افتتاح تظاهرة حومتنا فنانة: حين يغني ياسر الجرادي وتجيبه المدافع ان تحيا تونس

حومتنا فنانة، حومتنا تغني للحياة تغني للحب وتغني للطفولة، هنا يمكن ان نجتمع نتناقش نغني نرقص دون خوف او وجل، هنا امام الفضاء لكم مساحة من الحرية لتعانقوا بشوق كل الفنون فانتم خلقتم لتكونوا

مبدعين ووجود مسار هنا هو مطيتكم للحرية والفن البديل هكذا قالت احدى العجائز في حديثها عن تظاهرة «حومتنا فنانة» في دورتها السادسة.

حومتنا فنانة تظاهرة ثقافية سنوية بلغت من العمر ست سنوات ينظمها فضاء مسار الثقافي، شعار هذه الدورة «الثقافة للجميع»، فهناك يكفي ان تصطحب صغيرك وكرسيك للاستمتاع بعروض موسيقية ومسرحية وسينمائية وأضاءت الشمعة الاولى العروض الايقاعية مع ماما افريكا وياسر الجرادي ومدافع القيروان.

افريقيا تشع من شمالها
ايقاعات صاخبة، اربعة عازفين تحلقوا حول الطبول الكبيرة، يضربونها لتصدر اصواتا وكأنها نداءات الحرية ، بموسيقاهم اخذوا جمهور حومة بالدوف الى جولة في ربوع القارة الافريقية، جولة في الادغال لاكتشاف بعض كنوز القارة السمراء المجهولة، غنوا اغانيهم التقليدية، اغان تفاعل معها الجمهور وان لم يفهم معنى الكلمات فوحدها الموسيقى قادرة على كسر حاجز اللغة والهوية والدين والعرق واللّون، مجموعة ماما افريكا كان لها شرف افتتاح الجزء الاول من سهرة الايقاعات، اربعتهم عزفوا بجنون ودعوا الجمهور الى مصاحبتهم في الرقص، تمايلوا مع طبولهم وكأنهم يغازلون حبيباتهم.

ترتفع النغمات ومعها ضربات العازفين المجنونة لتكون الموسيقى صاخبة ويصبح صخبها اشد قوة من صخب الاحياء الشعبية في ليالي رمضان، تلك الالة الكبيرة الطبل سحرت الجمهور في فضاء مسار،

ويعتبر الطبل آلة قديمة فهو معروف منذ عام 6000 قبل الميلاد وكان للطبل أو بعض أنواعه منزلة كبرى عند قدماء السومريين والبابليين في بيوت الحكمة وفي الهياكل الدينية وكان صوت الطبل الكبير بالاق يعني دعوة الآلهة لأن يفرض هيبته على سكان الأرض لكي يسمعوا صوته ويخشعوا لسماعه لأنه الملهم لسائر أعمال الخير وكانوا يخصصون للطبل الكبير المقدس الذي لا يفارق الهيكل حارساً برتبة كاهن عظيم حتى أن لقب حارس الطبل المقدس كان يعتبر من أهم الألقاب، وفي افتتاح حومتنا فنانة كانت مجموعة ماما افريكا حارسة موسيقى الطبل المقدسة، الهبت شعلة امل لا تنطفئ شعلته وكأنها من نفحات زيوس ألاه الشمس لا تنطفئ مطلقا كما رغبة الحياة عند المشرفين على فضاء مسار الذين تمسكوا بحقهم في الابداع وحق ابناء الاحياء الشعبية في الثقافة رغم قلة الدعم والمشاكل التي تعانيها الفضاءات الثقافية الخاصة.

بعد ايقاعات ماما افريقيا كان اللقاء مع ايقاعات شمال افريقيا ايقاعات من قلب تونس ونبضها، مجموعة من الاطفال عزفوا وابدعوا، عزفوا على «الدربوكة الصغيرة» وهي في اللغة السومرية القديمة أُب( بضم الهمزة) وفي اللغة الأكادية السامية أوبو أو أبو وإذا أضيفت للاسم لفظة تور وتعني في اللغة السومرية صغير وأصبحت كلمة أوب تور أي الطبل الصغير أو الدربوكة، وامام مسار اتيحت الفرصة لابناء المركز المندمج بسكرة و دوار هيشر ليشاركوا في افتتاح حومتنا فنانة ويقدموا مجموعة من المقطوعات الايقاعية التونسية قوامها الدربوكة وزادها اطفال يريدوا ان يصنعوا حلمهم بالموسيقى.

