مهرجان ليالي الصالحية في مركز الاتصال الثقافي: عرض «ديسلكسي» يكتب إلياذة تمرّد وحلم

جميل أن تكون منفردا ومختلفا والأجمل ان تصنع هويتك الموسيقية وتخالف المسيرة المعتادة وتصنع لنفسك مسارا موسيقيا مختلفا، جميل ان تتمرد على الواقع وتسير ضد التيار لتبدع فوحدهم المبدعون قادرون على التمرد والاختلاف وصنع عالمهم الخاص الجميل، عالم من الحبور

والحب يحملون اليه الجمهور ويدعونه ليشاركهم لحظات من التمرد على الموجود وتحطيم السائد والمشاركة في البديل.
البديل هذه المرة موسيقي، عالم خاص شيده محمود التركي وسماه « ديسلكسي»، من اسم مرض القراءة اشتق اسم لعالمه الخاص عالم اراده متميز ومختلف عالم اثثه ناي محمد بن صالح و قيثارة محمد انيس ميساوي و ايقاعات عزيز بلهادي وكلافيي الياس الملايكي ، عالم ميزته نوتة مختلفة، ايقاع متمرد تقوده بانجو محمود التركي.

لنا الموسيقى لننسى الواقع
في مكان جد مختلف، مكان يعبــــق حضارة وتاريـــخ، فضاء اجتمع به كبار كتاب وصحفي تونس، اجتمــع الجمهور لحضـور عــرض ديسلكســي، الكل يسال عن العنوان ونوعية الموسيقى التي ستقدم، القمر توسط المكان ليضيئه ويزيده جمالا والقا، خمسة آلات توزعت على الرّكح الابيض الصغيـــر، الناي في اقصى اليمين و»القيثارة» في اقصى اليسار ثم «الكلافيي» و «الايقاعـــــات» وتوسطــت الرّكح سيدة العرض الة «البانجو»، تنطلق الموسيقى هادئة رقيقة وكأنها تكتب شيفرات حب وأمل يداعب محمود التركي الته بهدوء فتجيبه بنغمات رقيقة ومميزة، موسيقى الة البانجو الهادئة تماهت معها نغمات الناي الحزينة فشكلوا مقطوعة رقيقة سموها حنين ، حنين الى الحب حنين الى الامل حنين الى الوطن والى الموسيقى، حنين كانت اولى المقطوعات التي استهلت بها المجموعة العرض حنين سحر من البداية جمهور ليالي الصالحية.

تندفع النغمات رقيقة من قلب البانجو تلك الالة الافريقية الاصل فالبانجو Banjo آلة موسيقية وترية، ويتكون جسمه من طبلة صغيرة من جلد حيواني أو بلاستيك رقيق مشدود حول إطار دائري أشبه بالدف وغالباً ما يكون معدنياً متصلاً برقبة أو زند على شكل ضلع طويل تمر فوقها أوتار موصلة بمفاتيح شد داخل علبة الملاوي، استعملت اولا في موسيقى البلوز ثم اصبحت جزء لا يتجزأ من موسيقى الامازيغ ومحمود التركي ابدع في توظيفها في عرضه ديسلكسي، عرض يجعلك تتساءل كما تسال المسعدي لماذا نحب الموسيقى؟ وتجيب نحبها لما تحمله في تضاعيفها من آمال وذكريات ومشاعر عزيزة يمكن استعادتها بلمسة وتر. وللموسيقى قدرة على تلطيف الوحوش والمتوحشين على السواء.

يتماهى الناي والبانجو يقدمان مقطوعة هادئة نغماتها رقيقة وموسيقاها مميزة موسيقى تصطحبك في رحلة الى عالم سرمدي مختلف عالم سيدته الموسيقى والنوتة الكلمة الحلوة، للحب غنّوا، للعشق والأمل صنعوا تراتيلهم وقدموا اكليل من بذور العشق والجمال، عنوان الاغنية الثانية «كايني»، يقول فيها «كايني قطرة ماء وسط بحر شايح، نسكت في الموجه قاعدة تقول في الفضايح»، اغنية كلماتها ناقدة موسيقاها هادرة وقوية وكانها تعبيرة عن الرفض.

