افتتاح مهرجان الموسيقيين الهواة بمنزل تميم عرض «فلاقة» لنصر الدين الشبلي يصنع الحدث

المغرب: منزل تميم : مفيدة خليل
غنت فتفاعل معها الجميع، صرخت فأنصت الكل صاغرا لعظمتها نادت للحياة فاستجابت المشاعر وهتفت معها ان «تحيا تونس، وتحيا الموسيقى» دعتهم للرقص فلبوا النّداء، دفعتهم للانخراط في مسيرة الحب فأجابوا دون تفكير، ذلك هو تأثير الموسيقى على الروح وتلك

هي قدرة الطبلة حين تكون سيدة العرض.

في عرض فلاّقة كانت الطبلة سيدة الزمان والمكان، لها استجابت الانفس ولموسيقاها كان السمع والطاعة، عاندت الوتر والقيثارة والباص وتمرّدت كما تمرّد فلاقة الجبل، اولئك الذين كانوا عنوانا للشجاعة نجد الموسيقى تؤرخ لشهامتهم في اغنية «فلق يا فلاق ، اطلع الجبالي، نادي يا رفاق ماني براني، نا فلاق زماني».

من فلاقة السلاح الى فلاقة الموسيقى
أحلم غني علّي الصوت، اصرخ للحب وللحياة وللحرية، اجعل الموسيقى آداءك للرحيل ومطيتك للحلم، غنت الطبل فأنصت الجميع وسجد الكل لنغماتها، هكذا هو عرض فلاقة لنصر الدين الشبلي، عرض اساسه الة الطبلة ومعها الدربوكة والبندير.
على الركح اكثر من 15عازفا ايقاع بين البندير والدربوكة والطبل، طبل كبير توسط الركح وعليه شعار «الخمسة» أو «يد فاطمة» التي تستعمل لطرد العين كما تقول أغاني الجدات فثلاثة عازفي قيتارة وثلاث عازفي آلات نفخ مزود وزكرة وناي ثم عازف وتر وعازف قمبري هم جنود نصر الدين الشبلي.

بهم خاض حربه الموسيقية بداية من مهرجان للإيقاع في سوسة فأيام قرطاج الموسيقية ثم العرض الحدث في مهرجان قرطاج الدولي فمهرجان الحمامات وسوسة ولازالت جولة الفلاقة متواصلة ولازال صوت الحياة وإعادة احياء المخزون التراثي التونسي متواصلة.
على الركح يتوزع العازفون بطريقة مميزة هم كالجند امام قائدهم، في الصف الاول عازفو الطبلة والدربوكة وهي الآلات الأساسية في العرض وفي الصف الثاني نجد عازفي الالات الالكترونية وآلات النفخ، البداية كانت مع مقطوعة لدقائق مع الطبلة فقط، يحرك نصر الدين الالات والنغمات كما يريد بيمناه يرسم اشارات وكانها الشيفرات السرية التي يعتمدها الفلاقة في تنقلاتهم، نقرات البندير كانت كأصوات من سكنوا الجبل للدفاع عن تونس، لعدة دقائق استمتع جمهور منزل تميم بصوت الطبلة والحركة الموحدة بين كل العازفين.
فأغنية «فلق يا فلاق» أغنية تتحدث عمن صعدوا الجبل لافتداء الوطن:

«فلق يا فلاق يا طالع الجبال، نادي يا رفاق ماني براني، نا فلاق زماني، صوّب عليّ خاينا، صوّب عليّ سارقنا»
أغنية تكون فيها موسيقى الطبلة كصوت الرصاص ورائحة البارود، وحركات العازفين وكأنها تجسيد للمرات التي سلكها الفلاّقة اثناء تنقلاتهم، على الرّكح حضر الفلاّقة في الاغاني ومن خلال ازياء العازفين أيضا فنصر الدين الشبلي مخرج العرض يلبس زي الفرسان كذلك الفنان محمد العابدي.

في فلاّقة نصر الدين الشبلي غوص في الموروث الموسيقي التونسي وتقديم بعض الاغاني التي يعرفها التونسي بتوزيع جديد مثل «الخمسة الّلي لحقوا بالجرة» و«جدي الريم» لأن عرض فلاقة به 20 ٪ أغان من التراث تمت اعادة توزيعها و80 ٪ أغان جديدة خاصة بالعرض.

لمدة ساعة ونيف كانت الرحلة مع الموسيقى، مع الطبلة ونغماتها القوية اكتشف المتفرج المسالك الشائكة للفلاقة، ومع نغمات الوتر الرقيقة الهادئة عانقوا حبهم للوطن وبموسيقى القيثارة المجنونة شاهدوا جنون الفلاقة اثناء المعارك مع المستعمر، جميعها لوحات قدمها نصر الدين الشبلي بالموسيقى، ففي عرض «فلاقة» اجتمع المزود والقيثارة، تحادثا وتسابقا وتماهت موسيقى الروك مع موسيقى البادية تماه عجيب يؤكد ان الموسيقى لغة تتجاوز كل الحدود.

حين يجتمع «الصنايعي» بالاكاديمي تكون النتيجة الابداع
ماذا لو اتحد «المعلّم» صاحب الصنعة والاكاديمي؟ ما الذي سيثمره اجتماعهما في عمل واحد؟ وهل يمكن للفارق في العمر ان يصنع الخلاف؟ اسئلة عديدة اجاب عنها عرض الفلاقة، لأنه ليس مجرد عرض موسيقي فرجوي يحلو فيه «الشطيح» وانما هو عمل بحثي اساسا في موسيقى التراث انطلق منذ ثلاثة اعوام بين الصنايعي رشيد الماجري صاحب الحنجرة المميزة والصوت القوي والأكاديمي المختص في الايقاع نصر الدين الشبلي.

