مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية: أوركسترا «أوبرا فيينّا» تشرب من إكسير الحياة الخالد ...

الى فيينا مدينة الموسيقى كانت الرحلة، الكمنجات واصوات السوبرانو كانت دليل جمهور فاق عدده الخمسة الاف متفرج جميعهم جاؤوا لاستنشاق عبق الزمان ورائحة المكان، جميعهم حلم واراد زيارة فيينا ووحدها الموسيقى قادرة على التجول بهم دون جواز سفر او حدود مكانية، فهي لغة اللازمان واللامكان.

في قصر الجم، في حلبة المصارعة تحديدا كان الموعد مع سهرة استثنائية بكل المقاييس، مع اورسكترا اوبرا بال فيينا، في الجم كان اللقاء مع الموسيقى الكلاسيكية الساحرة والصوت المميز للسوبرانو brigitta simon و till von orlowsky ولقاء مع 20 معزوفة ولعل اشهرها «الدانوب الازرق» و «البرق والرعد» و «ضوء القمر» و «قلبين في ثلاثة ازمان» سهرة بقيادة المايسترو Hans swarowsky.

الجم سحر المكان والموسيقى
في مكان غير المعتاد، في فضاء يبهر الزائر ويدعوه لمحاولة اكتشاف كل اركانه، هنا الجم، هنا قصر روماني قاوم الحروب وقساوة المناخ ليبقى شاهدا على عصره وشاهدا على عراقة هذه الارض، الجم المدينة الرومانية الفاصلة بين مدينة عقبة ابن نافع و المهدية مدينة الفاطميين، كانت في سهرة السبت 5 أوت الفاصل بين زمنين، زمن الواقع وزمن الحلم، فاصل بين مدينتين، فيينا المدينة المنشودة والجم مدينة الموسيقى الكلاسيكية.

على ركح المسرح الاثري بالجم، في فضاء زينت كل حيطانه بشموع ملونة فشعت بريقها حبا وجمالا، تحت ضوء القمر الذي زاده حضوره القصر بهاءا، عزف عازفو اوركسترا بال فيينا اجمل النوتات وارقها.فانسابت الموسيقى رقيقة هادئة وسافرت بالجمهور في رحلة الاحاسيس الكونية رحلة قوامها الموسيقى وعمادها الحلم مع ايقاع الفالس.
و هو قالب إيقاعي تحوّل فيما بعد إلى نوع رقص، بدأ في النمسا وألمانيا، ومنهما انتشر في أنحاء كثيرة من العالم، خصوصاً بعد أن نظم الموسيقار النمساوي يوهان شتراوس الابن لمقطوعته الدانوب الأزرق عام1866 .

الى مدينة الموسيقى كانت الوجهة، اكثر من 50عازفا عانقوا آلاتهم، الكمنجات اعطت شارة لانطلاق مقطوعة «نارنتا الأخضر» لكارل كومزاك، ونارنتا هو نهر العبور بين البوسنة والهرسك، مقطوعة هي عبارة عن جولة على ضفاف ذاك النهر المميز مقطوعة وكانها صوت العشق ينادي للحياة.
لاوركسترا فيانا جمهورها الخاص فمنذ العام 1998 والاوركسترا دائمة الحضور في مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية وما الحضور الجماهيري الكبير الا دليل على علاقة مميزة بين هذه الفرقة وجمهورها في تونس، ففي سهرة السبت كان المسرح اكثر من مكتظ حد الاستعانة بكراسي اضافية لاستيعاب جمهور تضاعف عدده ليقبل بنهم على نوتات فيينا وسحر موسيقاها.

الموسيقى...حديث الروح وشجن القلب
بلباس ازرق سماوي جميل تهل السوبرانو brigitta simon على جمهور الجم، بصوتها القوي تغني عاليا صوتها يتحدى صوت الكمنجات، تصدح به عاليا وكانها تغني للحياة، تستحضر جمال الفينا و سحرها في غنائها .
ثم تغانج الكمنجات لحضور وتعزف موسيقاها الرقيقة وكأنه الهواء الجميل او النسيم العليل وهو معنى اسم «فيندوبونا» الاسم القديم لفيينا.
في الجم عزف الاوركسترا النمساوي مجموعة من المعزوفات النمساوية الشهيرة واغلبها يعود الى العام 1840 واغلب هذه لمعزوفات من المنطقة الملكية النمساوية المجرية سابقا، فعزفوا «البارون الغجري» و معزوفة الحب «روميو وجولييت» و«اهديك ورود حمراء» و «ضوء القمر» و«حياتي حب وفرح» و «حب وسماء على الارض» وغيرها من المقطوعات النمساوية المميزة.

موسيقى لها رائحة التاريخ وشذى الحضارة اذ كانت فيينا تعد أهم مركز للابتكار الموسيقي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حيث أن الملحنين انجذبوا إلى تلك المدينة نظرا لرعاية عائلة هابسبورغ وجعلت فيينا عاصمة أوروبية للموسيقى الكلاسيكية. حيث جوزيف هايدن وفولفغانغ أماديوس موتسارت ولودفيج فان بيتهوفن وفرانز شوبرت ويوهان شتراوس الثاني وشوبيرا جميعهم يتشاركون في شيء واحد وهو ولادتهم في دولة فيينا. وخلال الفترة الباروكية أثر السلافين والمجريون على الموسيقى الأسترالية. بدأت فيينا صعودها كمركز ثقافي في أوائل القرن السادس عشر وبدأت تتركز حول الآلات وخاصة العود ومن الجم كانت الرحلة الى فيينا عبر موسيقاها.
كما قدمت الأوركسترا عديد المؤلفات التي كتبها يومان شتراوخ الابن (1825 - 1899)، ولأول مرة عزفت الفرقة «حكاية الشرقية « وهي مخصصة لأحد سلاطين الدولة العثمانية في تلك الفترة وهو عبد الحميد الثاني (1842-1918.
كما ظلت الأوركسترا التي تأسست سنة 1982 وفية لتقاليد العزف على الفالس بمقطوعة «الدانوب الأزرق» نوع فالس من تأليف يوهان شتراوس الابن عام 1866 وتم عرضها لأول مرة في 13 فيفري 1867. ثم «الرعد والبرق»، أما الجزء الثاني من الحفل فقد انطلق بالمقطوعة الأحدث «المسير « للموسيقار أوي ثايمر الأستاذ في جامعة فيينا و رئيس أوركسترا أوبرا الكرة.

اوركسترا فيينا تعزف لتونس
نظرا لان الموسيقى لغة لا تعترف بالحدود ولا بسلطة المكان، ولان الجمهور التونسي عاشق لكل موسيقات العالم، حيت اوركسترا فيينا تونس بطريقتها، ولتونس عزفت الفرقة مقطوعة «سيدي بوسعيد» صحبة عازف العود التونسي رياض الفهري، لقاء تماهت فيه نغمات العود التونسي الرقيقة مع النغمات الاوركسترالية لكتابة ملحمة موسيقية تنطلق من تونس الى فيينا، موسيقى توحد القلوب والعقول، موسيقى عنوانها الجمال وامل متجدد، نغمات هي نشيد الروح واكسير الحياة.
اوشكت الدورة الثانية والثلاثين لمهرجان الجم على الختام، اليوم يكون اللقاء مع منير الطرودي وسندة العتيري ويكون حفل الاختتام يوم 12 اوت مع الاوركستر السمفوني التونسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115