يتواصل الحلم مع موسيقى البانجو، يتواصل الامل مع مقطوعات يقدمها شباب امن بالموسيقى والفن والحلم. فالموسيقى هي وسيط بين العالمين الروحاني والمادي. وهي صوت الوجود المتسق الأنغام والانعطافات. إنها همس العوالم غير المنظورة. وهي وتر ونغمة في القيثارة الإلهية التي سيردد الكون بأسره يوماً ما لحنها المذيب..

الفنان ناقد أو لا يكون
اختار ان يكون متمردا واختار ان تكون موسيقاه مخالفة للموجود، الفنان محمود التركي اراد وضع لمسة فنية خاصة به موسيقى تميزه عن غيره، واختار النقد والسخرية من الواقع وبطريقة كاريكاتورية جميلة ناقدة ومضحكة غنى «هيبة الدولة» اغنية من كلمات الشاعر احمد شاكر بن ضية ، « يا هيبة الدولة سامحني كان كلامي جرح احساسك، اغفرلي ذنبي»، اغنية تكون مطيتها الة الايقاع تلك الالة المجنونة ليصور مشهد اعتذار مواطن من هيبة الدولة، مواطن يعترف بذنبه في المشاركة في الثورة ويطلب الغفران من هيبة الدولة، صورة كاريكاتورية عن الوطن والمواطن، عن الامني والثائر، عن صاحب لحق والجلاد، صورة ابدع في تجسيدها الفنان بالموسيقى، فنان له صوت قوي كما غضب الارواح الملتهبة للحرية.

سؤال الهوية؟
«من انا؟ لماذا اخترت الموسيقى؟ هل اخترت ان اكون موسيقي؟ ما الذي ساقدمه؟ هل ساقدم الموسيقى الكلاسيكية ام الغربية ام التراث؟ هل ساغني صباح فخري وزياد غرسة والمالوف واختتمها بالفزاني؟» هكذا يتساءل الفنان كلما جلس اما مرآته باحثا عن نفسه وهويته الموسيقية.

من «ديسلكسي» او مرض القراءة اشتق الفنان اسم عرضه، فالفنان كما الطفل، ذاك الطفل الذكي يجد نفسه عاجزا عن الفهم والقراءة بسبب مرض «ديسلكسي» كذلك الفنان مبدع وذكي يجد نفسه عاجزا عن فهم واقعه بسبب انعدام الهوية الموسيقية.
تتسابق الالات وتتلاحم النغمات حد التماهي ينخرط الناي في سباق مع البانجو وهناك تسابق الكلافيي نغمات القيثارة ويعاندان جنون الإيقاعات لا تفهم النوتة ولا اللحن تشعر انه مزيج من النغمات المختلفة جمعها الفنان في مقطوعة واحدة سمّاها « مانعرش»، مقطوعة موسيقية وأغنية عن الموسيقي في تونس عن الفنان الذي فقد هويته وانخرط في تقديم اغان ربما لا تمثله ولكنها مطلوبة في السوق اغان قد تكون ليبية او شرقية او خليجية او فزاني كل ذلك ليس مهما مادام يطلبها الجمهور اما ما الذي يريده الفنان فتلك مسالة غير مطروحة، بطريقة كاريكاتورية ساخرة نقد محمود التركي حال الفنان وغياب الهوية الموسيقية لدى الكثيرين، بأغنية تماهت فيها كل الايقاعات كان الموعد مع النقد والبحث عن الذات والهوية.
في ديسلكسي بدا الفنان مختلفا متمردا مغردا خارج السرب عاشق للفن ولموسيقاه حالم يريد ان يرسم تباشير حلمه بطريقته الخاصة ليكون العرض الياذة تمرد وحلم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115