فضاء وليد سيكون حاضنة للإبداع والنقاش والتشارك في مقومات الجمال والحلم و النجاح والكفاح، يشرف عليه مخرج شاب هو عبد الفتاح الكامل شاب يكافح عملا بمقولة انشتاين « لا تكافح من اجل النجاح، بل كافح من اجل القيمة» وفضاء اضواء المدينة سيكون قنديلا ينير مدينة المزونة.
أرضنا ليست بعاقر...فقط فلنعانق الحلم
ايام قليلة تفصل مدينة المزونة من ولاية سيدي بوزيد عن الاحتفال بولادة الحلم، حلم ظل يتشكل منذ عامين تقريبا وحان وقت بزوغ شمسه، فضاء اضواء المدينة لعبد الفتاح كامل وجمعية اضواء المدينة بالمزونة هو اول فضاء ثقافي خاص في ولاية سيدي بوزيد، وفي تصريح للمغرب اشار المخرج عبد الفتاح كامل ان الفضاء اساسا كان مقر التجمع الدستوري الديمقراطي وقد تمكنت الجمعية من الحصول على ترخيص من البلدية لتحويله الى فضاء ثقافي، ومنذ عامين انطلقت اشغال التهيئة والتجهيز والترميم والإصلاح بمجهودات ابناء الجمعية ومن اموالهم الخاصة ومساعدات المواطنين الذين هبوا لنجدة الحلم والوقوف الى جانب الحالمين بمشروعهم.
منذ عامين والأشغال تصيــر والحلـم يزهر تدريجيا، ذاك الفضــاء المهجور اصبح بفضل ابداعات ابناء الجمعية ورغبة مواطني الجهة فضاء ثقافيا جميلا الالوان والرسومات.
والأجمل تطوع المواطنين والكتّاب لتقديم اصداراتهم واكد عبد الفتاح الكامل انهم قاموا بحملة لجمع الكتب فتحصلوا على اكثر من 1000كتاب، كما بادر مجموعة من الكتاب بإرسال اصداراتهم ومنهم شكري المبخوت و يوسف الصديق والطاهر لبيب وجلول عزونة عن رابطة الكتاب الاحرا، و المندوب الجهوي لسليانة لأنه ابن المدينة.
وعن نشاط الفضاء اشار محدثنا انهم لن يكتفوا بالنوادي بل سينجزون «اقسام ثقافية» ذات طابع نظري وتطبيقي وستعنى بكل انواع الممارسات الفنية، وقبل ان يفتح الفضاء ابوابه انطلق المشرفون في العمل على مشروعين الأول «كرنفال تلّ الزعتر» وتلّ الزعتر هي كنية حي شعبي هو حي الامل سمي بتل الزعتر لانه شهد العديد من الاحتجاجات اثناء الانتفاضة الفلسطينية، الكرنفال سينجزه ابناء الحي، كرنفال تحضر فيه جل الفنون و اواخر شهر جوان سيقدم للجمهور.
أما العرض الثاني فملحمة غنائية موسيقية هذه المرة كوميدية عرض أساسه البحث عن حكواتي في المزونة يحكي الحكاية ثم يجسدونها على الركح باعتماد الكوميدي دي لارتي وغيرها من التقنيات المسرحية والفرجوية.
نحلم رغما عن بيروقراطية الادارة
«ميت هو من يتخلى عن مشروع قبل أن يهم به .. ميت من يخشى أن يطرح الأسئلة حول المواضيع التي يجهلها ومن لا يجيب عندما يُسأل عن أمر يعرفه .. ميت من يجتنب الشغف ولا يجازف باليقين في سبيل اللايقين من أجل أن يطارد أحد أحلامه» هي قولة لبابلو نيرودا يعمل بها عبد الفتاح كامل ورفاقه في جمعية اضواء لمدينة، فلو انتظرنا دعم الادارة لما انجزنا الفضاء على حد تعبيره، واكد محدثنا انه ومنذ ان باشر وزير الثقافة الحالي مهامه ووضع بلاغا للمسرحيين لدعم المراكز الثقافية الخاصة جهزوا ملفا تقنيا وفنيا عن الفضاء ومشاريعه، ولكن البلاغ الغي بعد اقرار مشروع مدن الفنون و «اتصلت بهم مرة اخرى وأرسلت ملفا اخر فكانت الاجابة سنلحقه بالملفات وباش ندرسوه» على حد تعبيره مضيفا انه لو رصد الدعم بعد سنوات من عمل الفضاء فما الفائدة منه، مشيرا ان الوزير الحالي يعمل «في السياسة» و ليس «السياسة الثقافية منوها ببطلان فكرة التمييز الايجابي ولامركزية الثقافة لأنها مجرد شعارات والدليل انهم يعملون منذ عامين ولم تحرك السلطة ساكنا، ولكن بيروقراطية الادارة وبطء السير الاداري لن يعطل احلامهم ولا رغبة الشباب الجامحة في التغيير، رغبة جسدت في شكل لوحات تزين بها الفضاءات وشعارات عن الحياة والمقاومة المستمرة والحلم الابدي بالتغيير واتخاذ الفن وسيلة للحياة وللنضال.
وفي حديثه اشار مخرج «ارض ارض» الى ضرورة ان يكون المثقف عضويا وطلائعيا وصادقا ووجب ان يناضل لافتكاك الحق وزراعة الحلم ولا يقتصر على دعم الدولة لاننا جئنا الى هذا العالم لنحتج كما يقول ماكسيم غوركي ، فكلما كان المثقف صادقا إلا واستطاع ان يمرر قيمتي العمل والتسامح وهما اساس الفعل الثقافي الحر والمتمرد.
في تكامل الخاص والعام اكتمال الابداع
ظهر في الفترة الاخيرة مجموعة من الفضاءات الثقافية الخاصة وهي بادرة مميزة لتنويع النشاط الابداعي ولكن وجب ان لا نقطع مع الفضاء العمومي فالفضاءات الخاصة لا يمكن ان تعوض دور الثقافة على حد تعبير عبد الفتاح الكامل منتقدا سياسة بعض المستشارين بالسعي الى خوصصة القطاع الثقافي واكد محدثنا ان الخاص والعمومي وجب ان يتكاملا لتكتمل صورة الابداع.
«لانويت» جيش الالوان المنظم
هم عشاق اللون، عشاق الأمل عشاق الحياة، جسدوا عشقهم لمدينتهم بالغرافيتي، يسمون بالجيش، جيش منظم يعمل ويتقن عمله، جيش الانويت، المجموعة الفنية التابعية لجمعية انوار المدينة، منذ مدة وهم يلونون جدران الفضاء زينوه بأجمل الشعارات، فهناك يمكن ان تخاطب احمد فؤاد نجم وتتأمل دقة ملامحه، لك ان تحيي الدوعاجي ودرويش وأولاد احمد فجميعهم اجتمعوا في قلب الفضاء الوليد.
مجموعة لانويت، عشقوا المدينة فهاجموا شوارعها يلونونها ويزينونها ويخرجونها من صمتها «صحيح مدينتنا فقيرة، فلتكن جميلة» على حد تعبير عبد الفتاح الكامل صاحب الفضاء وهو مخرج مسرحي خريج المعهد العالي للفن المسرحي بتونس عام 2003 ويباشر التدريس بالاعداديات وشارك في عمل «هلال ونجمة» انتاج مركز الفنون لركحية والدرامية بالكاف واخرج مسرحية «كوردة» انتاج مركز الفنون الركحية بالقيروان، ومسرحية «رحيل» و«أرض أرض» و»احتجاج» وغيرها من الاعمال ذات النفس الناقد.