في فلاّقة يحضر الصنايعي ويوجهه الاكاديمي لقد اتحدا وكونا مجموعة موسيقية مميزة قدمت عرضا استثنائي في كل المهرجانات، فمن يقول عاشور الطياري عازف الزكرة وحميد الباجي عازف البندير وجلال حصان والطاهر ببوشة جميعهم صنايعيّة من أجود ما عرفت الساحة من عازفين وجههم نصر الدين على الركح اكاديميا فقدموا عرض «فلاقة» الساحر.

«فلاقة» عرض تونسي لشاب تونسي اختار الايقاع اختصاصا ، اشتغل على الفن الشعبي التونسي وانكب على الذاكرة الشعبية لتقديمها حتى لا تندثر وتنسى، عمل على موروث تونسي ومن خلاله قدم عرضا مميزا استطاع من خلاله افتكاك التانيت البرنزي في ايام قرطاج الموسيقية ليؤكد ان الفن التونسي والكلمة التونسية تشد الانتباه وتقنع الاذن موسيقيا وفلاقة رمز للموسيقى المميزة، عرض انتفت معه الفوارق العمرية والتكوين الاكاديمي والتجديد والتراث وبقيت فقط الموسيقى لغة واحدة تماهى معها الجميع.

الطرودي صوت يتجاوز حدود القلب
هو ضيف شرف مهرجان منزل تميم، فنان مجنون ومتمرد، عاشق لكل الانماط الموسيقية، احبه الجمهور وأحب طريقته الغريبة في تقديم أغانيه الفنان منير الطرودي المختلف فنان يبهرك بصوته الذي يقارع الجبال ويعاند صداها، صوت مزلزل يشد الانتباه ويخلب القلب والعقل معا.

منير لطرودي الفنان العالمي الذي يغني الجاز والصوفي والروك والمزود وكل الانماط الموسيقية، عاشق الموسيقى لأنها عنوان الحياة.

الطرودي صاحب الصوت الاستثنائي احبه الجمهور في اغنية راكب عالحمراء» التي تتغنى بمناقب مسعود الهذيلي، وهو علامة صوفية حاضرة بقوة في الثقافة التونسية ينحدر من سلالة بني هذيل التي قدمت إلى المغرب العربي قديماً الاغنية قدمها الطرودي في عرض

الزيارة واصبح
مؤخرا انجز عرض طيور ثائرة، أنتجه العام الماضي بالتعاون مع الموسيقار البريطاني “اروان كيرافاك” عازف على آلة ““المزمار”، بالإضافة إلى عازف الطبل الفرنسي ذي الأصول اللبنانية وسيم هلال.
عرض استمد إيقاعاته وألحانا من الإنشاد الصوفي التونسي والموسيقى التراثية البريطانية، فضلا عن الإيقاعات الشرقية، ليغني فيه الطرودي ويقنع الجمهور الرنسي بابداع الفنان التونسي.
وفي منزل تميم غنى لعلي الرياحي، والطرودي فنان كلما قرر ان ينهي الحفل الا وطلب الجمهور المزيد فلصوته وقع الماء الزلال على تائه في الصحراء.

هوامش:

• فقط في منزل تميم يلعبون «السكرابل» ليلا ويرسمون في الساحات العمومية ليلا والسبب تأخر وزير الثقافة ليفتتح ساحة الفنون، ولا يمكن افتتاح الساحات دون «نوفمبريات» يقدمون فيها ان الاطفال مبدعون يرسمون الى حدود ساعات متاخرة ويقدمون مقطوعات مسرحية وغيرها من الفنون مع الاشارة الى ان الصغار مجتمعين في الساحة منذ الزوال ثم تفرقوا واعادوا تجميعهم قبيل قدوم الوزير بدقائق معدودات.

• في افتتاح ساحة الفنون، احدى الفنانات التشكيليات نجدها منكبة منذ المساء ترسم لوحة بقلم الرصاص وحين سالت من ترسمين أجابت «زين العابدين» وتقصد وزير الثقافة، ولما سألها احدهم «مازلت تبطى» أجابته «يشوفها الوزير ونروح ؟».

• في منزل تميم جل المشرفين على الورشات التي قدمت لاستقبال الوزير نجدهم يغادرون المكان بمجرد ان غادر الوزير وموكبه الساحة باتجاه دار الثقافة؟ فأي ثقافة هذه؟ ثقافة «مد وجهك واتصوّر؟».

• احد المرافقين للوزير نجده يحمل معطف الوزير شتاء، ثم يحمل الورود ربيعا اما في افتتاح ساحة الفنون بمنزل تميم فأصبح يبحث عن «الضو» للوزير لعدم وجود انارة في الساحة وكلما تحرك الوفد الا وصاح بالقول «الضو، الضو يعيش خويا الضو».

• حاتم بن عمارة مقدم حفل افتتاح مهرجان الهواة لمنزل تميم اعاد عبارات الشكر لوالي نابل ولمندوب الثقافة بالجهة ولوزير الثقافة اكثر من 20مرة؟ الا تكفي كلمة ترحيب وشكر واحدة؟ وهل حضور الوالي «منّة» و «مزية» كما اعتبرها مقدم الحفل؟ ام هي استحضار لأغنية «خذني الحنين...».

• في منزل تميم فقط تصعد المديرة الى الركح وتغني وتمتع جمهورها بصوتها الجميل دون تحضيرات وتغني «عايروني بيك يا حمة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115