افتتاح مهرجان الزهراء : محمد علي أوركسترا وجولة في ربوع تونس ...

تماهت النغمات واختلفت الالات الموسيقية، غازل الكمان محمد لسود وقدمت باطري سيف الدين هلال نغمات الجاز و لآلة «الزكرة» حضورها ودورها في كتابة أسطر ضمن ملحمة

موسيقية تونسية كلمة ولحنا أما بيانو محمد علي كمون فمتحدث رسمي باسم الموسيقى الكلاسيكية، من صفاقس كانت البداية والانطلاق، من ذاكرة محمد علي كمون وطفولته اعلنت الجولة الموسيقية، صفاقس فالكاف فعودة الى المهدية ثم سوسة هكذا هي رحلة الجمهور في عرض «محمد علي اوركسترا» الذي افتتح الدورة الاربعين لمهرجان الزهراء الدولي.

بين العطور والمقدمات كانت الرحلة، عرض قدم فيه محمد علي كمون جزءا من اقاماته الفنية، عرض «ساحلي» هذه المرة قدم للجمهور بعض عطور الساحل التي انجزت في اخر الورشات، على الركح استحضر محمد علي كمون تونس وحيّاها بالموسيقى، عرض شارك فيه ثلة من اجمل عازفي تونس وامهرهم وفنانات صاحبات اصوات ممتعة، لكل منهم عطره الخاص ولكل منهم ميزته اتحدوا وتشابكوا ليمتعوا الجمهور اينما حلوا بتوزيع اوركسترالي مميز لاغان تونسية بعضها معروف وبعضها يقدم للمرة الاولى.

بعض من عطور صفاقس والكاف يستنشقها جمهور الزهراء
المكان المسرح الصيفي بالزهراء، الحدث افتتاح الدورة الاربعين للمهرجان، اما اللقاء فكان مع عرض تونسي الانتاج والتوزيع، عرض «محمد علي اوركسترا» وهو جزء صغير من العرض الشامل عطور « لا نستطيع مغالطة الجمهور والقول اننا سنقدم عرض عطور، لان عطور عرض ضخم ومكلف لا تقدر عليه المهرجانات الصيفية، لذلك سميناه اوركسترا محمد علي كمون» هكذا صرح صاحب العرض حين سألوه عن تغيير الاسم.

الساعة العاشرة والربع، جمهور محترم العدد جاء لاكتشاف العرض، توزع العازفون على الركح، كل حمل سلاحه ليرسم ملحمة موسيقية يريد ان يتميز فيها، الى اليمين عازفو الكمنجة والعود والناي، وسط الركح خصص إلى المغنين والى اليسار البيانو والقيثارة والايقاعات والباطري، وكان بالمتفرج يجد نفسه امام منافسة الايقاعات للنغمات الوترية والبيانو هو الفيصل بينهما.

يصمت الجميع، يهمس الناي ان الرحلة قد انطلقت، ايقاعاته الرقيقة تشد الاذن والروح معا، الرحلة ستكون مع مقدمة موسيقية اسمها «السمراء» ورحلة الى صفاقس تحديدا الى سيدي منصور، ذاك العبد الاسود الذي اصبح مزارا للكثيرين وبات رمزا لصفاقس، الى سواده تم إهداء مقدمة موسيقية ميزتها نغمات الناي الرقيقة وكأنها دخول الى عالمه الخاص ومحاولة نبش في ما يعانيه العبيد.

من السمراء الى «العباسية» وجولة مع الة العود في ذاكرة محمد علي كمون وطفولته، نغمات العود الرقيقة كانت عنوان لذكريات الطفولة التي ولد من رحمها عرض عطور، جولة في العباسية تماهت فيها بقية الالات الموسيقية وكان بالجميع يستحضر ما عاشه في الصغر، مقطوعة اهداها كمون الى فرحات حشاد، مقطوعة تنطلق بموسيقى العود ثم الشقاشق فآلات اخرى وموسيقات مختلفة بينت التوليفة العجيبة والممتعة بين الالات، توليفة يعمل عليها الفنان منذ عام او يزيد.

ومن صفاقس الى الكاف، لتغني الرقيقة صاحبة الصوت القوي اية دغنوج « جبل بوك يدادي» اغنية تتحدث عن عاشق متعب، اضناه البعد والجفاء وتكون كمنجة محمد لسود هي صوت لمشاعره المرهقة والم فراقه، عاشق يناشد حبيبته اللقاء، فألم فراقها اتعبه وآلمه السهاد، صوت اية دغنوج كان كما جبال الكاف يعاندها ويتحدى جبروتها، صوت قوي نقلت من خلاله وجيعة العشاق اينما كانوا.

تتحدث الة الباطري معلنة عن موعد مع الغضب، غضب امرأة عاشقة تناشد اهلها ان يرحموا قلبها العاشق، امرأة ذنبها انها عشقت والعشق محرم عند العائلات، بعد الباطري تكون موسيقى الناي موجعة، انينه يطرح العديد من الاسئلة عن تلك العاشقة، ما مصيرها؟ هل ذنبها ان احبت رجلا غير ابن العم او العشيرة؟ وهل الحب مرتبط بحدود المكان والعائلة والجوار؟ موسيقى الناي ترتفع عاليا ومعها صوت الفة البرهومي لتغني «يمّاوجعتوها» في توزيع موسيقي جديد.

