افتتاح مهرجان الحمامات الدولي : ثلاثين وأنا حاير فيك : لتوفيق الجبالي «الكبير كبير»

اقتحموا الركح وكل اجزاء المسرح، نثروا حبهم للمسرح ووزعوا صكوك امل على كل الجمهور، فوضاهم جميلة، نقدهم موجع حركاتهم المضطربة عنوان للحياة والإبداع لكلماتهم

وقع الرصاص حينا وعنوان الهزل احيانا أخرى لساعتين من الزمن استحضر الجمهور ثلاثين عاما من التياترو، ثلاثين عاما من الصمود والمقاومة وتقديم فن يعبر عن هواجس التونسيين.

«ثلاثين وانا حاير فيك» هو عنوان عرض افتتاح مهرجان الحمامات الدولي، عرض وصفه الحضور بالرائع، قرابة 117 من الشباب المبدع احتلّوا الركح وزرعوه جنونا ومسرحا وحيوية وإبداعا.

نقد، سخرية .المسرح ناقد وموجع
«ثلاثين وانا حاير فيك» ملحمة مسرحية قدمت في افتتاح الدورة الثالثة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي، ملحمة تماهت فيها الموسيقى مع لغة الجسد و حديث الرافضين للواقع والباحثين عن الافضل، عمل امنه اكثر من 117 فرد جميعهم من ابناء استوديو التياترو جمعهم توفيق الجبالي في ملحمة مسرحية خاض بها غمار حرب افتتاح مهرجان الحمامات، اقتحم غمار مغامرة ربحها منذ الجولة الاولى.

على ركح الحمامات كان اللقاء المميز مع «ثلاثين وانا حاير فيك» مجموعة من اللوحات الراقصة، اولها حديث مجموعة من ابناء الاستوديو عن علاقتهم بالمسرح وسر توجههم اليه من دون بقية الفنون.

على الركح اتحدت الاجساد والأفكار، وجهوا سهام نقدهم الى االدولة، الى المسؤولين «اللامسؤولين» الى الانتخابات ونتائجها الى الرئاسة الى الاخوان ، سهام نقد جارحة ومضحكة في ذات الوقت وجهها ابناء الجبالي في رسائل بعضها مشفر وبعضها مباشر ، اولى المشاهد النقدية، مغنية تصعد على الركح تلبس فستانها الاحمر الجميل وتغني الفصل الاول من دستور الجمهورية التونسية وبمجرد ان تصل الى قولة « الدولة راعية للدين ولحرية المعتقد والضمير» يرتفع صوتها بالبكاء، بكاء في شكل ندب لحريات تكتب ولا تنفّذ.

في «ثلاثين وأنا حاير فيك» التقى الجمهور مع «ضمار» توفيق الجبالي ورسائله الناقدة، في اكثر من مشهد، نقدوا الاخوان ومن ينتمون اليهم، مشاهد ترقص فيها الأجساد يتحدثون بجرأة مطلقة عن الدين و التدين ومن يتحدثون باسم الله، مشاهد رآها البعض «صادمة».

نقدوا أيضا السياسة ،من خلال الاشارة الى الانتخابات وفشلها، نقدوا ايضا بورقيبة والتمثال الموجود في كل مكان حتى اصبح حلم البعض ان ينتحر من فوق راس الزعيم، (المشهد الوحيد الذي اضحك محرزية العبيدي)، في المسرحية نقدوا السياسة والفن والمجتمع، نقدوا الانتخابات والصراعات والتهافت على الكراسي، مسرحية ناقدة موجعة لخصت ثلاثين عاما من مسيرة التياترو المقاومة.

لنا الفن...لكم الدين...لنا الوطن
بين محبي الفن ورافضيه سنوات ضوئية عديدة، بين عشاق الحياة ومحبي الموت والجمود حكايات عديدة، بين المسرحيين المقبلين على الحب والأمل والجمال وتجار الدين فوهة لا نعرف نهايتها، بين من يرون الفن حياة ومن يرونه «حرام» خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا في «ثلاثين وانا حاير فيك» وجه الكثير من النقد الى من يدعون انهم يتحدثون باسم الله، للمتأسلمين وجه النقد لمن يدعون انهم صوت الله ارسل الجبالي وابناءه رسائل تحد وتمرّد وحياة.

اجساد عارية، مشاهد يلبس فيها الراقصون الابيض الناصع، وألوان تشبه لون الجسد كثيرا حد الاعتقاد انهم عراة، في العمل تتحرر الاجساد ومعها العقول، اجساد ترقص على وقع الوجيعة، اجساد تشير الى العقول المتحجرة والافكار الرجعية «اريد ان اكون عضوا فعالا في المجتمع البدني»، اجساد في فوضاها وحركاتها الكثيرة دعوة الى المصالحة مع الجسد والإنسان، اجساد الممثلين كتبت اسطر تحد لمن يرون «الجسد عورة»، اجساد اخجلت النائبة عن حركة النهضة «محرزية العبيدي» حد اغماض عينيها.

المسرح..صوت الفنانين
تحدثوا عن المسرح، عن الحرية، عن الحياة عن الأمل شباب عاشق للفن، شباب يقدس تعاليم الحياة ويريد الانخراط فيها، اكثر من 50 على الركح اجتمعوا تناقشوا غنوا، عبروا عن حبهم لكل تعاليم الجمال، وفجأة يظهر اجدهم بلباسه الاحمر الفاقع، لون يقلق العين فكيف بالنفس، يصرخ فيهم « سامحونا من لا يملك بطاقة احتراف فليغادر»، حينها ينسحب الشباب ليبقى الركح فارغا والمسرح شاغرا، صورة نقدية موجهة الى المسؤولين، الى من يوزعون بطاقات الاحتراف الى من يقيدون الفن بورقة، نقد الى من يريد كبح جماح الشباب الحالم المبدع والمختلف فقط لانه لا يملك بطاقة احتراف، توفيق الجبالي كعادته كان نصير الشباب .

لنا المسرح والفنون لنقاوم بشاعة الواقع وسوداوية الشان السياسي في البلاد، لنا المسرح لنحلم ونعانق الامل في اقدس تجلياته، لنا مبدعون حالمين يجبرونك على عشق الحياة ويدفعونك للنقاش والتحليل لاكتشاف خبايا وطن عشقوه فناضلوا لسنوات لحمايته من الاخونة والظلاميين.

رجاء بن عمار ..

الفنان لا يموت

منذ عام كانت على ركح الحمامات، منذ عام افتتحت مهرجان الحمامات الدولي، لتلك المرأة القوية والمتمردة أهدى التياترو عمله، رجاء بن عمار غاب جسدها وحضرت روحها في افتتاح الدورة الثالثة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي.

نواب النهضة
وسياسة إغماض العينين

بعد حادثة إغماض إحدى النائبات عن حركة النهضة لعينيها في عرض افتتاح مهرجان قرطاج، نجد أن نائبة أخرى تغمض عينيها في افتتاح الحمامات، حادثة علّق عليها البعض بالقول إن كانوا لا يحبّون الفن ويرون في عراء الأجساد عورة فلم يحضرون التظاهرات الثقافية، أم هم يعشقون لعبة «الغميضة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115