مهرجان حومتنا فنانة: سهرة الأغنية الملتزمة: نكتفي بالقليل لنصنع المستحيل

دقت أجراس الأمل معلنة عن انطلاق صلوات الحب في هيكل الثقافة البديلة مسار ، فاجابها هديل «الحمائم البيض» ان نعم للحب ولنصلي جميعنا للفنون صلاة الى فلسطين واخرى الى

تونس، صلوات تحرسها عيون الكلام، وتقيم تراتيلها الناي والكمنجات والعود والايقاعات وكل الالات الموسيقية التي صدحت بالامل والحياة في حومتنا فنانة.

هنا الحياة هنا الفن هنا تصبح الحومة قبلة لعشاق الحياة، هنا في حومة بالدوف تضرب النسوة موعدا مع الفن الجميل ويلتقي الاطفال مع كل الوان الحياة وتشكيلات الامل، هنا امام بطحاء مسار كان اللقاء مع الاغنية البديلة ومن تونس وجهت التحية الى اسرى الشقيقة فلسطين .

لفلسطين التحية
فرّقهم النظام فجمعتهم الكلمة الحرة، حاولت السلطة تشتيتهم فجمعهم اللحن الملتزم والمطالبة بالحرية والكرامة، حاولت الادارة تقزيم وجودهم في المشهد الثقافي فاحبهم الشعب واقبل على اغانيهم وحفظها الطلبة والتلاميذ، هم الصادقون زمن الزيف والرياء، هم محبي الفن زمن سطوة الاغاني المادحة للنظام وهم اصحاب الكلمة لحق زمن سيطرة نفاق المتلقين الى النظام، هم من رفع راية تونس و غنوا للكادحين.

في مهرجان حومتنا فنانة كان الموعد مع سهرة الاغنية الملتزمة، سهرة وجهت عبرها التحية الى الاسرى الفلسطينيين، سهرة عنوانها الالتزام بقضايا الكادحين ومشاغلهم والانحياز الى المظلومين اينما وجدوا، سهرة افتتحها انس العبيدي بمقولة مظفر النواب:

«أيها الجند»
بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
حطموها على قحف أصحابها
اعتمدوا القلب
فالقلب يرف مهما الرياح الدنيئة سيئة جارفة»

لتنطلق بعدها فوضى الموسيقى والالحان ورحلة الى عالم الاغنية الملتزمة، رحلة زينت بالعلمين التونسي والفلسطيني، رحلة موسيقية مطيتها كلمة حرة تابى الانكسار وصمود ابدي تعجز اعتى المنظومات عن تدميره.

هديل الحمام رسائل سلام
هم اطفال لا يعرفون طريق الكبر، طفولة ابدية يعيشون بها ويحملون معها الجمهور اينما حلوا الى عالم الأطفال زكرياء وحشاد وعمار والياس اربعة لا خامس لهم، اربعة فرسان لا يعرفون الكلل ولا الملل، اربعة اطفال لن ولم يكبروا مادامت الموسيقى زادهم.

في سهرة الاغنية الملتزمة كان اللقاء مع هديل الحمائم البيض، هديل يختلف عن غيره من الموسيقى، اربعتهم متميز، لكل واحد منهم جنونه وهوسه بآلته وموسيقاه، في البطحاء كان اللقاء مع الحمائم ورقة ناي عمار و سحر كمنجة زكرياء اما عود حشاد فمجنون جنون عازفه بالنغمات الجميلة والياس المبدع وقيثارته الساحرة هو الاخر حمامة موسيقاها عنوان للسلام، اربعتهم مجنون بالنغمات الجميلة، ولكل فنان طريقته المختلفة في التعبير عن عشقه لموسيقاه.

