Print this page

المسلك السياحي الجبلي بمطماطة: مخزون تراثي وثقافي يستحق الاكتشاف ...

«كل نهر، وله نبع ومجرى وحياة.. يا صديقي.. أرضنا ليست بعاقر كل أرض، ولها ميلادها.. كل فجر وله موعد ثائر» هكذا قال درويش و مطماطة الجبلية لها جبالها وممراتها وتاريخها وتراثها المادي واللامادي الذي تعمل جمعية صيانة المدينة على تقديمه في شكل مسلك سياحي وثقافي

يقدم مخزون المنطقة ويوفر التنمية للجهة فمطماطة اميرة الجبال هي المنطقة الوسط بين الصحراء والبحر ومنطقة تتوفر فيها العمارة الدينية والفلاحية والدفاعية..

حضر المسلك السياحي و قرر رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد رصد الاموال للمسلك السياحي و اعلن المعهد الوطني التراث عن تخصيص 450الف دينار لانجاز المسلك السياحي ولكن تغيّر رئيس الحكومة وتغيير مدير المعهد الوطني للتراث فضاع الملف في اروقة الادارات التونسية و كلما تغير الوزير الا وارسل له الملف من جديد فمتى ستستجيب السلط ومتى يتم تجاوز عقلية «كل وزير يلغي ما سبق؟».

مطماطة المتحف المفتوح؟
المسلك السياحي الجبلي وضعته جمعية صيانة مدينة مطماطة بالشراكة مع المعهد الوطني للتراث ووزارتي السياحة والثقافة والمسلك يتكون من 11نقطة وهي:
البداية من «مدخل مطماطة» الموجود في الجبل، ثم «عين القطّار» وهي عين ماء توجد في عمق 20 مترا في الجبل هيّأها الفرنسيون وكانت المصدر الوحيد للري في مطاطة صحيح أنها نضبت لكن مازال فيها القليل من الماء ويمكن تهيئتها لتعود الى سالف عهدها.
النقطة الثالثة هي «زاوية سيدي موسى الجمني» وهي معلم ديني وفرع من فروع الزيتونة، به 470 مخطوطا، ويريدون تحويله الى مكتبة عمومية ولم لا تتم رقمنة المخطوطات لتكون زادا معرفيا للأجيال.

النقطة الرابعة هي «دار كواست» وقد كانت قبلة للرحل الذين يعبرون مطماطة في اتجاه الشرق القريب مثل مدنين والبعيد ليبيا فمكة للحج ، هي مكان اقامة يوفر كل سبل الراحة للرحل وهي مقصد المارة، وكواست يرادفها بالعربية المقصد وهي موجودة في اعلى الجبل و تسمع ب champ visuel يصل الى 80كلم على حد تعبير عبد الرحمان لشهب رئيس جمعية صيانة مدينة مطماطة.

تتواصل الجولة في المسلك السياحي وتكون النقطة الخامسة هي «المعلم اليهودي» أو المصلى الذي نريده ان يكون مقرا لجمعية صيانة المدينة معلم يكشف التسامح الذي تمثله مطماطة ففيها الجامع والكنيسة والمصلى اليهودي.
فـ«زاوية بن عيسى» وهي مقسمة الى نصفين، نصف تحت الارض «منازل الحفر» ونصف اخر فوق الارض.
والنقطة السابعة «جامع أولاد عبد الله» وهو أقدم الجوامع الموجودة في مطماطة وهو محفور تحت الارض.

ثم «دار حليمة» اختيرت كأنموذج لمنازل الحفر، ولأن مطماطة قرية جبلية لا يمكن فيها تجاوز القصور الجبلية وخاصة «قصر زقرارين» و«قصر بني عيسى» ويوجدان في الجهة الغربية للمطماطة.
جميع هذه النقاط تمثل المسلك السياحي الجبلي وقد انجزت دراسة المسلك السياحي الجبلي بالشراكة بين جمعية صيانة المدينة والمعهد الوطني للتراث ووزارتي السياحة والثقافة، وفي العام 2015 تم رصد ميزانية بمليارين و600 الف دينار لفائدة مشاريع المعهد الوطني للتراث وبرامجه ومنها المسلك السياحي الذي تم قبوله وإدراجه ضمن المخطط الخماسي للحكومة ومن هذه الميزانية تم اقرار 450الف دينار لمطماطة ولكن لازال القرار حبر على ورق، ولازلنا ننتظر ان تنفّذ القرارات؟ ومازلنا ننتظر ان تتحرك السلط الجهوية والوطنية لتطبيق ما سبق اقراره؟ وهل بتغيير صاحب القرار تضيع القرارات في وطني؟.

