Print this page

«عبد الرحمان محمد» على ركح مهرجان قرطاج: فنان يخاطب عدّة أجيال

«أصابك عشق», «يا من هواه», «بروحي فتاة» ... أغاني أبدع الفنان السعودي «عبد الرحمان محمد» في أدائها بعد إخراجها من تراث قديم منسي ودمجها بإيقاعات جديدة ليحصل على

لون موسيقي متميز يبهر به جمهوره. يعود عبد الرحمان محمد الى تونس مرة ثانية ليحيي حفلا ضمن فعاليات الدورة 53 من مهرجان قرطاج يوم 4أوت المقبل بعد أن حققت الليلة التي أحياها بمهرجان الحمامات في دورته 52 نجاحا مهما.

يقول نيتشه: «لولا الموسيقى لأصبحنا تعساء، والأجمل من هذا كله، حينما تكون الموسيقى مصحوبة بكلمات ناعمة ومنسابة، كلمات تصنع لك عالمك الحالم، وتدفعك على حسب اختيارك نحو البكاء أو الضحك بطريقة فاخرة، لا يجيّدها إلا من لهم باع طويل في التأمل.» وقد تنطبق هذه المقولة على موسيقى الفنان عبد الرحمان محمد.

بداية النجاح
لكل فنان بداية نجاح والبداية الفنية لعبد الرحمان محمد كانت مع «يا من هواه أعزه وأذلني» التي سلطت الأضواء عليه وانتشى الجمهوربها بما تحمله من مشاعر حب فياضة عام 2012. حصد فيديو الأغنية أكثر من 18 مليون مشاهد على اليوتيوب وفتح المشوار أمام عبد الرحمان ليشق طريقه بلون جديد ومختلف عما يروج في الوطن العربي.تلتها أغنيته»أصابك عشق»التي إعتبرها البعض «أسطورة»اذ حققت ما يزيد عن 61 مليون مشاهدة.

وتندرج الأغنية في خانة الموسيقى التي تخاطب الوجدان وتتسرب الى أعماق الروح وتترك وقعها المؤثر على المستمع اليها عموما وعلى القلوب العاشقة خصوصا. فلا يهيم بالشعر الجاهلي وبالإيقاع الحديث في آن واحد إلا من إعتبر الموسيقى عالما سرياّ يحياه ليغذي روحه.

وعبد الرحمان خير مثال على ذلك اذ صرّح:»الموسيقى بالنسبة لي وسيلة إستجمام وإثراء لفكري وخيالي كما أنها متعة شخصية ومهرب في بعض الأحيان».

شغف ظل متّقدا
درس عبد الرحمان محمد الإعلام المرئي والماجستير في الممارسات التوثيقية سبع سنوات ولكن ذلك زاد من حبه وتعلقه بالموسيقى فقد وظف دراسته في تحقيق هدفه من خلال إخراج أفلام وثائقية قصيرة تحكي قصص حياة الموسيقيين البسطاء وتجاربهم الشخصية والإنسانية.

 «حققت فكرتي وحلمي بمساعدة مهاب عمر وأصدقائه ومجموعة من الموسيقيين. والجيد في الأمر أنهم ملمّون بالموسيقى الغربية بينما أعشق أنا الموسيقى التركية والهندية والإسبانية والفلامنكو لذلك حصلنا على ما أسميته باللوحات الموسيقية».

هذا ما قاله الفنان الشاب في إحدى الحوارات تأكيدا له على أهمية توفر روح الفريق ليكون العمل ناجحا لأن المغني وحده لا يستطيع إيصال رسالته الى المستمع بطريقة مثالية مثلما يفعل وهو محاط بمجموعته التي تتناغم معه ودائما ما تزوده بالثقة في النفس.

تجديد في المباني والمعاني
أكد عبد الرحمان بواسطة أغانيه أنه بوسع الموسيقى العربية التطور وهي قابلة للتطويع لعديد القوالب. فقلما تتجاوب كل الفئات العمرية مع أغنية باللغة العربية الفصحى لاسيما الشباب، ولكن بفضل هذا النمط الذي عرف به قُلبت الموازين وصار الشباب يهيم بقوافي تشدو بها قصائد بليغة جاءت بلغة عربية ثرية المعاني.

وقد حققت حفلته بتونس في العام الفارط نجاحا باهرا اذ حضر عدد هائل من جمهوره بمهرجان الحمامات اين رافقته عناصر تونسية إعتاد العمل معها فشكلوا مجموعة متميزة من السهل جدا ملاحظة نسبة التناسق التي تجمع بين أفرادها.

عبد الرحمان هو المبدع الذي نجح في إستثمار ثراء الصور الشعرية على أكمل وجه ليرسم لوحة غنائية يرتقي بها عن حدود الزمان والمكان ويسافر الى عالم جديد قوامه الشعر والموسيقى.

وهو الذي أضاف الى الموسيقى نكهة مميزة تحمل داخلها عدة حقبات تاريخية ولّتفتم دمجها مع التقنيات الحديثة لتكون النتيجة باقة فنية مختلفة عن السائد.

وفي سؤال عن مدى محاولته التوفيق بين أعماله والذوق العام أجاب عبد الرحمان:»لم أفكر كيف أكون قريبا أو بعيدا عن الذائقة العامة بقدر ما أتمنى أن تكون لي ذائقتي الخاصة المتفهمة والمتقبلة لأعمالي فأنا أحترم كل ماهو موجود على الساحة الفنية لكن بشرط تصنيفه تصنيفا واقعيا وعلميا مثلما يحدث في الغرب».

المشاركة في هذا المقال