في بطحاء مسار غنت الحمائم البيض وعزفوا وامتعوا الجمهور بنغماتهم ودعوا الاطفال ليشاركوهم الحلم من خلال العزف على الات ايقاعية يدوية فتماهت حرفية الفنانين مع براءة الطفولة وقدمت فوضى موسيقية مميزة وتلك هي ميزة الحمائم البيض يشاركون الجمهور فرحته وحلمه اينما كان، هم اطفال لا يعرفون طريق الشيخوخة، يعيشون طفولة ابدية بالموسيقى اطفال وان شاخوا يغنون وينثرون بذور الحلم اينما حلّوا، زكريا وحشاد وعمار والياس وخامسهم عمر وسادسهم الجمهور، تلك المجموعة التي كتبت بأحرف من دم العديد من الاغاني في ذاكرة الفن الملتزم التونسي من الشيخ الصغير الى بنت القمرة ويولدون و صرخة عطش واوكاموتو وعبور وغيرها من النغمات الممتعة والكلمات الساخرة والناقدة في مسار غنوا ورددوا شهارهم الابدي:

إن شخت كالجذع يوما و غادرتني الطيور
فقد مشيت طريقي و لم تعقني الصخور
قد يهجر الورد كفي و لا يرى أدمعي
فالورد يطلب عمرا و العمر ليس معي
و قد تمر القوافل يوما على أضلعي
مددتها كالثنايا و صغت منها الجسور
سيملؤون السلال ليرحلوا بالقليل
وو أكتفي بالقليل لأصنع المستحيل
نجح مسار في لم الشتات

حومتنا فنانة، تظاهرة فنية تجمع كل الفنون بلغت من العمر ست سنوات، تظاهرة شعارها الثقافة للجميع وبالفعل حقق الشعار وانجزوا ما وعدوا به واتضح انهم يعملون بساسة الفعل لا القول، حومتنا فنانة مهرجان دون تذاكر يقدم عروضه في بطحاء تغيب عنها رخامة وزارة الشؤون الثقافية، بطحاء لم تصبح بعد ساحة للفنون و لكنها عامرة وزاخرة بالتظاهرات الثقافية منذ ستة اعوام.

حومتنا فنانة تظاهرة ثقافية موجهة الى الاطفال والكهول، الى محبي المسرح ومحبي السينما، ففي البطحاء يمكن للمتفرج الاستمتاع بكل الالوان الفنية والأنماط الموسيقية، مهرجان ينجز بميزانية جد قليلة مقارنة بما يصرف على افتتاح ساحات الفنون، فهل وحدها تلك الرخامة عنوان للفعل الثقافي؟ وهل بافتتاح ساحة للفنون ثم تركها وهجرها يمكن ان يتقدم المشهد الثقافي؟ ام بالعمل الدائم والاستمرارية؟.

في حومتنا فنانة ترسيخ لمعنى اللامركزية وثقافة القرب، ففي حي شعبي نجح الفنانون في اكتساحه وجلب ابنائه الى الفعل الابداعي وتحويل وجهتهم من الشارع والفراغ الى الابداع والفنون، في حومتنا فنانة تلتقي كل الاجيال والطبقات، عروض في الشارع موجهة الى المارة لم تكلف ميزانية الدولة الكثير كما الساحات والتسميات، مهرجان ميزانيته كانت 15 الف دينار ونظرا لارتفاع اسعار العروض و كبر المهرجان وارتفاع حاجياته قررت ادارة المهرجانات التابعة لوزارة الشؤون الثقافية التقليل من دعم المهرجان اسناد 10الاف دينار عوض 15 الف دينار مع وعد للوزير بالترفيع في المنحة لتصبح 20 الف دينار ان نفّذ الوعد.

مهرجان حومتنا فنانة تظاهرة ثقافية تعمل على ثقافة القرب، تظاهرة تولد من مخابر تنجز طيلة العام، تظاهرة قارة اساسها شباب مبدع واطفال حالمين امنوا بالفنون من المختبرات تولد العروض قبل تقديمها الى المتفرج، مهرجان نجح في استقطاب الجماهير وهو ما عجزت عنه ساحات فنون وزارة الثقافة، مهرجان جمع شتات ابناء الاحياء الشعبية لمدة اعوام واثبت ان ثقافة الحياة ممكنة متى توفرت الارادة والفعل الثقافي غير مرتبط بوعود الوزراء ولا رخامات وزارة الثقافة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115