افتتاح مهرجان ليالي الصالحية: الموسيقى هي الحب يبحث عن كلمة ...

لك ان تحلم ان رمت الحلم، لكن ان ترحل مع النوتة والايقاع وتذهب بعيدا حيث تنتفي كل الحواجز اين تكون الموسيقى سيدة المكان والمقام فالموسيقى هي وسيط بين العالمين الروحاني والمادي. وهي صوت الوجود المتسق الأنغام والانعطافات. إنها همس العوالم غير المنظورة.

وهي وتر ونغمة في القيثارة الإلهية التي سيردد الكون بأسره يوماً ما لحنها المذيب.كما يقول المسعدي ، لك ان تتامل جمال المكان وسحره وتستنشق عبق المدينة العتيقة في ليلة صيفية جميلة، لك ان تتماهى مع القانون والكمان وتغازل العود وتتامل الناي لك ان تستمتع بأصوات عذبة تمتعك وتشد اذنك فتسافر مع الموسيقى في افتتاح الدورة الثانية لليالي الصالحية.
ليالي الصالحية مهرجان رمضاني يحتضن فعالياته المركز الوطني للاتصال الثقافي افتتح المهرجان في دورته الثانية مساء الاربعاء 7 جوان وكانت شارة البداية مع مجموعة «نغم» لمحمد عبيد.

متعة مع أغاني الزمن الجميل.

في بهو «المدرسة الصالحية» كما كانت تسمى سابقا كان اللقاء والسفر مع الموسيقى الجميلة، موسيقى لها سحرها فهي حديث الروح وشجن الحلم ورمز السلم والتسامح، في المدينة العتيقة تلك التي تزدان بعطور مختلفة في شهر رمضان وتتباين فيها الموسيقات كان الموعد مع نغم لمحمد عبيد، عازف الكمنجة ومن مؤسسي المعهد العالي للموسيقى بتونس وكان قائد الفرقة الوطنية لسنوات كما انه كان مدير قسم الدراسات بكلية الفنون الجميلة بالبصرة العراق.

و مجموعة نغم هي نغم الجمال والحلم نغم الاغاني القديمة والزمان الحلو نغم فيروزيات وعبد الوهاب وعبد الحليم فالموسيقى لا تعترف لا بالحدود الجغرافية ولا الزمانية فهي قادرة على تحطيم كل اصنام الامكنة المغلقة.

هناك كان اللقاء مع اغاني الخالدين فهؤلاء الأقطاب كانوا سابقين لعصرهم بمئات السنين ولذلك حافظت أعمالهم على روعتها، ولا زال محبو الموسيقى يدرسونها ويطربون لها، محاولين فهم ما تنطوي عليه من معان وأبعاد معنوية ارتبطت ارتباطاً وثيقا بشخوص هؤلاء الأفذاذ الذين تمكنوا من تجسيد ما سمعوه وما رأوه وما أحسوا به في مقاطع من النغم تسمو بكل من يتذوقها ويتفاعل معها إلى مستويات أقل ما يقال أنها من غير هذا العالم كما يقول محمود المسعدي عنهم.

في بهو المركز الوطني للاتصال الثقافي استمتع الجمهور باغاني «ليلة الوداع» اداها الحبيب حويج لمحمد عبد الوهاب و غنى حسين النوري «الى تعدى وفات» و غنت ريمة القمودي دار الفنا و قدموا «قولولو الحقيقة» لعبد الحليم حافظ ، اغان يحفظها الجمهور تفاعل معها وتجول من خللها في رحلة موسيقية مميزة.

في حديث الآلات يكون الجمال
اينما وليت وجهك وجدت بعض تعاليم الحلم وترتيلة الجمال، زينة المركز والغرافيتي الذي ازدانت به الحيطان، الى يسراك راقصة الفلامنكو بثوبها الحمر الساحر، الى جانبها قارئة الكتب منهمكة في التهام تعاليم كتاب، ثم الرسام يحمل اقلامه ليلون السواد ويجعله بياضا ناصعا وأملا متجددا فالمغني يصدح بصوته الرقيق، لكل باب كتابته الخاصة وقولة مميزة لكبار المبدعين التونسيين، الفارسي والدوعاجي ومحمد قلبي والشابي وأولاد احمد جميعهم حضروا ربما غابت اجسادهم ولكن ماخلّفوه من ابداع زين المكان.
وتوسط المكان مجموعة من الالات الموسيقية كانت مطية السفر، بداية الحفل كان من تركيا مع مقطوعة «فرح فزان» يتحدث القانون بصوته الرقيق، موسيقاه وكانها صوت مناجاة العاشق لمعشوقته هادئة تنساب رقيقة تمتع القلب وتشجي الاذن وتصفي الذهن والتفكير فالموسيقى تخاطب روحي وتستجمع شتات أفكاري وتطرب مسمعي وتجدد عقلي وتملأ قلبي بالحب وعقلي بالأفكار النافعة النقية .
و كلما كانت الموسيقى عذبة في أذني كلما انسابت الحقيقة نقية صافية إلى عقلي» كما يقول احد الادباء.

من القانون الى الة جد استثنائية عرفت بقدرتها على نقل كل انفعالات الانسان الة الكمان كانت مطية لعزف مقطوعة يا والدي، مقطوعة حزينة وموسيقاها رقيقة وكانها رسالة اعتراف ابن بفضل والده عليه، رسالة اعتراف موسيقية جميلة.
من تركيا الى العراق ومقطوعة جبلية الروح والهوى، معزوفة اتحدت فيها الكمنجات ومعها الفنانين وغنوا «العذارى البائسات» مقطوعة برائحة دجلة والفرات، مقطوعة تعطرت بعطر بغداد والبصرة والعلم والادب وحدثت الجمهور عن حضارة ألاف السنين مقطوعة قادتها الة العود بموسيقاها المميزة، ينقر عازف العود على عوده لتخرج منه النغمات رقيقة كما ضحكة فتاة جميلة، تتهادى الموسيقى وكانها ترحل الى نهر دجلة هناك اين تعانق النخيل السماء وكأننا بقولة الشاعر:
والنخل حول النهر مثل عرائس نصت غدائرها على غدران
والطلع من طرب يشق ثيابــه متنشرا كتنشر الجـــــذلان

من ارض بابل الى تركيا مجددا ومقطوعة وتر القلب، مقطوعة تتمرد فيها الة الكمنان عن المالوف، يتخلى العازفون على الوتر ويعزفون دونه فتكون النغمات صاخبة ثائرة، موسيقى وكانها الوحي اليست الموسيقى وَحْيٌ يعلو على كل الحِكم و الفلسفات» كما يقول بيتهوفن.
من العراق الى تونس، واختتام الحفل بمقطوعة اسمها استفتتاح، مقطوعة تونسية كانت السيادة فيها لآلة الناي، صوت حزين متقطع وكأنه صوت نزار قباني في قوله «انا تونس الجميلة جئتك عاشقا، وعلى جبيني وردة وكتاب»، ومع موسيقى الناي يسدل ستار اليوم الاول من مهرجان ليالي الصالحية.

ليلة عنوانها الجمال والسفر مع النغم الحلو والموسيقى الرقيقة، سهرة حالمة اثثتها مجموعة محمد عبيد امتعت جمهور المركز الوطني للاتصال الثقافي في اولى لياليه الرمضانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115