 47 سوول، فنان فلسطيني الهوى عالمي الاننتماء ، على الركح يظهر جنونه وعشقه لما يقدم، عشق الرقص منذ الطفولة وتميز منذ البدايات، يقول عن المجموعة «رغم الصعوبات مازلنا نحلم بالاستمرار حتى يصل الصوت الجليلي الشامي النابلسي كل الناس» .
لصوته نبرة حزينة حينا هو حزن مهجّري الداخل»فالهجرة في الداخل اصعب من هجرة الخارج» تعلم في حيفا حب الحياة وحب الموسيقى، على الركح يرقص، يتحرك كثيرا لا تتعبه ثقل الطبلة ولا الغناء يبدو كفارس لا يتعب، من طاولات «السلطة والكبة» اين رقص في طفولته الى الركح ودراسة المسرح الجماهيري وممارسته مسرح يوظف الفنون لفض النزاعات والتعريف بالقضايا الدولية وولاء سبيت يعرف بقضية وطنه فلسطين.

لساعة ونصف كان الفنان مميزا، يشارك الجمهور حب الموسيقى والرقص، الى قريته «اقرث» يوجه كل تحياته، فهو وان ولد في حيفا المدينة، لازال حنين العودة الى قرية «اقرث» يسكنه رغم سكنه في لندن ، يدرّس الاطفال المسرح «اعلمهم حب الحياة» وفي الحمامات كان رقصه عنوانا للحياة، كلما سٌئل عن انتمائه يجيب « سألوني أنت من وين، قلتلهم انا من اقرث، مفتاحي بايدي ولابني بدي اورث»، من اقرث ولد الحلم ترعرع وازهر موسيقى مقاومة تحطم الحدود والحواجز و»الفيزا» ، « الموروث الموسيقي والدبكة تحطم الحدود، هي عنوان لجمع شتاتنا، احارب على هويتي وانسانيتي « كما يقول ولاء سبيت.
على ركح الحمامات ابدعت مجموعة ال 47 سوول، غنوا للمقاومة، للحياة، غنوا لفسطين والعراق وسوريا والاردن وافغانستان و امريكا وكل مكان يوجد فيه الظلم، الى الانسانية غنوا وعلى وقع جراح التهجير رقصوا كانوا مميزين ربحوا حربهم وعادوا الى ارض الشتات محملين بمزيد من امل التمسك بموروثهم التقليدي وهويتهم الموسيقية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115