عطور العمل الشامل قدم جزء منه في افتتاح مهرجان الزهراء، بعض عطور جنوبية كما لون الصحراء وقساوتها و بعضها الاخر حمل رائحة جبال الكاف واكليلها وصنوبرها، عطور بعضها ندي وآخر جاف جميعها قدمت الى الجمهور بتوزيع اوركسترالي جديد و»متعب» فالعملية الابداعية والأغاني التي تقدم في عرض عطور ليست ببسيطة، اذ تكون البداية اولا بالبحث في خصوصيات تلك الجهة، ثم البحث عن امرأة عجوز تتقن الغناء «لان النسوة المتقدمات في السن الاكثر صدقا، لم يصلهن فيروس التلفزة والعولمة» وان لم نجد امرأة نبحث عن رجل «يحفظ على النساء» مثال محمد صالح العيساوي في الكاف الذي تلقن الغناء عن نسوة اولاد عبيد، نسمع الأغنية اقوم بالتدوين، ثم اعود الى مخبر تونس وهناك تنطلق العملية الابداعية مع المحافظة على الكلمة واللحن الاصليين، ويقول محدثنا «في عطور لا اعمل فقط كموزع بل ملحن وباحث وتقدم الاغنية في اطار مجموعة، لست ممن يحبذون العمل لوحدهم لان متعة المشاركة مع الاخر لها سحرها».

عطور الساحل...ولقاء مع المتعة
عطور مخبر متجول يتنقل الى ولايات الجمهورية وقراها وجبالها وسهولها للبحث عن اغنية مميزة تتغزل بالمرأة و اثناء عملية البحث اكتشفت أن اجدادنا جد رومنسيين، ويتغزلون بالمرأة وكل تفاصليها ويختلف الغزل من الشمال الى الجنوب ومن المدينة الى الريف، عطور في الحمامات العام الفارط وقبله في أيام قرطاج الموسيقية وعرض في مهرجان قرطاج الدولي وآخر في ملتقى سينما الجنوب بتطاوين، عطور لكل عرض سحره وميزته لان المجموعة الموسيقية تعمل على التجديد دائما، وميزة عرض الزهراء انه العرض الرسمي الاول لعطور الساحل، بعد ورشات تدريبية واقامات فنية انجزت منذ اشهر بسوسة.

على ركح الزهراء انتشى الجمهور بـ «الجلوة الساحلية» البداية كانت مع مقدمة موسيقية بعنوان «المهدية» مقدمة كانت الة الكمان سيدتها، على الشاشة انعكست صورة بحّار وسط مركبه الصغير، امامه اسماك تتراقص وتلك هي ميزة المهدية، موسيقى الكمان تجولت في ربوع المهدية من السقيفة الكحلاء الى برج الراس والميناء البونيقي القديم فجولة في متحف المهدية، ثم تتحول النغمات ويدخل الناي ليشاركهم الجولة فتصبح الجولة في قبائل المثاليث والفروسية والشعر الشعبي كما هو معروف في ارياف المهدية والسواسي الكبرى.

من المهدية الى المنستير وتحديدا مدينة جمال ولقاء مع «ام الزين» وغناية «ام الزين الجمالية» تلك الاغنية التي لا يخلو منها عرس او مناسبة في جهة الساحل، ام الزين قصة امرأة هربت من بلدتها فقط لتكون حرة وتعاند تقاليد العائلة كذلك كانت ايقاعات لطفي صوة قوية وهادرة عاندت موج البحر غير البعيد.

من يقول سوسة يقول بوجعفر، ومن سوسة غنت مريم بن مامي «سيدي بوجعفر»، اغنية تستحضر بوجعفر وتاريخه، اغنية ميزتها وحدة النغمات والالات الموسيقية جميعها تشترك في كتابة الجمل الموسيقية، ومن بوجعفر الى «التشقيف» ثم «التخميرة» وهي اغنية الاختتام، اغنية راقصة تلهب مشاعر الجماهير وتدعوهم الى الرقص اغنية يعلن عن الطبل بصوته القوي.

لساعتين تقريبا انتشى جمهور الزهراء مع عرض محمد علي كمون اوركسترا، عرض به نفحات قليلة من عطور، رش الفنان جمهوره ببعض عطور الكاف والجنوب والساحل، في عطور ذاك العمل الفرجوي الذي امتع الجمهور في اكثر من مكان ستشعر ان الالهة تحييك، ستتجول بين النوتات وكأنك تلاعب الاطفال في عالم سرمدي جميل، عرض يستحضر تونس فتونس عطرة بطبيعتها عطرة بأناسها وبتراثها اللامادي، عطرة بشهدائها ودماء شهدائها، عطرة باختلاف أفرادها وعاداتها وتقاليدها، ألا تستحق منا جميعا أن نستحضر هذه العطور؟ عطور لازالت تتشكل في مخابر فنية وسيكون العطر كاملا في 2018.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115