تلاعب في ملفات الفنانين الأجانب : حفلات دون ترخيص... تهرّب من الضرائب وتحيّل على القانون

إن كان دخول الفنانين الأجانب إلى التراب التونسي تحت عنوان إحياء حفلات فنية مقنّنا استنادا إلى نصوص قانونية واضحة وصريحة فإن ذلك لم يمنع من اختراق القانون

واستغلال البعض لعقود غير قانونية لتنظيم سهرات فنية بإمضاء فنانين أجانب في تهرب من الأداء الضريبي وفي اعتداء على حقوق التأليف وفي استنزاف لموارد الدولة من العملة الصعبة...

في الوقت الذي يلتزم فيه الفنان التونسي بالقانون المعمول به في حفلاته بالخارج، فإن إحياء حفلات الفنانين الأجانب في تونس قليلا ما يحترم المسالك القانونية وكثيرا ما يتبّع طرقا غير شرعية وأساليب ملتوية ...

تساؤل عن مدى شرعية عقود حسين الديك ورامي عيّاش وأحمد شيبة؟
أفادت مصادر متطابقة إيقاف الفنان السوري حسين الديك أول أمس بمطار تونس قرطاج قصد التثبت من مصدر الأموال الصعبة التي كانت بحوزته. وقد تردد
في الوسط الفني أن هذا الإيقاف جاء على خلفية مخالفة حسين الديك لبنود عقد دخوله إلى تونس الذي نص على إحيائه لحفل في إحدى المهرجانات فإذا به يغني في سهرة زفاف أحد الرياضيين. كما تواترت أخبار عن العقود غير القانونية للفنان اللبناني رامي عياش والفنان المصري أحمد شيبة اللاذان قدما إلى تونس لأحياء حفلات زفاف أحد الرياضيين أيضا. وهو ما يعتبر تحيّلا وتعديا على القانون المنظم لإحياء الفنانين الأجانب لحفلات خاصة في تونس.

وفي هذا السياق أفاد الكاتب العام للنقابة التونسية لقطاع الموسيقى مقداد السهيلي انه تم إبلاغ السلط المعنية على غرار وزارة الداخلية والبنك المركزي لإيقاف هؤلاء الفنانين واتخاذ الإجراءات اللازمة.

النقابة التونسية لقطاع الموسيقى
تحيّل على القانون
أعلن الكاتب العام للنقابة التونسية لقطاع الموسيقى الفنان مقداد السهيلي عن إطلاق حملة للتصدّي للفنانين الأجانب الذين يدخلون تونس بعقود غير قانونية وبطرق غير شرعية. وفي هذا السياق صرّح مقداد السهيلي لـ»المغرب» قائلا:» بالعودة إلى الجانب القانوني فإن أي فنان أجنبي يطأ التراب التونسي لا يستطيع تقديم حفله إلا عن طريق الحصول على ترخيص عن طريق متعهد حفلات معتمد لدى إدارة الموسيقى والرقص بمصالح وزارة الشؤون الثقافية. وبناء عليه فإن هذا الفنان مجبر على خلاص ما عليه من أداءات ...إلا أن هذا المسلك الشرعي عادة ما يخترق من قبل بعض الدخلاء على مهنة متعهدي الحفلات على غرار عقد اتفاق مباشر مع رئيس الفرقة الموسيقية لفلان أوعلاّن ليكون الخلاص على خلاف الصيغ القانونية. وهنا تتعدد أصناف التحيّل وتتنوّع أساليب الغش في الاعتداء على القانون وهو ما لا يمكن قبوله أو إغفال النظر عنه سيّما وأن الأمر يتعلق بلهف عشرات الملايين التي من المفروض أن تؤول إلى خزينة الدولة التونسية».

وعن مدى تدخل النقابة التونسية لقطاع الموسيقى في التصدي لدخول الفنانين الأجانب بعقود غير قانونية، أفاد الكاتب العام مقداد السهيلي أن «النقابة لا تتواني عن تبليغ الأطراف المعنية وإحاطتها علما بالتجاوزات الحاصلة في كل مرة يتم فيها الاعتداء على القانون ...».