«نحبوا نخدموا...أما الادارة معطلتنا؟»
«مشروعنا جاهز، والأموال مرصودة ولكننا ننتظر متى تصرف لنبدأ العمل على المسلك السياحي» هكذا تحدث عبد الرحمان لشهب وأضاف محدثنا انه بعد ان تم رصد 450 الف دينار فقط قلّصوا من النقاط التي سيتم التدخل لفائدتها من 11 نقطة الى 5نقاط فقط هي «مدخل مطماطة» و «عين القطّار» و»المصلى اليهودي» و»مدرسة سيدي موسى» و»دار كواست» واجتمعنا مع السلط الجهوية و لكن لم ترصد الاموال الى اليوم بسبب اللخبطة الادارية وعدم وجود تسلسل في الادارة التونسية، رئيس حكومة يمضي اتفاقية فيأتي خلفه وتنسى الاتفاقية، وزير يقرر قرارا فياتي وزير اخر ليسقط قرارات من سبقه.
و للإشارة فقد اتصلت بنا سفارة امريكا لتقدم 15-الف دينار لإعادة ترميم المصلى اليهودي وكذلك الجالية اليهودية بجربة ولكننا نريد أن تكون الدولة التونسية هي المشرف الاول على الترميم، فالمعلم تراث وطني ونريده ان يظل كذلك لا نريد اي طرف اخر فهل ستستجيب لنا دولتنا؟

توفير مواطن شغل انطلاقا من التراث المادي واللامادي
مطماطة القرية الجبلية الهادئة التي بها اليوم 4000 ساكن فقط، مدينة تفتقر الى مقومات الحياة فلا وجود لإدارة للستاغ او الصوناد او الفلاحة، ما يوجد هي فقط خلايا تابعة لإدارات تعود بالنظر الى معتمدية مجاورة، ولا نريد لمطماطة أن يهجرها سكانها كما هو الحال في عدد من القرى الجبلية المجاورة التي اصبح بها صفر ساكن اليوم مثل حفصة و تيجين وبني ظافر، «نحنا قاعدين نموتوا، وين يحبوا يوصلوا» على حد قول احد المنخرطين في جمعية صيانة المدينة؟.

وبالعودة الى المسلك السياحي الجبلي وسؤال «هل سيوفر المسلك مواطن شغل؟» اجاب عبد الرحمان لشهب ان المسلك سيوفر مواطن الشغل انطلاقا من العامل البسيط الى المستثمر صاحب رؤوس الاموال لأن الهدف الاساسي لجمعية الصيانة هو البحث عن موارد للتنمية انطلاقا من التراث المادي واللامادي للجهة.

وحسب المسلك الموضوع قدم محدثنا مثالا عن كيفية استفادة ابناء الجهة من المسلك فانطلاقا من مدخل مطماطة سيوضع منظار الكتروني يمسح 70كلم او اكثر، لمدة دقيقتين مقابل دينارمن المليمات، حين يقبل وفد من الزوار ونفترض ان عددهم 20 من سيشاهد المنظار اولا سينتظره البقية لعشرين دقيقة، وتلك المسحة الزمنية سيحتاج فيها السائح للماء والمقهى والمأكل والجمال للتنزه والصناعات التقليدية وجميعها موارد شغل ستكون مقننة ومنظمة.

المرحلة الثانية هي عين القطّار تبعد 700 متر عن الدخل وستكون الجمال وسيلة النقل لزيارة العين وجولة في عمق الجبل، حينها ستعود الجمال الى العمل فمطماطة بعد ان كانت تضم اكثر من 40 جمل نجدها اليوم تقتصر على اربعة جمال، الجمال ستضمن للسائح منظر طبيعي ساحر داخل الجبل وتضمن للعامل رزقه.

نمر في مرحلة ثالثة الى القصور بين قصر زقرارين وبني عيسى مسافة 4كيلومترات، علوّ 300 متر على سطح الارض ستكون وسيلة التنقل الاولى المنطاد وبذلك نخلق نوعية جديدة من السياحة والمناطيد تنزل في منتصف الطريق والبقية إمّا عن طريق «الكواد» او الخيل والجمال ثم العودة الى المدخل .