ياسر الجرادي.. .ياسر فن وصدق
من الموسيقى الصاخبة الى موسيقى اكثر هدوءا، ومن جنون الطبل الى هدوء القيثارة مع فنان هو صديق الجميع صديق البسطاء والمهمشين يغني لهم ويشاركهم فرحهم وحلمهم، اينما تجولت في كامل تراب الجمهورية وجدته رفقة قيثارته، يلبي نداءات كل جهات تونس فتونس «كلّ لا يتجزّا» كما يقول ياسر الجرادي.

ياسر الجرادي، فنان متعدد المواهب، يغني ويحلم صحبة قيثارته المميزة، يحملها متجولا في ربوع تونس من شمالها الى جنوبها، ينطلق ناثرا خلفه سحر الكلمات ورقة الألحان يغني للحب، للوطن، للشهداء، لتونس وللحلم، وفي مسار غنى اغنيته الساحرة التي اثرت كثيرا في الشباب الثائر بعيد الثورة :نرجعلك ديما ديما» اغنية يحفظها الاطفال ورددوها في مسار وشاركوا الفنان نشوته.

ياسر الجرادي سبق أن رثى شهيد تونس شكري بلعيد في اغنية «نسمع فيك» اغنية هي الاخرى لها سحرها وكلماتها الرقيقة، ياسر الجرادي قادر على شد انتباه لمتفرج له حضور ركحي مميز ولموسيقاه طعم الحلوى عند الاطفال.

في البطحاء غنى ياسر الجرادي وفي الشارع ابدع وهو صديق الشوارع ويكره الجدران المغلقة، ياسر الجرادي يقول عن حبه وتعلقه بفنون الشارع « نحن لا نصنعُ موسيقى الشارع، الشارع بكلّ تناقضاته وأحلامه هو من يصنع موسيقانا، . تنجح موسيقى الشارع في استيطان القلوب والذاكرة، لأنها حقيقية وليست مزيفة" وامام جمهور حومتنا فنانة كان الفنان جدا صادقا مع موسيقاه وجمهوره.

مدافع القيروان... حين تتحول النفايات إلى موسيقى
علمونا ان صوت الايقاع مقلق ودويه هادر علمونا انه يشبه صوت فرقعات المدافع وأصوات ارصاص ولم يعلمونا انه رقيق ساحر لانه صوت الموج وصوت الماء علمونا ان الايقاع مؤثث للعروض الموسيقية ولم يعلمونا ان الايقاع اساس العرض ودونه لا يستقيم، علمونا ان المدافع تستعمل للحرب وفي رمضان تعلن عن توقيت الافطار ولم يعلمونا ان المدافع عنوان للموسيقى وموسيقاها مختلفة متى كانت بيد فنان وفي بطحاء مسار كان الموعد مع مدافع الفن بالقيروان.

«مدافع الفن» بالقيروان مجموعة موسيقية اساسها الايقاع والآلات الايقاعية مجموعة يشرف عليها الفنان شكري العياري وميزتها ان الاتهم ولدت من رحم النفايات، كل النفايات تمت رسكلتها لصناعة آلات موسيقية آلات تحدثت باسم الحب والفن وقدمت صورة عن الموروث الموسيقي لجهة القيروان، موسيقى جمعت الصوفي والبدوي وأنماط مختلفة اثثت افتتاح حومتنا فنانة وأثبتت ان جهات تونس غنية وشبابها مبدع متى سنحت له الفرصة.

مجموعة «مدافع بالقيروان»، لاسمها سحره الخاص ولموسيقاها ايضا ميزتها الخاصة، مجموعة من الشباب امن بقدرة الموسيقى على التغيير فاتخذها اداته للحياة، شباب لم تعجزه المادة عن الحلم ولم يقيده البعد عن المركز من الإبداع ابدعوا وحطموا مركزية الثقافة وفي فضاء بديل اثبتوا ان الشباب التونسي قادر على صناعة الحلم.

أشعت ايقاعات ماما افريكا فقابلتها سحر كلمات ياسر الجرادي وصاحبتهم مدافع القيروان في رحلة موسيقية جابت ربوع القيروان ومعتمدياتها وأنماطها المختلفة، سهرة افتتاح حومتنا فنانة كانت بطعم الانسانية والحلم سهرة اختلفت فيها الانتماءات وكانت الموسيقى عنوان للوحدة حطمت كل الحواجز وبقي الحلم والثقافة للجميع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115