إدارة الموسيقي والرقص:
لا نملك صلاحيات الرقابة أو آلياتها...
إن كانت إدارة الموسيقى والرقص صلب وزارة الشؤون الثقافية هي من الأطراف الأساسية التي يعود إليها النظر في ملف الفنانين الأجانب فقد اعتبر مديرها الفنان فاخر حكيمة أن مهمة الوزارة تنتهي عند الملفات التي تصل إلى مصالحها حيث أفاد: «لا بد من التوضيح أن صلاحيات إدارة الموسيقى والرقص في هذا السياق تتوقف عند العقود الرسمية للفنانين الأجانب الذي يدخلون إلى تونس وفقا لعقود قانونية تحترم المعاليم الموظفة على العروض من أداءات واستخلاص حقوق التأليف وغيرها ...مع العلم أن اللجنة التي تتولى النظر في ملفات الفنانين الأجانب تتسع دائرتها لتشمل أكثر من وزارة حيث تتمثل تركيبة هذه اللجنة من ممثل وحيد عن وزارة الشؤون الثقافية وممثل عن مؤسسة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وممثل عن وزارة الداخلية وممثل عن وزارة المالية وممثل عن وزارة السياحة وممثل عن البنك المركزي».

وشدد مدير إدارة الموسيقى والرقص فاخر حكيمة على أن دور وزارة الشؤون الثقافية فيما يتعلق بملفات الفنانين الأجانب لا يتجاوز الاستشارة الفنية البحتة حيث لا تملك الوزارة صلاحيات الرقابة أو حتى آلياتها لتتثبت من مدى شرعية عقود الفنانين الأجانب الذين يدخلون تونس...

ونفى دكتور الموسيقى فاخر حكيمة أي تلاعب أو تساهل على مستوى التعامل مع متعهدي الحفلات مؤكدا أن قائمة المتعهدين الذين تتعامل معهم الوزارة لا غبار عليها وتستجيب لكل الشروط القانونية .

أمام هذا التعدي على القانون والاستهتار بقانون الدولة التونسية والمنافسة غير الشرعية للفنان التونسي في بلده...لابد من التصدي العاجل لمظاهر الفساد والتحيل في ملفات حفلات الفنانين الأجانب وسد المنافذ أمام مقتنصي الفرص غير القانونية حتى لا يهان الوطن.

المحامي المختص في التشريعات الثقافية أحمد بن حسانة: حوالي 90 % من حفلات الفنانين الأجانب بتونس غير قانونية
أقر المحامي المختص في التشريعات الثقافية أحمد بن حسانة بوجود خرق واضح وتعد صارخ على القانون بخصوص إحياء الفنانين الأجانب لحفلات خاصة في تونس وذلك لعدم الحصول
على ترخيص مسبق من وزارة الشؤون الثقافية. وأضاف: «باعتبار أن هذا الترخيص لا يمنح إلا بعد استيفاء الشروط القانونية وخلاص كافة المعاليم المنصوص عليها فهذا يعني أن هذه الحفلات التي تقام دون ترخيص لم تحترم القانون ولم تدفع عليها من مستحقات مالية وجبائية».
وأشار الأستاذ بن حسانة أنه وفقا للأمر عدد 2197 لسنة 2009 المؤرخ في 20 جويلية 2009 فإن لجنة استشارية تجمع بين ممثلين من وزارة الشؤون الثقافية ووزارة المالية ووزارة السياحة ووزارة الداخلية والبنك المركزي... لتبدي رأيها في الملفات التي يتقدم بها منظمو الحفلات في تقرير يرفع إلى وزير الشؤون الثقافية ليتخذ قراره بالرفض أو بالموافقــة على منح الترخيص. كما كشف أن حــوالي 90 % من حفلات الفنانين الأجانب في تونس غير قانونية نظرا إلى أنها تتنّصل من الحصول على ترخيص وتقام بطريقة عشوائية في اعتداء على القانون والمال العام. وقد دعا المحامي المختص في التشريعات الثقافية أحمد بن حسانة إلى ضرورة توفر نجاعة أكبر على مستوى مهام الهيئة الاستشارية المكلفة بالنظر في ملفات حفلات الفنانين الأجانب لاسيّما على مستوى الرقابة والمتابعة والملاحقة لكل من يخترق القانون خصوصا أنها تضم 4 وزارات مشتركة من بينها وزارة الداخلية ...».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115