ثم نمر الى المرحلة التي تتطلب اموالا اكثر وتتطلب رؤوس الاموال وهي قطار في الجبل من القصور الى مدخل مطماطة، من يقول هذامستحيل فهو واه فان توفر الموارد المالية والمستثمرين يمكّن من انجاز قطار في الجبل تماما كالموجود في مدن الالعاب اليست هناك سكة حديدية في شكل عجلات تدور، ومن يقول هذا مستحيل سنقول له أن أبو ظبي كانت صحراء قاحلة فكيف هي اليوم؟.

وحين تتوفر كل هذه المقومات لن تكون مطماطة منطقة عبور فزيارة المسلك السياحي كاملا يتطلب 3ايام وبالتالي سيقيم السائح ليومين في مطماطة وبذلك تصبح هناك سياحة الاقامة، المسلك السياحي جاهز فقط ننتظر اعتراف الدولة به وتحديدا وزارة السياحة لتدرجه ضمن خارطة رحلات الديوان الوطني للسياحة ويوضع ضمن استراتيجية عملها. فهل ستستجيب الادارة وهل ستصرف الاموال لبداية العمل في انتظار ان تتحرك عجلة الاستثمار؟

المشروع مشاريع...
المسلك السياحي الجبلي في مطماطة في مرحلة اولى سيقتصر على مدينة مطماطة، اما في مرحلة ثانية فسينفتح على بقية القرى الجبلية وفي ندوة علمية قدمت ضمن فعاليات مهرجان مطماطة الدولي اشار المحاضرون إلى الجزء الثاني من المسلك الذي سينطلق من مطار قابس مطماطة الدولي، ثم قرى بني زلطن وواد جير فتوجان فأم الشّيح ثم توشيد فحفصة و تمزرط فالزراوة ثم توجوت فمطماطة والعودة الى المطار، و بالتالي جولة في اكثر من قرية جبلية ولكل قرية مقوماتها التراثية والحضارية التي تختلف عن القرية الاخرى.

اما المرحلة الثالثة من المشروع فتهم كامل ولاية قابس ويكون الانطلاق من مطار قابس مطماطة، فسوق جارة و سيدي بولبابة ثم الشريط الساحلي فمارث وخط مارث العسكري ثم توجان ثم يتوغل السائح إلى حدود مدنين وجولة في قصر غيلان و قصر الحلوف ثم يتوجه الى عمق الصحراء الى بير السلطان تقريبا 300 كلم عمق الصحراء ثم العودة من بير السلطان إلى أم الشيح «قرية جبلية» فالطريق الجبلية الى الحامة فشنني ثم العودة الى قابس.

وأكد رئيس جمعية صيانة مدينة مطماطة ان المسلك السياحي يضم السياحة الجبلية و الشاطئية والصحراوية والاستشفائية ، وهو مشروع ولاية كاملة مؤكدا ان المسلك جاهز فقط ينتظر ان تعترف به السلط وتدرجه ضمن برنامج رحلات الديوان الوطني للسياحة وبرنامج وكالات الأسفار وتعرّف بالمسلك وهو مخزون تراثي وثقافي في ولاية قابس فهي كنز يستحق الاكتشاف ويمكن للسائح ان يقيم في ولاية قابس 15يوما دون ان يكمل زيارة المسلك.

فمتى سيتم اعتراف وزارة السياحة بهذا المشروع؟ وهل ستتحرك ولاية قابس للدفاع عن مشروع سياحي وثقافي وتنموي واقتصادي؟ و لماذا لا يوجد تسلسل اداري في الادارة التونسية ؟ اسئلة عديدة تطرح بخصوص ملف المسلك السياحي الجبلي؟ اسئلة توجه الى وزراء الثقافة والسياحة ومدير المعهد الوطني للتراث؟ اسئلة طرحت منذ عامين ولازالت مطروحة الى حين وجود اجابة عنها؟

المسلك السياحي الجبلي مشروع سياحي وثقافي يعمل على تقديم المخزون التراثي والحضاري للقرى الجبلية وولاية قابس مشروع اعترف به رئيس الحكومة الاسبق الحبيب الصيد و لكن تغير رئيس الحكومة وتغير وزيرا السياحة والثقافة وكل «وزير يقرر والتواصل يجيبو ربي» على حد تعبير رئيس جمعية صيانة المدينة.

المشاركة في هذا المقال